رئيسيسياسة عربية

8 اذار تواكب التطورات بالتصعيد ورفع سقف الشروط

يقول وزير سابق ان الدعم الذي عاد به سليمان من نيويورك من قبل المجتمع الدولي ومجلس الامن والادارة الاميركية لم يثنه عن استمرار تمسكه بقراره: عدم التجديد او التمديد في رئاسة الجمهورية مهما كانت الظروف، لانه مؤمن بتداول السلطة واحترام الدستور وروحية المشترع. وانه متمسك بقراره وقد ابلغه الى من راجعه بالموضوع قاطعاً الطريق على التأويل والتفسير في هذا المجال.

 على رغم استمرار البعض في الترويج الى ان «كل ما يقوم به سليمان هو من اجل توفير الظروف للتجديد له خشية الوقوع في الفراغ، ولذلك لا يستعجل التأليف لان عدم تشكيل حكومة يصب في خانة التجديد» لا يزال يصر على الرفض. وخلال الاجتماع الشهري لمجموعة المستشارين خلال الاسبوع الفائت جرى تقويم للاوضاع في ضوء ما عاد به الوفد من نيويورك وعرض للافكار والاراء واقتراحات خريطة الطريق الواجب اعتمادها خلال الاشهر المتبقية من الولاية، والاسراع في تشكيل الحكومة حتى لو لم تحصل على الثقة، لانه لا يجوز ان تستمر حال الجمود والركود والشلل التي تعم مؤسسات الدولة، وتنعكس ضرراً على مصالح المواطنين. وعرض احد المشاركين تصوراً مفاده ان التجديد للرئيس سليمان حتمي في ظل ما يجري، فقاطعه الرئيس سليمان بالقول: لا اريد ان اسمع بكلمة تجديد أو تمديد، وان الدعم الذي عدت به من نيويورك هو دعم للبنان من خلال ادائي خلال هذه الفترة.

لقاء اوباما
ويقول احد اعضاء الوفد اللبناني الى نيويورك ان الرئيس الاميركي هو من طلب الاجتماع بالرئيس سليمان ولمدة ساعة كما نقل الرسالة السفير الاميركي ديفيد هيل الى بعبدا قبل ايام على مغادرة الوفد اللبناني، وحصل على موافقة سليمان الذي لم يطلب موعداً من اي من المشاركين بعدما سبق له والتقى في نيس في جنوب فرنسا بالرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند على هامش افتتاح الالعاب الفرنكوفونية. واستهل الرئيس اوباما اجتماعاته في نيويورك بلقاء الوفد اللبناني لمدة ثلث ساعة ثم اختلى بالرئيس سليمان طيلة ثلثي الساعة. واشاد اوباما بقيادة سليمان الشجاعة والمسؤولة في هذا الظرف، كما اشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الى احترام كبير للرئيس سليمان في العالم. وكان لافتاً المؤتمر الدولي لمساعدة لبنان الذي ترأسه الامين العام للامم المتحدة بحضور وزراء الدول الخمس الدائمة العضوية والبيان الذي صدر عنه، مشيداً بحكمة سليمان في ادارة شؤون البلاد في هذا الظرف العصيب. وتركز الاهتمام على ثلاثة عناوين وفق احد اعضاء الوفد:
اولاً: ضرورة الحفاظ على الاستقرار مهما حصل ومهما جرى حول لبنان لا سيما التطورات في سوريا. وضرورة مساعدة الجيش والقوى الامنية لمواجهة متطلبات المرحلة والقيام بالدور المطلوب منها لحماية الاستقرار وتدعيم وتحصين الساحة بوجه التداعيات والتطورات.
ثانياً: دعم الاقتصاد اللبناني في وجه التداعيات التي تتركها التطورات الخارجية لاسيما السورية على لبنان. وقد اعد البنك الدولي دراسة وافية حول الوضع في لبنان واقترح انشاء صندوق ائتمان لمساعدته. ويشارك لبنان في وفد وزاري في اجتماعات البنك الدولي بحضور حاكم البنك المركزي. وسبقت ذلك اتصالات اجراها الرئيس نجيب ميقاتي في نيويورك مع الامين العام ومع مسؤولين في الادارة الاميركية والبنك الدولي. وقد يعد الوفد بمساعدات عينية واضحة لدعم الاقتصاد.
ثالثاً: ايلاء موضوع النازحين السوريين الاهتمام اللازم من خلال زيادة حجم المساعدات بعد الاخذ بعين الاعتبار وضع لبنان وتركيبته وخصوصياته وتنوعه وحساسية الوضع الديموغرافي الذي من شأن النازحين ان يسهموا في الاخلال في الميزان الديموغرافي، اضافة الى الاعباء الاقتصادية والاجتماعية، خصوصاً ان عدد غير اللبنانيين قد يصل الى 40% من الشعب اللبناني، وان الوضع اللبناني يختلف عن الوضع في تركيا او الاردن او غيرهما من الدول. واقترح الرئيس سليمان انشاء مناطق امنة في سوريا باشراف الامم المتحدة. فمساحة سوريا هي 18 مرة اكبر من مساحة لبنان. ان النازحين الموجودين في لبنان يكلفون الدولة اعباء اضافية بما يفوق طاقتها، لذلك اتفق على زيادة الدعم المادي ليتمكن لبنان من القيام بواجباته حيال النازحين، لايجاد الحل بعدما اقترح سليمان تقاسم الاعداد والاعباء على الدول المانحة.

 تشكيل الحكومة
اضافة الى هذه العناوين شكل موضوع تأليف الحكومة عنواناً بارزاً انطلاقاً من اهمية المحافظة على الاستقرار الذي يتطلب قيام حكومة كاملة الصلاحيات ومسؤولة، لانها عنوان من عناوين الاستقرار. ويفترض الاسراع في تشكيل الحكومة لكي يكون هناك شريك لبناني مسؤول على الساحة تتعاون معه الحكومات والمنظمات الدولية.
وفي الوقت الذي يؤ
كد زوار بعبدا ان الرئيس سليمان ماض في رفضه التجديد انطلاقاً من حرصه على تداول السلطة، يكشف وزير سابق ان موضوع رئاسة الجمهورية يخلق ازمة امام كل استحقاق دستوري ويرى وجوب معالجة الامر من خلال تعديل الدستور، وجعل رئاسة الجمهورية كما هي في دول العالم ولاية تتجدد مرة واحدة، وبالتالي لا تثار امام اي استحقاق مسألة التجديد والتمديد ومخالفة الدستور الذي حدد ولاية الرئيس بست سنوات غير قابلة للتجديد، فلا تقوم القيامة مع كل استحقاق.
وطالما ان موقف الرئيس سليمان من موضوع التجديد حسم، يسأل مصدر ديبلوماسي عن الاسباب التي تحول دون تشكيل حكومة، طالما ان الرئيس تمام سلام كلف من قبل 124 نائباً من اصل 128، اي من قبل اجماع نيابي غير مسبوق. ويفترض بالقوى السياسية الاهتمام بشؤون الوطن والمواطنين وعدم تقديم مصالح الخارج على المصالح الوطنية، وتجنب مراعاة الخارج على حساب مصالح الناس الذين يطالبون بحكومة بعد ان مضى سبعة اشهر على تكليف سلام. وهناك اصوات تقترح تشكيل الحكومة بعد الانتخابات الرئاسية، وان يصار الى تعويم حكومة ميقاتي خلال الاشهر المتبقية من ولاية سليمان. ويذهب بعض الاطراف الى اقتراح قيام تسوية من ضمن صفقة كاملة تشمل رئاسة الجمهورية وتشكيل الحكومة والاتفاق على قانون الانتخاب وتحديد موعد لاجراء الانتخابات النيابية بعد الرئاسية، اي خلال مطلع الصيف.

تصعيد 8 اذار
تصر قوى 8 اذار على موقفها وقد شهدت الساحة اخيراً تصلباً لدى مكوناتها وتصعيداً في المواقف يترافق مع التطورات في سوريا والاتفاق الاميركي – الروسي لحل الازمة السورية وتوقع انعقاد «جنيف – 2» في تشرين الثاني (نوفمبر) والانفتاح الاميركي على روسيا وايران، عبر المكالمة الهاتفية بين الرئيس باراك اوباما والرئيس الايراني قبل مغادرة الاخير نيويورك، والتي احدثت «هزة» داخل ايران واعتراضاً من قبل الحرس الثوري، وانتقاد المرشد الاعلى علي خامينئي لـ «بعض تصرفات روحاني في نيويورك»، في خطوة لارضاء الحرس الثوري الذي يشعر بوجود خطة لتحجيم موقعه ودوره. واعلن روحاني عدم تعاطي الحرس الثوري في السياسة داخلياً وخارجياً بل عليه حماية الثورة وقد خفض من موازنته. كما تركت الخطوة الاميركية انزعاجاً لدى الدول الخليجية وعتباً تجلى بموقف وزير الخارجية الامير سعود الفيصل الذي شارك في الجمعية العمومية ولم يلق كلمة السعودية، كما لم يلتق اي مسؤول اميركي خلافاً للعادة.
حرّكت هذه التطورات جبهة 8 اذار التي رفعت سقف مطالبها وحددها النائب محمد رعد بالقول ان لا حكومة الا وفق شروط 8 اذار اي حكومة وفق الاحجام اي حكومة فيها الثلث المعطل لمكونات 8 اذار، وتلتزم معادلة: الشعب والجيش والمقاومة، وترفض المداورة، وان يكون اعلان بعبدا في متن بيانها الوزاري، بعدما نعاه رعد بقوله «غلوا وشربوا زومو لانه مات وهو ليس الا حبراً على ورق»، واتهم 14 اذار بانها هي من لم ينفذ الاعلان.
وتحاول مكونات 8 اذار التي شعرت بتغييرات مرتقبة في المنطقة ان تفرض شروطها في التأليف، بحيث يصبح الثلث المعطل ثابتة لدى تشكيل الحكومات تتمسك به 8 اذار، بحجة ان لا ثقة لها بقوى 14 اذار وبرئيس الحكومة الذي هو منها. ويقترح النائب وليد جنبلاط صيغة 9-9-6 كمخرج للمأزق، الامر الذي يرفضه سلام ويتمسك بصيغة 8-8-8.  فلا وزير ملكاً ولا وديعة بل حصص صافية. اما الصيغة المقترحة من جنبلاط فتحتاج الى ضمانة خارجية من ايران والسعودية. وتحاول مكونات 8 اذار ان تحصل على ثوابت في التشكيل رافضة العودة الى القاعدة التي وضعها سلام على اعتبار انها غير مقبولة. ويكرر العماد ميشال عون المطالبة بحكومة ثلاثينية وفق الاحجام والاوزان، ويرفض المداورة ويتمسك بثلاثية الشعب والجيش والمقاومة كما يرفض اعلان بعبدا. وتسعى مكونات 8 اذار من خلال موقفها الى عقد صفقة شاملة تضم الرئاسة والحكومة والانتخابات النيابية.

 موقف 14 اذار
اما قوى 14 اذار فتستغرب مواقف 8 اذار وعدم ملاقاتها في منتصف الطريق بعدما تراجعت عن حكومة حيادية نزولاً عند رغبة سليمان، وسارت بحكومة جامعة، ولكن وفق القواعد التي وضعها سلام اي لا ثلث معطلاً، لا لمعادلة الشعب والجيش والمقاومة، نعم لاعلان بعبدا لب البيان الوزاري  ونعم للمداورة. كما تحمل قوى 14 اذار على مواقف الرئيس نبيه بري ومبادرته التي اجهضها حلفاؤه قبل 14 اذار، ولانه محرج يحمل 14 اذار مسؤولية عدم التشكيل، وكذلك تفعل اوساط 8 اذار. غير ان رد 14 اذار واضح بانها «تريد حكومة حيادية تعنى بشؤون الناس» وترحل الخلافات السياسية الى طاولة الحوار بحيث نستأنف البحث في الاستراتيجية الدفاعية وفق التصور الذي وضعه الرئيس سليمان بما في ذلك موضوع سلاح حزب الله. وتستغرب 14 اذار مواقف بري من تشكيل الحكومة وعدم التشاور مع الرئيس سليمان في الموضوع بعد مقاطعته بعبدا، وعدم قيامه بالزيارة التقليدية كل اسبوع.
ويكشف احد السياسيين المطلعين ان بري «زعلان» من الرئيسين سليمان وسلام «لانهما لا يضعانه في الاتصالات التي يجريانها لتشكيل الحكومة ولا يتشاور سلام معه كما كان يفعل الرؤساء المكلفون بتشكيل الحكومة. وهذا العتب يلمسه زوار عين التينه وينقلونه الى  بعبدا والمصيطبه ويأتي الرد بان الدستور حدد الصلاحيات وعلى المعنيين التزام حدودها وعدم تجاوزها. ويستغرب سلام مبادرة بري بنقل التشكيل الى هيئة الحوار للاتفاق على شكل الحكومة، وي
رى في الاقتراح مساً بصلاحياته في التشكيل، وعلى القوى السياسية بما فيها بري ان تحدد موقفها في جلسة الثقة. ولذلك تدعو مكونات 8 اذار سلام الى الاعتذار بعدما فشل طيلة سبعة اشهر في التأليف وتدعو الرئيس سعد الحريري الى المجيء للاتفاق معه على المرحلة المقبلة.

 تريث او توقيع؟
هل يوقع الرئيس سليمان على التشكيلة التي سيرفعها اليه سلام في ضوء التطورات ام يتريث الاثنان بانتظار المستجدات واتضاح صورة التغيير وانفتاح ايران على الغرب وترجمة الاتفاق الاميركي – الروسي لحل الازمة؟ يقول وزير سابق ان التأخير الذي طرأ على صدور مراسيم الحكومة في النصف الاول من تشرين الاول (اكتوبر) كما كان متوقعاً يعود الى الاعتراض داخل ايران على استعجال روحاني الانفتاح على الغرب، خصوصاً على الولايات المتحدة، مما حمل 8 اذار على رفع سقف المطالب والتهديد بـ «7 ايار» (مايو)اذا شكل سلام حكومة من دون الاخذ بمطالبها. وان ارجاء زيارة الرئيس سليمان الى السعودية تم بالاتفاق بين بيروت والرياض بانتظار بلورة التطورات. ويؤكد زوار بعبدا ان الحكومة قد تبصر النور خلال هذا الشهر في ضوء التطورات فاما حكومة يشترك فيها الجميع من دون شروط ووفق القواعد التي وضعها سلام، واما حكومة حيادية تعنى بشؤون الناس حتى لو لم تأخذ الثقة بحيث يصار الى وضع الجميع امام مسؤولياتهم التاريخية وليتحمل الاطراف مسؤولية الفراغ.

فيليب ابي عقل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق