افتتاحية

الى متى الصبر على الدلال السياسي؟

بارقة أمل لمعت قبل حوالي الأسبوعين، إعتقد من خلالها اللبنانيون بـأن حكومة جديدة يمكن أن تبصر النور فترعى شؤونهم وتدير أمورهم. فالتصلب الذي كان قائماً على مدى عشرة أشهر تبدد. قوى 14 آذار كانت تقول انها لا تشارك في حكومة فيها حزب الله، إلا اذا إنسحب من سوريا وعاد الى لبنان. وقوى 8 آذار كانت تقول انها ترفض أي حكومة لا تضم الثلث المعطل، وطرحت يومها صيغة 6،9،9، فتعطلت الجهود وغرق البلد في فراغ لا يزال مستمراً حتى الساعة.
بارقة الأمل سرعان ما تبددت، والفرصة التي سنحت لتشكيل حكومة جديدة ضاعت، دون ان يعرف المعنيون كيف يستفيدون منها. وعادت الجهود التي تبذل لتشكيل حكومة جديدة الى المربع الأول. فلماذا؟
يعتقد المعنيون ان عودة التعطيل وراءها أسباب داخلية واخرى خارجية. أما الأسباب الداخلية فيتحمل مسؤوليتها في الظاهر التيار الوطني الحر، الذي يرفض فكرة المداورة في الحقائب ويصر على التمسك بوزارة الطاقة.
بعد إنتخابات 2009، وكان قد تقرر عدم إشراك الراسبين في الإنتخابات في أي حكومة، وبما أن أحد أعضاء التيار المطلوب توزيرهم كان قد سقط في الإنتخابات تقرر إبعاده عن الحكومة، الا ان التيار الوطني الحر رفض التقيد بهذا المبدأ، وأصر على توزير من يسميه هو، فعطل تشكيل الحكومة وبقيت الأمور عالقة والبلد بلا حكومة أشهراً عدة، الى أن رضخ الجميع وبالتحديد قوى 14 آذار، فقبلوا بتوزير مرشح التيار وإنتهت الأزمة وأبصرت الحكومة النور.
السيناريو إياه يتكرر اليوم فإما إن يتسلم مرشح معين من التيار وزارة الطاقة، ووقف العمل بالمداورة وإما يبقى لبنان غارقاً في الفراغ.
وهنا نحن نسأل: أإلى هذا الحد أصبح شخص واحد، أي شخص، له من الأهمية بحيث ان البلد لم يعد يستطيع الإستمرار بدونه؟
ان قوى 8 آذار التي تسلمت وزارات الدولة كلها في حكومة اللون الواحد، إستمرأت طعم التفرد بالحكم، وأصبحت غير قادرة على التخلي عنه. وما دام الأمر كذلك، وبما ان الدولة تدار بهذه الخفة فنحن نقترح ان يذهب المواطنون الى الدوائر العقارية فيطوبون الوزارات بأسماء وزراء 8 آذار ويستخرجون لهم صكوك ملكية، فيشغلونها في النهار ويحملونها معهم ليلاً الى منازلهم، مانعين أي لبناني من الإقتراب منها، بإعتبار انها أصبحت أملاكاً خاصة. كما أننا ننصح أصحاب الوزارات وماليكها بوضع حراس من الميليشيات عليها لحمايتها.
ولكن لنكن منصفين، فالأسباب الداخلية التي تحدثنا عنها ليست وحدها، هي مجرد واجهة تخفي وراءها الأسباب الخارجية، وبالتحديد الإقليمية. ولكن البعض في الداخل إرتضوا ان يكونوا واجهة تختبىء وراءها قوى اخرى.
ان الأمور عادت تتعثر، وعاد أركان 8 آذار الى تصلبهم وقد يكون ذلك بطلب من الخارج لأن مصالحه تقتضي ذلك. فهل هذا معقول؟
هذا بإختصار سيناريو مستجدات الحكومة التي ظهرت في الأسبوعين الأخيرين، فهل نعود الى التصلب والتشدد؟ والى متى ستبقى القوى الداخلية ستر حماية لقوى اخرى، تدفع من رصيدها شعبياً ووطنياً ارضاءً لها؟
والى متى سيبقى الرئيس المكلف صابراً على هذا الدلال السياسي البغيض الذي يشل البلد؟
ان المواطنين ينتظرون فليقدم أصحاب الشأن، وعلى رأسهم الرئيس سليمان، لأن البلد أكبر من كل المتلاعبين بمصيره.

«الأسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق