سياسة عربية

الصراع السوري هل يتحول الى فيتنام ايرانية؟

في الاجواء الديبلوماسية، ان لا احد كان يريد، ان يوجه الضربة الى سوريا، وكل طرف لاسباب خاصة به. وكما هو متوقع فان الضربة لن تحصل، فالاميركيون، يريدون ان يتجنبوا اية اخطار جانبية، توسع اطار المواجهة. ومن دون تسرع، سيتم اخراج الاسلحة الكيميائية من ساحة القتال، ولكن يبقى في استطاعة السوريين، ان يقتلوا بعضهم البعض، مستعملين وسائل اكثر تقليدية، ومقبولة من المجتمع الدولي. يبقى فقط ان نسعى الى ان نفهم اذا استطعنا، ماذا حصل خلال الاسابيع الاخيرة، في واشنطن، وفي موسكو، وفي دمشق، وفي بيروت، وفي القدس، وفي الامم المتحدة، وفي قمة سان بطرسبورغ، للدول العشرين؟ هل انها كانت مصارعة ثيران حقيقية، كادت تقود العالم الشرق اوسطي، الى شفير الهاوية؟ ام الى رقصة مقنعة؟!

فكرة تجميع كل الترسانة الكيميائية السورية، ونقلها الى موسكو، وازالتها امام اعين مراقبي الامم المتحدة، كان وزير خارجية روسيا، لافروف، طرحها قبل ثلاثة اسابيع على الاقل، ولكن باراك اوباما، لم يلاحظ، الا منذ ايام قليلة، رداً على احد الصحافيين، انه موافق على تسليم روسيا الغاز السوري، اذا جرى طرح الموضوع. وفي الوقت ذاته، اذا اخذنا في الاعتبار فارق السرعة. كان وزيرا خارجية روسيا لافروف وسوريا وليد المعلم، يطرحان الفكرة، في موسكو، تصوروا توارد الافكار!!! وفي هذا الوقت، كان الكونغرس الاميركي، بدأ في واشنطن، يعد مشروع قرار بالموافقة على تنفيذ الضربة، مع اعطاء الوقت الكافي لتطبيق الاقتراح الروسي، لان الامر، ليس ممكناً في ايام قليلة، فالقواعد المجهزة باسلحة كيميائية، هي 50 على الاقل، في سوريا، ومن اجل ان تكون فعالة الضربة الاميركية المفروض فيها، مبدئياً، ان تكون سريعة ومفاجئة، تشبه اكثر فاكثر، «الجوقة»، في اوبرا عائدة يعلنون انطلاقها باستمرار ولكنها لا تبدأ.

اتهام
والشك، وان كان الافتراض هو اشبه بالتخيل السياسي، هو في اتهام الروس والاميركيين، بانهم اتفقوا منذ البداية، على ان يمثل كل منهم الدور المتفق عليه، بحرية، ولم تنقص اياً منهم، مجالات التنافس والاستغلال الديبلوماسي، ولكن الخاتمة كانت مكتوبة: اخراج السلاح الكيميائي، من صراع في مثل هذه الخطورة، فالنظام، اتيح له ان يجرب اكثر من مرة، ويقولون ان اصوليين من القاعديين قد يفعلون الشيء عينه. ويردون بعنف اكبر.
واذا انتهت عملية الاخراج العظيم، بنجاح، فان الغاز سيخرج من الساحة، ولكن الحرب بين السوريين ستستمر، لان الاسابيع التي مرت لم تقدم اي شيء يساعد على المصالحة. فليس هناك اي شيء يمكن ان يتحقق في سوريا، من اجل سوريا، اليوم، ولكن هذا الشيء ممكن حول سوريا.
فالاقتراح الروسي حول سوريا الكيميائية، هو اشبه بالعرض الذي تقدمت به موسكو في سنة 2009، حول النووي الايراني: تغذية اليورانيوم الايراني للاستعمال المدني في روسيا.
وايران هي اليوم، الطريق الى الحل التوافقي، فهي ملتزمة مباشرة الوقوف الى جانب سوريا، في صراع يهدد بان يتحول الى فيتنام ايرانية، فالمساعدات المالية العسكرية التي تعهدت بها تجاه سوريا، مكلفة، بالنسبة الى دولة واقعة منذ سنوات تحت مطرقة العقوبات.

هدف اوباما
طهران، تريد، هي الاخرى، الانتهاء من صراع، مكلف، لا يعطي اية ضمانة بالنصر.
وهدف ادارة اوباما، هو التوصل الى اقامة علاقة مع الجمهورية الاسلامية، بعد 35 سنة من الجليد، اكثر من ايجاد حل للحرب السورية، اي تغيير المعادلة الشرق اوسطية، التي لم تؤد، الى اية نتيجة، مثلما فعل نيكسون وكيسينجر مع الصين، في الشرق الاقصى.
ومثلما لم يكن نيكسون يطمح، عهدئذٍ الى تحويل ماو تسي تونغ، الى ديموقراطي حقيقي، ولا يتوقع احد ان تصبح ايران اليوم، دولة علمانية، ولمدة طويلة من الزمن. ولكن المطلوب من اميركا، ان تقيم حواراً مع الدولة القائمة، كما جرى بالامس مع الصين الشيوعية.
فما يجري بين الولايات المتحدة، وايران، اليوم، هي الحرب الباردة الوحيدة، القائمة في العالم.
وحلها بطريقة منطقية يعطي الفرصة لمواجهة مشاكل المنطقة، بتفاؤل اكبر واهمها: النووي الايراني، الصراع السوري، طموح حزب الله، والاضطرابات العراقية من دون ان ننسى القضية الفلسطينية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق