أبرز الأخباردولياتعالم

تركيا: اردوغان يحسم السباق الرئاسي من الجولة الاولى: اتاتورك الجديد

برهان عملي جديد، قدمه رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان بان المعارضة التركية ما تزال «هشة»، وان حزبه ما زال يتمتع بثقل كبير وواضح على الساحة السياسية. فقد خسرت المعارضة التركية الرهان، وخسرت امام «رجل تركيا القوي» رجب طيب اردوغان، الذي حقق فوزاً كاسحاً في الانتخابات الرئاسية التي جرت الاحد، والتي تمهد لمرحلة جديدة من الحياة السياسية في تركيا. تلك المرحلة التي تؤسس لصلاحيات واسعة لمنصب رئيس الجمهورية، بعد ان كان منصباً شرفياً الى درجة كبيرة. وتعزز القناعة بان اردوغان الذي اتسعت دائرة النقد حوله ما زال يمسك بزمام الامور، وانه يتمتع بشعبية واسعة ترجمها الاتراك الى اصوات انتخابية نزلت في صناديق الاقتراع، ووضعت اردوغان في مقدمة المتنافسين.

فكما كان متوقعاً، نجح زعيم حزب العدالة والتنمية في تركيا رجب طيب اردوغان في التجسير بين منصبي رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، بعد ان حسم السباق الانتخابي الذي جرى امس «الاحد»، وفاز بمنصب رئيس الجمهورية من الجولة الاولى.
حيث اعلن وزير العدل التركي عن فوز اردوغان بالانتخابات الرئاسية من الجولة الاولى ليكون الرئيس الثاني عشر لتركيا والاول الذي يفوز بانتخابات مباشرة من قبل الشعب. وكانت محطات تلفزيونية تركية قالت إن أردوغان حقق تقدماً مبكراً في الانتخابات التي جرت «الأحد»، وحصل على نحو 56% من الأصوات بعد فرز 43% من بطاقات الاقتراع. بينما حصل المرشح الرئيسي للمعارضة أكمل الدين إحسان أوغلو على نحو 35%، في حين حصل صلاح الدين دمرطاش مرشح حزب الشعب الديمقراطي اليساري المؤيد للأكراد على نحو 8%.

تصويت الملايين
وكانت مراكز الاقتراع في تركيا أغلقت أبوابها مساء بعد أن شارك في التصويت ملايين الناخبين، يتوزعون على 165 ألف مركز اقتراع تنتشر في ولايات البلاد الـ 81.
وواجه أردوغان المرشح عن حزب العدالة والتنمية الحاكم، المرشح المشترك لحزبي المعارضة الرئيسيين أكمل الدين إحسان أوغلو (70 سنة) وهو أستاذ للتاريخ والرئيس السابق لمنظمة التعاون الإسلامي، والمحامي صلاح الدين دمرطاش (41 عاماً) المنتمي إلى الأقلية الكردية ومرشح الحزب الشعبي الديمقراطي.
ومن المؤكد ان تُغير هذه الانتخابات المشهد السياسي في تركيا بشكل واضح، في ظل حكم حزب العدالة والتنمية، وفوزه بالمرتبة الأولى في ثمانية انتخابات متتالية منذ عام 2002. وتمنع اللوائح الانتخابية وسائل الإعلام الحكومية والحزبية والخاصة من نشر أي خبر يتعلق بالانتخابات، أو نتائجها قبل السادسة من مساء يوم الانتخاب، على أن تقتصر تغطيتها بعد ذلك على البلاغات والبيانات الصادرة عن اللجنة العليا للانتخابات. وقالت اللجنة العليا للانتخابات إن النتائج الأولية ستعلن «الاثنين»، في حين تعلن النتائج النهائية في 15 من هذا الشهر.
ولم يخف اردوغان رغبته في وضع يده على السلطة التنفيذية من خلال تعزيز صلاحيات منصب رئيس الدولة الذي لا يزال حتى الان منصباً فخرياً الى حد كبير.

اشبه بأتاتورك
وبهذا الفوز ينضم رجل تركيا القوي، الذي يتمتع بقوة جاذبية ويتعرض في الوقت نفسه للانتقاد على نزعته الاستبدادية، الى مؤسس الجمهورية التركية الحديثة والعلمانية مصطفى كمال باعتبارهما اكثر القادة تأثيراً في تاريخ تركيا الحديثة.
ويسمح الدستور التركي بشغل منصب الرئاسة لمدة فترتين متتاليتين.
ويقول إردوغان إنه يأمل في أن يكون رئيساً للبلاد في عام 2023 عندما تحتفل تركيا بمرور مئة عام على تأسيس الجمهورية الحديثة من خلال مصطفى كمال أتاتورك.
ويخشى منافسا أردوغان من أن يعطي النظام الرئاسي على نمط تنفيذي مزيداً من السلطات لشخص يتهمونه بأنه أصبح مستبداً بشكل كبير في السنوات الاخيرة.
ويشكل فوز إردوغان في الجولة الاولى عاملا مهما يتيح له تحقيق هدفه الخاص باجراء تغييرات دستورية لدعم الرئاسة.
وينظر إلى الانتخابات الرئاسية التركية في جوانب كثيرة على أنها استفتاء على شعبية رئيس الوزراء، الذى تشير استطلاعات الرأي إلى وجود حالة انقسام بين الاتراك بشأن أدائه.
وكان حزب العدالة والتنمية قد ظهر في الانتخابات المحلية التي جرت في آذار (مارس) الماضي كأكبر حزب بحصوله على نحو 43 بالمئة من الاصوات في أول انتخابات تجرى منذ المظاهرات التي شهدها العام الماضي في متنزه «جيزي بارك».
تأتي أول انتخابات رئاسية بتركيا يختار الشعب من خلالها رئيسه بالاقتراع المباشر لترسخ مبادىء الديمقراطية في البلاد التي وعد حزب العدالة والتنمية بإرسائها منذ توليه السلطة عام 2002، وتعلن اندثار زمن الانقلابات والحكومات الائتلافية وتدخل العسكر في الحياة السياسية للبلاد.

اختيار الرئيس
وظل رئيس الجمهورية التركية يختار بأغلبية أصوات البرلمان التركي، حتى أقر البرلمان عام 2012 قانون اختيار الرئيس باقتراع مباشر من الشعب، كما سمح القانون الجديد للأتراك المقيمين في الخارج بالمشاركة في الانتخابات.
ويعطي الدستور التركي حق الترشح لمنصب رئيس الجمهورية لكل مواطن أكمل الأربعين من عمره، وأكمل دراسته الجامعية، وكان عضواً في البرلمان التركي أو مستوفياً الشروط اللازمة ليتقدم لمنصب نائب برلماني.
لكن ليتم قبوله يجب أن يتقدم على الأقل 29 نائباً برلمانياً بطلب ترشيحه للبرلمان التركي، وعند قبول البرلمان لهذا الطلب يعلن ترشيحه، ويختار رئيس الجمهورية لخمس سنوات، ويمكن انتخاب رئيس الجمهورية مرتين، كما يجب على المرشحين التقدم ببيانات عن أملاكهم الخاصة للمجلس الأعلى للانتخابات قبل بدء حملاتهم الانتخابية.
ويعد المرشح الحاصل على الأغلبية الساحقة لأصوات الناخبين في الجولة الأولى (50%+1) الرئيس الرسمي للبلاد، لكن إذا لم يحصل أي مرشح على هذه الأغلبية تجرى جولة ثانية من الانتخابات بعد أسبوعين من الجولة الأولى يشارك فيها المرشحان اللذان حصلا على أعلى نسبة من الأصوات في الجولة الأولى.
وفي حال انسحاب أحد المرشحين في الجولة الثانية أو وافته المنية، يحل مكانه المرشح الذي حصل على نسبة أصوات كبيرة من المرشحين الذين لم يصلوا للجولة الثانية.
ومما يميز هذه الانتخابات انه وللمرة الأولى يترشح فيها سياسي كردي لهذا المنصب وهو صلاح الدين ديمرطاش.

ترشيح ديمرطاش
وجاء ترشيح ديمرطاش من خلال تأسيس حزب ديمقراطية الشعوب على أيدي نواب من حزب السلام والديمقراطية الكردي، وذلك كواجهة سياسية جديدة تحاول تبديد أي مخاوف لدى الأتراك تجاه الأكراد، وتسعى لزيادة التأثير الكردي في الحياة السياسية التركية.
وتقول النائبة البرلمانية والعضوة المؤسسة في حزب ديمقراطية الشعوب نورسيل أيدوغان إن الرسالة التي يقدمها الأكراد عبر مرشحهم هي أنهم لا يريدون تقسيم البلد ولا تأسيس دولة في تركيا، ولكنهم أيضاً لن يقبلوا أن تمحى هويتهم. وأضافت أيدوغان «نريد أن تكون لنا هويتنا ولكن في سياق وحدة البلاد والعيش المشترك، وهذا ما ناضلنا من أجله طوال العقود الماضية».
ويرى الباحث الأكاديمي في جامعة دجلة ديار بكر وهب جوشكون أن الهدف من وراء دخول ديمرطاش سباق المنافسة هو التأكيد على مشاركة الأكراد واندماجهم بشكل أكبر في الحياة السياسية التركية، مؤكداً أن حملته الانتخابية قامت على هذه النقطة تحديداً.
وبغض النظر عن المدى الذي ذهبت اليه تلك التحليلات، فإن الاتراك يتوقفون عند فاصل يرونه مهما في تحديد ملامح المستقبل لتلك الدولة، وخصوصاً من زاوية تطويع ما تراه المعارضة ممارسات دكتاتورية، مع ما يقوم عليه الحزب من ممارسات ديمقراطية، وصولاً الى الصيغة الجديدة التي تتشكل منها الدولة التي تدور خلافات داخلية وخارجية حول شكلها. والتي يتمحور مضمونها حول كم من الاحلام التي تعيد مجد الدولة العثمانية. والتي يتوقع البعض ان تلتقط طروحات دولة الخلافة وصولاً الى تحقيق الحلم الاردوغاني باسترداد موقع «الدولة العثمانية» خصوصاً وانه يطرب لوصفه بانه زعيم «العثمانيين الجدد».

ا. ح

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق