رئيسي

مصر: لماذا استقالت حكومة الببلاوي؟

ما بين وصفها بانها «مفاجئة»، والتأكيد على انها قدمت استقالتها تحت ضغط الحراك الاحتجاجي العمالي الواسع، هناك من يرى ان استقالة حكومة الببلاوي كانت مبرمجة، وتشكل عنصراً رئيسياً من عناصر حملة ادارة المرحلة التي يجمع متابعوها على حساسيتها، وتميزها، وعلى ضرورة التعاطي معها بقدر من المسؤولية.

وسط تقارير تربط بين الاستقالة، والفشل الحكومي في ادارة الملف الاقتصادي، والتعاطي مع المطالب العمالية، الا ان وجهة النظر الاخرى تقدم طروحات مختلفة بعض الشيء، وتشير الى انه لم يكن بالامكان تلبية الكم الكبير من المطالب في هذه المرحلة الحساسة. كما انه لا يمكن التخلي عن جملة اولويات عامة، وتقديم المطالب الخاصة عليها.
ميدانياً، جاءت استقالة الحكومة فيما تشهد البلاد اضرابات فئوية في قطاعات عديدة تابعة للحكومة، من بينها اضراب سائقي النقل العام والعاملين في البريد والشهر العقاري، للمطالبة بتحسين الرواتب، وكذلك اضرابات عمال الغزل والنسيج والعديد من الفئات العمالية التي طالبت بتحسين ظروفها المعيشية.
وبحسب تقرير للمركز المصري لحقوق الانسان شهدت البلاد 54 إحتجاجاً فئوياً خلال شهري كانون الثاني (يناير) وشباط (فبراير)، تنوعت ما بين إضرابات لعمال الغزل والنسيج والحديد والصلب وعمال النادي الأهلي، إضافة إلى الأطباء والصيادلة والمعلمين. وبحسب التقرير تنوعت مطالب أصحاب الاعتصامات والاحتجاجات ما بين المطالبة بالتثبيت أو المطالبة بالبدلات أو بحقوق مادية وإدارية، ووصفها بأنها مطالب مشروعة، متهماً الحكومة بعدم الجدية في مناقشة هذه المطالب.
وحذر التقرير من أن مسلك الحكومة يفتح باب الفوضى في المجتمع، واتساع رقعة التظاهرات جغرافياً بشكل يصعب على الحكومة التعامل مع هذه الأزمة.
وحذر التقرير من أن تجاهل الحكومة في وضع استراتيجية جديدة للتعامل مع هذه الاضرابات وفق جدول زمني يعمل على تلبية مطالب المواطنين، والتراخي في علاج هذه القضايا، ينتجان دخول المجتمع في نفق الفوضى.

الوجه الآخر
ومع التسليم بوجهة النظر التي تبناها مركز حقوق الانسان، هناك من يرى ضرورة التركيز على الوجه الاخر من المعادلة، وخصوصاً على ضرورة تقديم مستقبل الدولة والوطن على ما سواه. وفي هذا الصدد هناك من يرى ان حساسية الظرف، وصعوبة المواجهة الهادفة لنقل البلاد الى بر الامان من شأنهما ان تدفعا نحو التركيز على قضايا عامة، ترى الحكومة انها نجحت في التعاطي معها.
وفي هذا السياق، اكد حازم الببلاوي في بيان له عبر التلفزيون المصري ان وزراء حكومته بذلوا كل الجهد لإخراج مصر من النفق الضيق، منتقداً التظاهرات الفئوية، وملقياً بالكرة في ملعب العمال والموظفين، مشيراً بالتحديد الى إضراب موظفي مكاتب التوثيق التابعة لوزارة العدل عن العمل، إحتجاجاً على تدني أوضاعهم المعيشية، وإضراب عمال شركة المحلة للغزل والنسيج، إحتجاجاً على ما يقولون أنه فساد، فضلاً على إنتشار الإحتجاجات العمالية في مواقع شتى من الجمهورية.
وقال الببلاوي، ان البلاد معرضة لمخاطر كبيرة، وطالب بان «نتساند» للخروج من النفق، واكد ان «هذا ليس وقت المطالبات الفئوية أو المطالب الشخصية، وانما وقت ابقاء مصالح البلد فوق الجميع».
وأثنى الببلاوي على أداء حكومته، قائلاً: «أنها قطعت شوطاً مهماً نحو بناء مجتمع ديمقراطي». وأشار إلى «أن إعداد الدستور والتوافق عليه، من أهم دعائم تلك المسيرة». مضيفاً ان «الدولة استطاعت إعادة الأمن مرة أخرى، في ظل مواجهة شرسة مع طرف لا يريد لهذا البلد الخير». في اشارة الى جماعة الاخوان المسلمين.
ونبه الببلاوي في بيان استقالة حكومته، إلى أنه من الخطأ الإعتقاد بأن الحكومة تستطيع وحدها تحقيق الإصلاح، ودعا المصريين إلى التضحية بمصالحهم الخاصة من أجل البلد، متهماً المشاركين في الاعتصامات والاضرابات بتقديم مصالحهم الخاصة على المصالح الوطنية العليا.
وقال: «هذا ليس وقت المطالب الفئوية، وامام هذا البلد آفاق كبيرة وكذلك اخطار، وعلينا التضحية بمصالحنا الخاصة والمصالح الفئوية لمصلحة بلادنا». واكد الببلاوي «الحكومة عندما قبلت تولي المسؤولية كان ذلك من باب الحرص في هذا الوقت والتحدي لإخراج مصر من النفق الضيق»، مشيداً بعمل الشرطة والجيش، الذي يقمع منذ مطلع تموز (يوليو) انصار مرسي.

استقالة السيسي
في تلك الاثناء، يقدر بعض المحللين ان الحكومة استبدلت التعديل الحكومي الذي كان متوقعاً، بالاستقالة، حيث تعني استقالة الحكومة ضمناً استقالة الفريق عبد الفتاح السيسي من منصبه الوزاري، وبالتالي لم يعد امامه للترشح للرئاسة الا ان يستقيل من القوات المسلحة، اذ يقضي القانون المصري بحرمان العسكريين من حق الانتخاب والترشح.
وتم الاستبدال في ضوء صدور تقارير من جهات سيادية تشير إلى ضرورة تهدئة الرأي العام المصري، وعدم منح جماعة الإخوان الفرصة لإستغلال الإحتجاجات العمالية والفئوية ، وإغراق البلاد في دوامة من العنف والإحتجاجات، عشية موعد الانتخابات الرئاسية، وفي ما بعد التشريعية واستكمال بناء مؤسسات الدولة.
وتشير التوقعات إلى أن الدكتور إبرهيم محلب، وزير الإسكان في الحكومة المستقيلة، مرشح لتشكيل الحكومة الجديدة.

ا. ح
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق