افتتاحية

لبنان يحكمه 24 رئيساً للجمهورية

قال النائب عاصم عراجي لـ «الاسبوع العربي» الالكتروني ان لبنان يحكمه حالياً 24 رئيساً، في ظل الفراغ الذي يسيطر على قصر الرئاسة في بعبدا، ذلك ان القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء، والقاضي بأن يوقع الوزراء الاربعة والعشرون على اي قانون او مرسوم او قرار تتخذه الحكومة والا نام في الادراج، يجعل من اي وزير رئيساً. ومن هنا ترى كل شيء معطلاً في البلد، وحياة المواطنين تحولت الى جحيم لا يطاق. فمؤسسة برأسين لا تزدهر ولا تتطور فكيف بـ 24 رأساً تتنازعهم الخلافات؟
كيفما تجولت في شوارع العاصمة تطالعك صهاريج المياه تسد الطرقات. والغريب كيف ان هذه الصهاريج، على كثرتها، تستطيع ان تؤمن المياه في اي لحظة، وتوصلها الى المنازل، بينما الدولة التي تقبض الرسوم المفروضة بدل تأمين المياه، مع الزيادة التي فرضتها عشوائياً، عاجزة عن ايصال نقطة واحدة. ولكن لا يهم طالما ان الشعب اخرس ابكم لا يتحرك ولا يحتج ولا ينتفض في وجه هذه الحالة المتردية التي وصل اليها.
اما الكهرباء فحدث ولا حرج. وهم بدل ان يبشرونا بان التيار الكهربائي سيتأمن قريباً 24 ساعة على 24 كما سبق ووعدونا، فأنهم ينذروننا بان التيار سينقطع كلياً وسيغرق لبنان في العتمة.
هذه المواضيع سبق لنا ان اثرناها في هذه الزاوية مرات عدة، ولكن الاذان صماء. ونحن نأمل ان تكون في التكرار منفعة، فيدرك المسؤولون الى اي درك اوصلوا الشعب.
وما زاد في الطين بلة هو قطع الطرقات الذي تحول الى لعبة، يتسلى بها كل من له قضية او طلب او حاجة، وهو لا يدري انه بعمله هذا لا يعاقب الحكومة، بل الشعب، فيزيد من مآسيه. فمطلق اي وزير او نائب او مسؤول يمكنه ان يصل الى حيث يريد، وفي اي وقت، ولكن من يتضرر من قطع الطرقات هو الشعب الذي تتعطل اعماله ومصالحه، فلماذا يريد اصحاب القضايا معاقبة الشعب الذي يقف في اكثر الاحيان الى جانبهم؟
فقد اقدم اهالي العسكريين المخطوفين في الاونة الاخيرة الى قطع الطرقات في مناطق كثيرة من لبنان، الامر الذي انعكس على حياة المواطنين دون ان يكون لهذا العمل اي ضرر او تأثير على الحكومة المتربعة سعيداً على كراسي الحكم، ودون ان يخدم العسكريين المخطوفين. فهل هذا المقصود من قطع الطرقات؟
اننا قلباً وقالباً نقف الى جانب الاهالي. فاولادهم اولادنا، وانهم يوم خطفوا لم يكونوا في نزهة، بل كانوا يعرضون حياتهم للخطر دفاعاً عن الوطن. ولكن نقول للاهالي ابحثوا عن العقاب الذي يوجع الحكومة لا الشعب. ونقول للحكومة احزمي امرك واتخذي القرار اللازم لانقاذ العسكريين من الاسر، والا فليذهب الوزراء الى منازلهم لأنهم يثبتون عندها انهم ليسوا اهلاً للحكم.
اننا نطالب هذه الحكومة التي لا تعمل بفعل قرار خاطىء جعل من الوزراء رؤساء على هذا البلد، كما نطالب الحكومات التي ستعقبها، بأن تتخذ قرارات بمنع اقفال الطرقات على اي مكان، وذلك بفرض عقوبات قاسية على كل من يقدم على هذا العمل. فالناس لا دخل لهم، اللهم الا مسؤوليتهم في انتخابهم للمسؤولين، فليكف الجميع عن معاقبتهم.
هذه المآسي التي يعيشها اللبنانيون كان من الممكن ان تكون  اخف وطأة على المواطنين لو كان في سدة الرئاسة رئيس يحكم، ويقوم بواجباته الدستورية. ولكن بعض النواب لا يفكرون بمصلحة البلد، بل بمصالحهم الشخصية ومصالح زعمائهم، فيعطلون منذ حوالي الخمسة اشهر انتخاب رئيس للجمهورية.
هؤلاء النواب لا يخشون الحساب لان الشعب لن يحاسبهم، ولو جرت الانتخابات التشريعية اليوم لاعاد انتخابهم هم انفسهم، وهذا ما يطمئن النواب ويدفعهم الى فعل ما يقومون به.
واكثر من ذلك، انهم يريدون ان يجنبوا انفسهم عناء المعارك الانتخابية. فهم ينشطون هذه الايام وعلى غير عادتهم للتمديد لانفسهم وهذا عمل اذا تم ليس شرعياً ولا دستورياً. فلا شيء يمنع اجراء الانتخابات، وقد سبق للبنان ان مر في حروب ومعارك، وكان الوضع اسوأ مما هو عليه اليوم، ومع ذلك جرت الانتخابات. فلماذا يحجم اليوم عن هذا الاستحقاق الدستوري؟
ان اي مجلس يمدد لنفسه دون مبررات قانونية يصبح غير شرعي. وبالتالي فان اي رئيس للجمهورية سينتخبه سيكون غير شرعي. فهنيئاً للشعب اللبناني بهكذا حكومة وهكذا مجلس نيابي. وهنيئاً للمجلسين الوزراء والنواب بهكذا شعب لا يسمع له صوت.

«الاسبوع العربي»
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق