الاقتصادمفكرة الأسبوع

كيف يحصل داعش على الملايين يومياً؟

على الخط الحدودي بين تركيا وسوريا هناك جانبان متناقضان. ففي الوقت الذي يبدو فيه الجزء الجنوبي من حدود تركيا هادئاً، تمضي الحياة على الطرف الآخر، أي الجزء الشمالي من حدود سوريا، على النقيض تماماً بقتال لا يتوقف يسعى بواسطته تنظيم داعش إلى فرض سطوته على أكثر ما يمكن من القرى وضمها إلى «دولة خلافته» التي يرغب في «بقائها وتمددها».

وفي قرى مثل «بيسسلان» يقوم تنظيم داعش بتحصيل جزء من الأموال التي يحتاجها للإبقاء على دولته وتمديدها. ففيها تجري أكبر عمليات تهريب للنفط تشمل ملايين البراميل.
يستخرج النفط من الآبار وتتم تصفيته في منشآت تكرير استولى عليها مسلحو «داعش» شمال العراق وسوريا وحتى وقت قريب، كان من أسهل ما يكون إدخال النفط إلى تركيا عبر الحدود لا سيما مع ثمنه الزهيد وارتفاعه الكبير في الجزء الآخر من الحدود بما يجعل من شهية الأتراك مفتوحة على هذه السلعة حتى لو كانت من العدو، ويكفي أنه في هاطاي، التي لا تبعد عن هذه القرية سوى نصف ساعة، لا يقل سعر الغالون عن 7،5 دولار.
لكن الفظائع التي بثها التنظيم بنفسه من خلال قطع الرؤوس وغير ذلك، جددت الضغوط القوية عليه وبالتالي ضيّقت من سهولة حصوله على الموارد. فقبل أسبوع فقط، دمّر طيران التحالف منشآت نفطية عدة يسيطر عليها التنظيم بهدف التأثير على موارده المالية.

مليون دولار يومياً
لكن التهريب عبر الحدود ليس سوى مورد واحد من ضمن موارد عدة يعتمد عليها التنظيم للحصول على الأموال. وتعترف وزارة الخزانة الأميركية بأنها لا تملك أرقاما محددة ودقيقة لثروة التنظيم ولكنها تعتقد أن «داعش» يحصل على ملايين عدة من الدولارات يومياً.
وقال مسؤول في وزارة الخزانة «علينا الا ننسى إنفاقهم على الأسلحة والمرتبات وعندما يتعلق الأمر بحجم ما يحصلون عليه فإنّ الترجيحات واسعة ولكنني أعتقد أنهم لا يحصلون على أقل من مليون دولار يومياً».
واعتبر ماثيو ليفيت، مدير برنامج ستين لمكافحة الإرهاب والاستخبارات في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى أن «داعش هو أفضل تنظيم مموّل رأيناه حتى الآن وزيادة على أموال تهريب النفط فإنّ داعش يحصل على هبات من أنصار أثرياء له في دول من ضمنها تركيا وقطر».

نشاط اجرامي
لكنّ ليفيت نبّه أيضاً إلى أن للتنظيم أساليب أخرى أيضاً من أبرزها الجريمة المنظمة داخل الأراضي التي يسيطر عليها لا سيما أنّه نشأ ضمن أوساط العصابات التي ظهرت في العراق المنقسم بما يعيد جذوره إلى مؤسسة إجرامية.
وقال «ينبغي علينا الا نشعر بالمفاجأة. تذكروا أنّ داعش هو ما كان يسمى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وأن القاعدة في العراق وشبكة التوحيد وشبكة الزرقاوي كلها الشيء عينه وأن جميعها كان يتمول ذاتياً بواسطة النشاط الإجرامي المحلي داخل حدود العراق».
وأضاف أنّ داعش ينشط باعتباره مؤسسة صلبة منظمة على الجريمة وهذا يعني أنّه يمكنه طلب المال من أي شخص يوجد في المنطقة التي يسيطر عليها. وعلى كل من يرغب في النشاط الاقتصادي داخل منطقة يسيطر عليها التنظيم فعليه أن يدفع الضرائب وعلى كل شاحنة تستخدم جسراً أو طريقاً سريعاً توجد في منطقة يسيطر عليها مسلحو التنظيم، أن تدفع مبلغاً معلوماً لذلك. وتشير التقارير إلى أنّ السكان القاطنين تلك المناطق يدفعون عملياً على كل شيء.
وقال «هناك تقارير تشير إلى أن كل من يرغب من سكان الموصل سحب أمواله من البنك، مطالب بأن «يتبرع» بشيء من ذلك المبلغ للتنظيم. لذلك فإنّ سيطرة التنظيم على أراض هو ما منحه فرصة اتباع هذا الأسلوب على خلاف تنظيم القاعدة الذي لم يفرض سطوته على أراض من قبل. والأمر يتعلق بالتقليد المغرق في القدم والذي يلخص مفهوم الغزو وفرض السطوة. فما تأخذه هو ما تملكه».

نهب المصارف وفرض الضرائب
وقال المدير التنفيذي لمؤسسة «قوة الطوارىء السورية» في واشنطن معاذ مصطفى إن مظاهر غياب القانون والفراغ التي أعقبت انسحاب القوات الأميركية، سهّلت لداعش مهمة نهب المصارف وفرض الضرائب بما جعله قادراً الآن على تمويل حربه بصفة مستقلة.
واعتبر مصطفى أن الحل الجذري لن يكون القصف لتدمير المنشآت التي تساعد التنظيم على تمويل نفسه ذاتيا، وإنما ينبغي استعادة الأراضي وإعادة فرض النظام المدني فيها. وضرب مثالاً على ذلك أن التنظيم بات يسيطر في الرقة على محاصيل القمح والقطن.
وأضاف أنّه لو حدث هذا التدخل الأميركي قبل ثلاث سنوات لما ظهر تنظيم داعش وربما أيضا تم القضاء على نظام بشار الأسد. ومع قصف التحالف لمنشآت النفط وحتى مخازن الحبوب، فإنه لا أمل واضحاً في كون التنظيم سيسلب قدرته على التمول ذاتيا ما دام يسيطر برياً على أراض يمكن للقاطنين فيها ان يخضعوا للضرائب وأن يكونوا محلاً للنهب والسلب والسرقة، وفقا للخبراء.

سي ان ان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق