أبرز الأخبارسياسة عربية

العراق: العبادي يفتح بوابات المصالحة، وواشنطن تبدي تفاؤلها بدحر «داعش»

يبدو ان حكومة حيدر العبادي العراقية جاءت الى الحكم وفي برنامجها طي العديد من الملفات الساخنة. وفي مقدمتها الملفات الخلافية. ومنها ملف كردستان، والازمات الداخلية وخصوصاً الطائفية.

هنا يدور جدل حول برنامج هذه الحكومة، وتحديداً «مشروع طي الملفات الخلافية»، وما اذا كان عنوانه وفاقياً خالصاً، ومشروعاً لاعادة اللحمة العراقية، ام تيسيرياً، ومرحلياً بهدف تمرير برنامج اصبح الكل في المنطقة يتحدث عنه. حيث بات الحديث عن تقسيم المنطقة امراً عادياً.
ومهما يكن الامر، فالذي يجري في العراق حالياً، يسجل لصالح الحكومة الجديدة، والتي جاءت على انقاض حكومة المالكي التي حرصت على «تشعيب الخلافات» بدلاً من اختصارها. فاضافة الى محاربة الفساد في المؤسسات الامنية، وتفكيك «الشرطة الوهمية»، نجح العبادي في طي ملف الازمة المتصاعدة مع حكومة اقليم كردستان.
فقد وافقت الحكومة العراقية على اتفاقات كانت عقدتها مع حكومة اقليم كردستان بعد نجاح مفاوضات ماراثونية أجراها وفد كردي برئاسة رئيس حكومة إقليم كردستان نجيرفان البرزاني في التوصل اليها. لكن البرزاني توقع أنه لن يتم حل جميع الملفات العالقة قبل ستة اشهر، فيما قررت حكومة العبادي تخفيض مرتبات اعضائها إلى النصف في اجراء لتقليص النفقات من اجل سد عجز الموازنة العامة للعام المقبل.

اتفاق نفطي
ونص الاتفاق على ان النفط العراقي هو ملك لكل العراقيين، وأن يقوم اقليم كردستان بتسليم ما لا يقل عن 250 الف برميل نفط يومياً إلى الحكومة الاتحادية لغرض التصدير، والإتفاق ايضاً على تصدير 300 الف برميل يومياً من قبل الحكومة الاتحادية من حقول محافظة كركوك عبر خط انبوب النفط في اقليم كردستان.
وتم الإتفاق ايضاً على تخصيص نسبة من تخصيصات القوات البرية الاتحادية للجيش العراقي إلى قوات البشمركة حسب النسبة السكانية باعتبارها جزءاً من المنظومة الامنية العراقية.
من جهته، كشف نيجرفان البرزاني عن أن الحكومة المركزية وافقت على دفع مبلغ ترليون و200 مليار دينار (500 مليون دولار) إلى قوات البشمركة، معرباً عن امله بحل جميع المشاكل بين الحكومة المركزية وحكومة الاقليم.
وقد قررت الحكومة تخفيض مرتبات رئيسها ونوابه الثلاثة والوزراء بنسبة 50 بالمائة، وذلك في إجراء يدشن حملة لتقليص النفقات الحكومية من اجل سد العجز المتوقع في موازنة العام المقبل 2015 والبالغ 45 مليار دولار.
ويقضي الإتفاق على ارسال بغداد لحصة الاقليم من الموازنة العامة للبلاد، والبالغة 17 بالمائة منها، مقابل قيام أربيل بتسليمها 250 الف برميل يومياً من حقول نفط الاقليم و300 الف برميل من حقول محافظة كركوك إلى الحكومة الاتحادية لتصديرها لحسابها الخاص. وسيتم تنفيذ هذه الإتفاقات بدءاً من مطلع العام المقبل.
وقالت مصادر كردية إن هذه الإتفاقات توصل اليها رئيسا الحكومتين المركزية في بغداد حيدر العبادي والكردستانية في اربيل نجرفان البرزاني، عقب مباحثات شهدتها بغداد على مدى ثلاثة ايام وشهدت اربعة اجتماعات مكثفة. وينص الإتفاق على ان يتم تصدير هذه الكميات من النفط عن طريق شركة تسويق النفط الوطنية العراقية «سومو»، وذلك عبر ميناء جيهان التركي لتصدير النفط وهو ما كان يرفضه الأكراد سابقاً في تصدير نفطهم عبر الشركة.

بيان مشترك
ومن جهته، قال البرزاني في مؤتمر صحافي مشترك مع نائبه قباد الطالباني في بغداد ان «الإتفاق بين بغداد واربيل يعد مكسباً للطرفين»، لكنه استدرك بالقول إن الإتفاق ليس نهائياً مشيراً إلى وجود مشاكل اخرى بين الطرفين ستحل خلال فترة ستة اشهر أو اكثر، معرباً عن امله بحل جميع المشاكل بين بغداد واربيل، وقال إن الحكومة العراقية لديها رغبة جادة في التوصل إلى حلول مع الاقليم.
وخلال مؤتمر صحافي مشترك عقده  وزير النفط العراقي عادل عبد المهدي ونائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية القيادي الكردي روز نوري شاويس تلا الوزير بياناً مشتركاً اكد ان المباحثات اتسمت بالجدية والصراحة والشراكة في الوطن الواحد، واسفرت عن الإتفاق بين الحكومتين حول المسائل العالقة المتعلقة بالموازنة العامة وتصدير النفط الذي تم الإتفاق على انه لكل العراقيين.
واضاف انه تم تخصيص نسبة من موازنة القوات العراقية إلى حرس الإقليم من قوات البشمركة بنسبة عدد السكان (17 بالمائة)، واوضح أن الجانبين اتفقا ايضاً على تشكيل لجان مشتركة ستتابع المفاوضات من اجل حل جميع المشاكل المتبقية على اساس الدستور والشراكة العادلة.
وتتوقع مصادر كردية أن يتم انهاء جميع المشاكل العالقة بين بغداد واربيل خلال ستة أشهر من الآن، وخصوصاً تشريع قانون النفط والغاز واقراره نظراً لما يحتاجه من مباحثات معمقة بين جميع الكتل السياسية، حيث أن هذا القانون كان من ضمن القوانين المتفق على اقرارها في وثيقة الإتفاق السياسي المرفقة في المنهاج الحكومي، والتي وقعت من قبل قادة الكتل السياسية وافضت إلى تشكيل الحكومة العراقية الجديدة برئاسة حيدر العبادي.
في الاثناء، رحبت الولايات المتحدة بالاتفاق. وهنأت وزارة الخارجية الأميركية «في بيان لها الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان على التوصل إلى ما اسمته «اتفاق واسع حول إدارة الإيرادات والصادرات النفطية الآتية من كردستان العراق ومنطقة كركوك». واشارت إلى أن الاتفاق يأتي تماشياً مع دستور العراق وسيتيح لجميع العراقيين الاستفادة بشكل عادل من ثروة النفط والغاز». وأكدت أن الاتفاق «سيعزز موقف حكومتي بغداد واربيل على العمل سوية لهزيمة تنظيم داعش الارهابي».

خطوة مهمة
ومن جانبه، اعتبر وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن الاتفاق بين بغداد وأربيل خطوة في غاية الأهمية. وأشار إلى ان الولايات المتحدة لها مصلحة كبيرة في التقدم الذي أحرزته حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي. وقال: «نرحب باتفاق حكومتي بغداد وأربيل بشأن القضايا العالقة» مشدداً على ان ذلك يعد خطوة في غاية الأهمية. وأضاف كيري، أن «الاتفاق سيسهم بتحقيق الاستقرار في المنطقة» مؤكداً أن الولايات المتحدة لها مصلحة كبيرة في التقدم الذي أحرزته حكومة حيدر العبادي.
وتمنى كيري ان ينعكس ذلك الاتفاق اجابياً على الحرب التي يخوضها التحالف ضد تنظيم الدولة الاسلامية «داعش». وان ينجح العراقيون من خلال اتفاق بتوجيه كل الطاقات لدحر ذلك التنظيم.

بغداد – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق