دولياترئيسي

اول اتصال بين الغرب وايران

في أفق علاقات الغرب مع ايران «الجديدة» محاولات اختراق، والنظرة الأولى على التغييرات التي يمكن ان تكون حاصلة في الجمهورية الاسلامية سعى اليها لابو بيستللي، نائب وزير الخارجية الايطالية، في زيارة الى طهران، التي لم تر منذ سنوات، مسؤولاً من العالم الأوروبي. فكانت، اول اشارة خارجية، الى ان مرحلة تنتهي مع صفحة احمدي نجاد، والى ان صفحة جديدة قد تفتح، مع عدم الغرق بالاوهام، لأن ايران مليئة بالتحديات المعقدة، من: النووي، الى العلاقات مع الولايات المتحدة، الى التناقضات مع اسرائيل، الى سوريا…

وفي رأي المسؤول الايطالي: «أن امام الاتحاد الأوروبي، مجالات لإقتطاع مساحات، لإعادة اطلاق العلاقات الإقتصادية، اذا عرف كيف يستغل، حالاً، الهزة التي قد تسببها القيادة الجديدة، متى استطاعت ان تجمع بين دعم المرشد الأعلى، علي خامنئي والاصلاحيين، الذين اخمد لمعانهم طوال الثماني سنوات من حكم احمدي نجاد».
والصوت الذي ترفعه الدول المعنية، هي انها دفعت كذلك ثمن العقوبات المفروضة على ايران، وانه لا بد من التمييز بعد اليوم، بين التجارة الشرعية، وتلك الخاضعة للعقوبات، في المتاجرة مع ايران. وكانت وزيرة خارجية ايطاليا ايما بونينو اشارت الى أولوية «الديبلوماسية الإقتصادية»، والى ضرورة «الدفاع عن مواقعنا، كما تفعل سائر الدول». وفي هذا التلميح اشارة واضحة الى ما كان يجري حتى الآن، وراء الستار.
وفي اطار توجهات الحكومة الايرانية الجديدة الأساسية، لا يرى المراقبون الأوروبيون، اية خطوط واضحة في استثناء الذي قاله الرئيس روحاني: «سنعمل لإلغاء العقوبات الإقتصادية غير العادلة»، الأمر الذي يعني التوصل الى اتفاق حول تخصيب اليورانيوم. الرئيس روحاني يعرف الملف النووي جيداً، لأنه تعاطى معه، في الماضي ككبير المفاوضين الإيرانيين.

 الملف النووي
والجديد، هو ان الملف النووي، سيتولاه بإشراف المرشد الأعلى… وزير الخارجية، جواد ظريفي بينما عين الرئيس روحاني، وزير الخارجية السابق علي أكبر صالحي مساعداً له، ورئيساً للمؤسسة الوطنية للطاقة الذرية. وسبق لصالحي ان تولى الى وزارة الخارجية، رئاسة هذه المؤسسة. كما عمل في السابق، مندوباً لإيران لدى منظمة التعاون الإسلامي في جدة، وسفيراً لإيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية في جنيف. وعاد الوفد الإيطالي، من طهران بشعور «ان الاتفاقية في متناول اليد، تحت مظلة معاهدة عدم انتشار السلاح النووي الدولي، الموقعة من طهران».
ويبدو ان وزير الخارجية الجديد، جواد ظريفي، سيكون رجل التحول، فهو يحمل اجازتين جامعيتين من الولايات المتحدة، وعمل سفيراً لإيران لدى الأمم المتحدة مرتين، ومثل دوراً رئيسياً في عملية اطلاق سراح المخطوفين الأميركيين في لبنان. في ثمانينيات القرن الماضي وكان له دور رئيسي في ثلاث جولات من المفاوضات السرية لمحاولة التغلب على عقود من القطيعة، بين الولايات المتحدة وايران، وكان هو الذي تفاوض في بون مع حميد كرزاي بعد الحرب في افغانستان، على قيام حكومة تحالف وطني في افغانستان من دون الطالبان.
وقالت مصادر الخارجية الإيطالية، ان المواضيع الاساسية الاخرى، في أول اتصال غربي، جرى في طهران مع المسؤولين الإيرانيين الجدد، كانت افغانستان الى جانب الملف النووي وسوريا. واردفت هذه المصادر: «سنوقع قريباً، مذكرة توافق مع طهران، حتى في موضوع الإنسحاب من أفغانستان، في 2014 وبقاء قوة ايطالية في حيرات، بينما نقلت هذه الأوساط ان الايرانيين غير متفائلين بالنسبة الى المفاوضات مع الطالبان، لأنهم يرون انه ليس هناك طالبان «معتدلون» و«غير معتدلين». وان الأمر مجرد سوء فهم غربي.
ومع تراتبية الحكومة الإيرانية الجديدة يعلق المراقبون الأوروبيون، أهمية خاصة في الشؤون الإقتصادية، على مدير مكتب الرئيس روحاني محمد ناهافانديان، الذي سبق له العمل مستشاراً اقتصادياً للرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي، ثم كان رئيساً للغرفة التجارية والصناعية، النافذة، في طهران، التي يمر عبرها القسم الكبير من الصفقات التجارية التي تتم مع طهران. ويعتبر من العقول البراغماتية في السلطة الإيرانية. وهو الآخر، مجاز في الإقتصاد من الولايات المتحدة، ويحمل اجازة اقامة في نيويورك.

مئة يوم حاسمة
ونقل الوفد الايطالي، عن المصادر في طهران، ان المئة يوم الأولى من حياة الحكومة ستكون حاسمة، وليس مسموحاً الخطأ، لا بالنسبة الى الزمن ولا الى طريقة التصرف بالنسبة الى السياسة الخارجية. كما ستكون شؤون الوضع الداخلي دقيقة. من أجل ان يفهم الجميع، ان ايران «تتفاوض، من دون التنازل عن المبادىء». والذي توقف عنده الجميع، هو ان الحكومة اجتازت في سهولة الامتحان امام مجلس الشورى المحافظ الذي صادق على جميع الوزراء الرئيسيين الذين، رشحهم الرئيس الجديد، حسن روحاني لمجلس وزراء من الخبراء، سيتولى مهمة تنفيذ خطط اصلاح العلاقات مع العالم، وتخفيف العقوبات الدولية على ايران. حكومة روحاني تضم ثلاثة وزراء جاءوا من صفوف الباسدران والباسيجي، تلك الأجهزة الأمنية التي قمعت في 2009 الموجة الخضراء. أما بقية الوزراء فإن نصفهم هم من عهد أحمدي نجاد، وقد يكون لهذا التفصيل أهميته داخل ايران وخارجها.

جوزف صفير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق