تحقيق

تفجير طابا يطيح موسم السياحة في مصر

وجه تفجير حافلة تقل سياحاً كوريين في شبه جزيرة سيناء يوم الأحد  الفائت لطمة قوية لصناعة السياحة في مصر في وقت تحاول فيه الخروج من الأزمة التي ألمت بها من جراء الاضطرابات السياسية في السنوات الثلاث الأخيرة.
وجاء مقتل سائحين قرب واحد من أكبر المنتجعات الشاطئية في مصر في الهجوم الذي شنه متشددون اسلاميون ليقوض التأكيدات الرسمية المصرية أن الأجانب لا يواجهون أي خطر من جراء الاضطرابات التي هزت البلاد منذ اطاحة حكم حسني مبارك عام 2011.
وقالت جماعة أنصار بيت المقدس إنها نفذت الهجوم وطلبت من السياح مغادرة مصر وهددت بمهاجمة من يبقى في البلاد.

الموسم الشتوي مات
ونقلت »رويترز« عن جورج كولسون رئيس اتحاد سناف الفرنسي لشركات السياحة إن «الاتحاد ينصح الناس باختيار وجهات سياحية بديلة». وأضاف «الموسم الشتوي مات. والمؤشرات لعيد القيامة أن الناس لا تقاتل من أجل الذهاب إلى مصر».
وتلقي مثل هذه التحذيرات الرعب في قلوب القائمين على صناعة السياحة التي تمثل مصدر رزق لملايين المصريين وتعد مصدراً رئيسياً للنقد الأجنبي في البلاد.
وكانت شركات السياحة تأمل تحسن الوضع بعد موسم سيىء في عام 2013 الذي شهد اطاحة الرئيس محمد مرسي ومقتل المئات من أنصاره مما زج بالقطاع كله في أزمة من جديد. وانخفضت ايرادات السياحة بنسبة 41 في المئة إلى 5،9 مليار دولار.
وأوقفت شركات السياحة الأوروبية رحلاتها إلى منتجعات البحر الاحمر الشهيرة مثل الغردقة وشرم الشيخ ومرسى علم بعد الاشتباكات الدامية التي أعقبت عزل مرسي في تموز (يوليو).
وفي ايلول (سبتمبر) خففت السفارات تحذيراتها وعاد كثير من السياح الاوروبيين الباحثين عن دفء الشمس في شهور الشتاء إلى المنتجعات الشاطئية البعيدة عن العنف في القاهرة والاسكندرية.
وبدا لاصحاب الفنادق والمطاعم وللعاملين في السياحة بمن فيهم مدربو الغطس على ساحل البحر الاحمر أنهم وجدوا سبيلاً للنجاة من الاضطرابات المتواصلة في المدن.
وكان من أسباب هذا التفاؤل وجود نقاط تفتيش لقوى الامن ودوريات للشرطة تحرس المنتجعات بفنادقها وملاعب الغولف والشواطىء  ذات العشب المجزوز والرمال الناعمة.
وعلى النقيض لم يتوافد على المواقع السياحية المشهورة في المدن المصرية مثل أهرامات الجيزة ووادي الملوك سوى القليل من السائحين منذ عام 2011 مما شكل أزمة لاصحاب السفن النيلية وبائعي التذكارات السياحية الذين يمثل السياح بالنسبة لهم مصدر قوتهم.
إلا أن المنتجعات
الساحلية التي تتيح للسائح تجربة تختلف عن العطلات الشاطئية في مناطق أخرى من بربادوس إلى بالي هي عماد صناعة السياحة في مصر.
وجاء تفجير الحافلة قرب طابا في جنوب سيناء على مسافة قريبة من نقطة عبور حدودية مع اسرائيل يمر عبرها السائحون واسفر عن مصرع سائحين كوريين ومصري.
وهو واحد من أسوأ الهجمات التي استهدفت السائحين منذ فجر متشددون قنبلة في فندق هيلتون في طابا عام 2004 مما أسفر عن مقتل 34 شخصاً. وما زال الوجود الامني كبيراً في المنتجع الذي يقع على مسافة ثلاث ساعات ونصف الساعة بالسيارة إلى الشمال من شرم الشيخ.
ورغم أن المتشددين المختبئين في صحراء سيناء وجبالها صعدوا أنشطتهم منذ اطاحة مبارك فقد تركز نشاطهم في شمال سيناء واعتبرت الحكومات الغربية طابا آمنة للزوار. لكن التحذير الذي أطلقته جماعة أنصار بيت المقدس قد يمنع السائحين من زيارة الأماكن التي تقع بعيدا عن قاعدتها الاساسية.

 

 قلق
وفي الغردقة البعيدة عن سيناء أبدى ناصر مازن الذي يدير منتجعاً يقوم نشاطه على الرحلات البحرية والسياحة الشاطئية شعوره بالقلق.
فقد قال «في الوقت الحالي نحن لا نعمل إلا بخمسة وعشرين في المئة من الطاقة التي نعمل بها في العادة في شباط (فبراير). نرجو أن تتوقف هذه الهجمات. فالسياح… يرون ما يحدث في مصر في وسائل الاعلام ويرجئون سفرهم للعام القادم أو ما بعده».
وقالت شركة كلوب ميد التي تدير منتجع «سينا باي» في طابا إنها ستبقي القرية السياحية مفتوحة لكنها شددت تدابيرها الامنية وهي تنصح النزلاء بعدم المغامرة بالخروج من القرية وحدهم.

وقالت متحدثة باسم الشركة إن التهديدات الجديدة في مصر «وضع يمثل مصدر قلق لنا».
وأضافت أن بعض العملاء ألغوا رحلاتهم وإن الشركة تعرض رد أموال الحجز أو فرصة الحجز لوجهات أخرى.
وشددت فنادق ماريوت وهيلتون وأكور في سيناء اجراءات الامن.

تحذيرات اجنبية
وحذرت حكومات أجنبية رعاياها من زيارة المدن الكبرى في مصر منذ عام 2011 لكن الاحساس بالخطر تزايد بعد هجوم يوم الأحد.
ويوم الاربعاء الفائت نصحت السفارة البريطانية في مصر البريطانيين بعدم السفر إلى معظم مناطق جنوب سيناء إلا للضرورة القصوى. ولا يسري هذا التحذير على شرم الشيخ أكبر المنتجعات السياحية في المنطقة.
وقال مصدر دبلوماسي فرنسي «في السياق المصري والاقليمي يجب على كل المسافرين أن يدركوا أن هناك تهديداً ارهابياً. الوضع في سيناء مقلق».
وزار مصر في العام الماضي نحو 100 ألف سائح فرنسي يمثلون نحو سدس عدد الفرنسيين الذين زاروها عام 2010.
وبعد أيام من تفجير حافلة طابا قالت رابطة السياحة الروسية إن ثمة انخفاضاً في الحجوزات كما أن رابطة السياحة الالمانية تتوقع أنباء سيئة.
وقال يورجن بوشي رئيس الرابطة «السفر من ألمانيا لم ينتعش منذ الربيع العربي وأي زعزعة أخرى للاستقرار تزيد من قلق السياح».
وقال المكتب السياحي المصري في فرانكفورت إن عدد الالمان الذين زاروا مصر في العام الماضي بلغ 975 ألفاً بانخفاض 15 في المئة عن عام 2012 بالمقارنة مع 1،3 مليون سائح عام 2010.

تقليص الرحلات
وأكبر مصادر للسياحة من الخارج في مصر هي روسيا وألمانيا وبريطانيا. وقد قلصت شركات سياحية كبرى مثل توي ترافل وتوماس كوك رحلاتها إلى الوجهات المصرية خلال السنوات الثلاث الماضية.
وتعاني شركات السياحة الاوروبية من الضعف الاقتصادي في أسواقها المحلية ومن الاضطرابات التي تشهدها مصر وأصبحت الان تواجه مشاكل اضافية. وقالت شركة «توي ايه.جي» الشركة الام لشركة «توي ترافل» الاسبوع الماضي إن انخفاض نشاطها في مصر قلص أرباح الربع الاول بمبلغ 19 مليون يورو.
وحتى الان فإن شركات السياحة ليست ملزمة بعرض الغاءات مجانية أو تغيير الحجز أو إعادة المسافرين إلى بلادهم مبكراً.
وقالت شركات ورابطات سياحية إن السائحين يقضون وقتاً ممتعاً في منتجعات البحر الاحمر في شرم الشيخ والغردقة ومرسى علم دون أن تزعجهم فيما يبدو الانباء الأخيرة.
وقال ممثلون لشركات ألمانية وايطالية إنه يجري اطلاع العملاء على أحدث الاخبار ونشرات السفر أولاً بأول لكن لم يطلب أي منهم العودة قبل نهاية الرحلة. لكن كثيرين ألغوا رحلات نهارية لمواقع بعيدة في سيناء مثل دير سانت كاترين.
وقال كولسون من اتحاد سناف الفرنسي «لا نستطيع منع العملاء من السفر إلى مصر لكن دورنا هو تحذيرهم من الخطر».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق