الاقتصادمفكرة الأسبوع

الصكوك الاسلامية تغزو العالم غير الاسلامي

من الواضح ان بريطانيا، الدولة الغربية الوحيدة وغير الاسلامية، ماضية في ممارسة اعمال الصيرفة الاسلامية والتمويل الاسلامي طبقاً للشريعة الاسلامية. ولعل آخر انجاز لها في هذا الميدان هو اصدار وزارة الخزانة البريطانية صكوكاً حكومية متطابقة مع الشريعة الاسلامية.

ذكرت وزارة الخزانة البريطانية انها باعت، في سابقة خارج العالم الاسلامي، صكوكاً قيمتها 200 مليون جنيه استرليني (339 مليون دولار) تستحق في العام 2019، وجذبت طلبات اكتتاب بلغت قيمتها الاجمالية 2،3 مليار جنيه استرليني. واكد هذا الطلب الكبير وزير الخزانة البريطاني جورج اوزبورن بقوله ان صكوك لندن شهدت طلباً قوياً تمخض عنه سعر يعطي قيمة جيدة للاموال. وعبر عن امله في ان يشجع نجاح هذا الاصدار الحكومي القطاع الخاص على اصدار مزيد من الصكوك في المملكة المتحدة.

عائد الصكوك
واعتبر اوزبورن ان اصدار اول صكوك سيادية اليوم في بريطانيا يأتي في سياق التزام الحكومة بجعل البلاد «المركز الغربي للمالية الاسلامية».
ويعادل العائد على الصكوك (السندات الاسلامية) عائد السندات التقليدية الخمسية التي تصدرها الحكومة البريطانية، اي 2،036٪، غير ان الصكوك مضمونة باملاك عقارية للحكومة التي يقوم الربح فيها على مكافأة المشاركة في رأس المال، وذلك من اجل تفادي الفائدة الربوية.
وفيما تسعى لندن الى زيادة حصتها في السوق العالمية للصيرفة الاسلامية تحتضن العاصمة البريطانية نحو 20 بنكاً تقدم خدمات مالية اسلامية في حين جرى ادراج 49 من الصكوك الاسلامية منذ خمس سنوات في بورصة لندن بقيمة تبلغ 34 مليار دولار.
واشارت احدى الدراسات الى ان اصول قطاع التمويل الاسلامي ناهزت نهاية العام الماضي 1،8 تريليون دولار، ما يمثل نمواً بنسبة 16٪ على اساس سنوي. ويسيطر القطاع المصرفي الاسلامي على نحو 80٪ من الاصول المصرفية الاسلامية العالمية، فيما نجحت سوق الصكوك في العام الماضي في اختراق حاجز الـ 100 مليار دولار من حيث اصدارات الصكوك الجديدة لتنهي السنة باجمالي اصدارات بنحو 119،7 مليار دولار، وذلك على الرغم من ان هذا المبلغ المسجل قد جاء بانخفاض بنسبة 8،7٪ عن المبلغ المسجل في 2012، بحسب تقرير «بيت التمويل الكويتي».
ويبدو القطاع مرشحاً لمزيد من النمو وجذب الاهتمام خارج العالم الاسلامي، حيث ان هناك توقعات بدخول دول جديدة غير اسلامية ميدان الصكوك، مثل ايرلندا، ولوكسمبورغ وجنوب افريقيا، كما ان ازدياد الاهتمام بقطاع المصرفية الاسلامية من مراكز مالية اقليمية وعالمية مثل لندن وسنغافورة ولوكسمبورغ وهونغ كونغ من شأنه ان يعطيه دفعات اخرى قوية.

انتعاش السوق
مع استعادة سوق القروض في منطقة الخليج لنشاطها باتت المؤسسات الساعية الى جمع الاموال تجد نفسها مضطرة لاتخاذ قرار بشأن اصدار سندات تقليدية، او اسلامية تعرف بالصكوك. وخير مثال على هذه الصكوك تلك التي اصدرتها شركة الكهرباء السعودية الحكومية هذا الصيف بقيمة 7 مليارات ريال (1،9 مليار دولار).
وتعتبر صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية ان احد عناصر جذب المستثمرين الى هذه الصكوك هو التصنيف الائتماني الجيد الذي تتمتع به الشركة اضافة الى وجود رؤوس اموال تبحث عن اوعية اسلامية للاستثمار.
ويقول خبير مصرفي بريطاني يعمل في الشرق الاوسط ان البنوك الاسلامية السعودية التي تطبق النظام الاسلامي لديها 150 مليار ريال (40 مليار دولار) لا تحقق اي عائدات تذكر، لذلك فان الطلب على الصكوك الاسلامية كبير، وقد اصدرت البنوك في الفترة الاخيرة عدداً قليلاً من الصكوك وما زال لديها كميات كبيرة من رأس المال.
وبعد طفرة السنوات الخمس الماضية مالت «شعبية» الصكوك الى الهوط نوعاً ما لسببين اثنين اولهما الشكوك في مدى الالتزام بقواعد الشريعة، وثانيهما تردادات الازمة المالية العامية التي خفضت الاقبال على جميع انواع الديون، لكن هذا الهبوط لم يدم طويلاً، اذ بدأت السوق تظهر مؤشرات انتعاش مرة اخرى. واكثر ما ظهرت هذه الموشرات في اندونيسيا والبحرين ورأس الخيمة وماليزيا، حيث تجاوز الطلب العرض بالنسبة الى الصكوك الاسلامية، كما زادت العائدات عليها.
فالصكوك التي اصدرتها هيئة استثمار رأس الخيمة بقيمة 400 مليون دولار تصل عائداتها حالياً الى 7،15٪، كما يصل عائد صكوك البنك المركزي البحريني وحجمها 750 مليون دولار الى 5،15٪.
يشار الى ان الصكوك الاسلامية هي اوراق مالية يضمنها اصل او مشروع استثماري  يدر دخلاً، وتكون بمثابة حصص ملكية على المشاع في هذا الاصل والمشروع. ويبلغ عدد انواع هذه الصكوك 14 نوعاً اشهرها صكوك الاجازة.

من ماليزيا الى الشرق الاوسط
استطاعت ماليزيا ان تحافظ على مكانتها كأكبر سوق لاصدار الصكوك على مستوى العالم بمبلغ اجمالي تجاوز 151 مليار دولار منذ انطلاق هذه الصناعة فيها. ووفقاً لدراسة ظهرت في سنغافورة، احتلت دولة الامارات المركز الثاني بعد ماليزيا بصكوك تربو قيمتها الاجمالية على 39 مليار دولار. واستناداً الى دراسة اخرى ظهرت في الولايات المتحدة فان ماليزيا امتلكت نحو 70٪ من اصدارات الصكوك العالمية العام الماضي، تليها منطقة الشرق الاوسط بنسبة 22،5٪، ثم اندونيسيا بنسبة 2،9٪، والباقي يتوزع بين الهند وروسيا وسنغافورة وهونغ كونغ، ويتوقع ان يشهد العام الجاري زيادة كبيرة في حجم الصكوك، حيث وصلت قيمة المصدر منها في الربع الاول نحو 43 مليار دولار، وهو ما يقرب من نصف اجمالي اصدارات الصكوك في 2011.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق