سياسة عربية

اليمن: اجواء حرب ومواجهات دموية مع «القاعدة»

«اجواء حرب»، هذا هو الوصف الاكثر قرباً من تفاصيل المشهد اليمني على مدى الاسبوعين الاخيرين. لكنها ليست اجواء حرب اهلية، وانما حرب مع تنظيم القاعدة التي بدا واضحاً انها كشرت عن انيابها، وتجاوزت مرحلة التخطيط لتنفيذ عمليات كبرى في تلك البلاد.

التطورات التي شهدتها الساحة اليمنية كانت متعددة العناصر، وجاءت متزامنة مع حراك رسمي اطلقه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، الذي زار الولايات المتحدة والتقى الرئيس اوباما، واستقر به المقام في لقاء قمة مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز في مدينة جدة – السعودية. وبحث الزعيمان خلال القمة جملة من الملفات ابرزها التطورات على الساحة اليمنية وسبل انجاح الحوار الوطني، وما تعترضه من عقبات، خصوصاً الدعم المادي والسياسي الذي تقدمه السعودية للحوار، ولعملية الانتقال السياسي التي تقوم عليها العملية السلمية في البلاد ككل.
وبالتزامن، فقد تجاوبت السفارات الغربية مع تلك الاجواء سلبياً، حيث شهدت العاصمة اليمنية عملية رحيل جماعية للعديد من الدبلوماسيين الغربيين. بينما قررت بعض الدول اغلاق سفاراتها وشددت من اجراءاتها الامنية الداخلية وعلى مساكن دبلوماسييها، وطلبت من السلطات اتخاذ اجراءات احترازية، وطلبت من الدبلوماسيين عدم مغادرة منازلهم الا للضرورة.
في المشهد العام، كانت الولايات المتحدة قد اصدرت تحذيرات واتخذت اجراءات امنية شملت العديد من دول المنطقة، وامتدت الى دول اخرى، من بينها اغلاق سفاراتها في العديد من الدول، وفي منطقة الشرق الاوسط كاملاً. وردت ذلك الى تقارير امنية تتحدث عن احتمال قيام جهات ارهابية «تنظيم القاعدة» بتنفيذ اعمال وصفها متابعون بانها ترتقي الى مستوى احداث الحادي عشر من ايلول (سبتمبر). غير ان الانذار الذي اصدره البنتاغون وتفاعل في العديد من الدوائر الاميركية وصولاً الى البيت الابيض، كان مشدداً في ما يخص الساحة اليمنية.

احباط مخطط للقاعدة
وتزامن ذلك مع اعلان يمني باحباط مخطط أعده تنظيم القاعدة كان يهدف الى السيطرة على مدينتي المكلا وغيل في الجنوب وعلى منشآت نفطية حيوية ويستهدف غربيين يعملون فيها.
واكد متحدث رسمي يمني ان السلطات اليمنية أحبطت مخططاً كبيراً أعده تنظيم القاعدة للسيطرة على مدينتين في الجنوب، وعلى منشآت نفطية ولاستهداف غربيين يعملون فيها. وذكر المتحدث أن الهدف الرئيس للمخطط كان السيطرة على مدينتي المكلا وغيل باوزير في الجنوب مشيراً الى ان  هذا المخطط كان يشمل ايضاً منشآت نفطية حيوية بالقرب من المكلا.
وبالتزامن، تلقى تنظيم القاعدة في اليمن ضربة جديدة تمثلت بمقتل سبعة من عناصره في غارة جديدة نفذتها طائرة أميركية من دون طيار وذلك غداة إجلاء الولايات المتحدة وبريطانيا بعثتيهما الدبلوماسيتين في هذا البلد بسبب مخاوف من وقوع هجمات.
واعلن مسؤولون قبليون ان غارة جوية نفذتها طائرة من دون طيار اميركية واستهدفت سيارتين تتبعان القاعدة أثناء مرورهما في بلدة «نصاب» ما أدى إلى تدمير السيارتين ومقتل سبعة من عناصر التنظيم، وتحول من كان بداخلهما إلى قطع صغيرة بعد الغارة.                   والهجوم الذي تم تنفيذه، هو الخامس منذ الثامن والعشرين من تموز (يوليو). واسفرت هذه الهجمات عن سقوط 24 قتيلاً. وكان مسؤول اميركي اكد اجلاء 75 من موظفي السفارة على متن طائرة عسكرية اميركية اقلتهم بمواكبة طائرة اخرى الى قاعدة رامشتاين في المانيا. وردت الحكومة اليمنية بشدة على اجلاء الموظفين، موضحة انها لا تنكر وجود مخاوف امنية لكنها اعتبرت ان مثل هذا الاجراء يخدم مصالح المتطرفين.
وقالت وزارة الخارجية في صنعاء ان خطوة كهذه تقوض التعاون الاستثنائي بين اليمن والتحالف الدولي ضد الارهاب، مؤكدة ان السلطات المحلية اتخذت كل الاجراءات لضمان امن وسلامة البعثات الاجنبية.
واتخذت واشنطن هذا القرار بعد اغلاقها نحو 20 سفارة وقنصلية اميركية في الشرق الأوسط وافريقيا لايام عدة بسبب ما اعتبرته «تهديدات موثوقة». في الوقت نفسه، أعلن مصدر عسكري يمني مقتل خمسة جنود في هجوم شنته عناصر من القاعدة قرب منشأة بلحاف لانتاج الغاز جنوب شرق البلاد. وصرح المصدر بأن جماعة من القاعدة قدموا بسيارة الى جوار نقطة التفتيش وفتحوا النار باسلحة اوتوماتيكية مما ادى الى مصرع خمسة من الجنود قبل ان يتمكنوا من الفرار الى جهة غير معلومة. وينتمي الجنود الى وحدة مكلفة حراسة منشآت محطة تسييل الغاز الطبيعي المستخرج من شبوة التي تملك شركة توتال قسماً من اسهمها. كما قتل عنصران مفترضان في تنظيم القاعدة في غارة جديدة شنتها طائرة من دون طيار مساء الجمعة الفائت في جنوب اليمن. وبحسب تقارير محلية، قتل عنصران من تنظيم القاعدة، واصيب ثالث ونجا رابع من هجوم لطائرة اميركية من دون طيار استهدف سيارة في المنطقة العسكرية بمحافظة لحج –  شمال عدن.  وهذا الهجوم هو التاسع لطائرة من دون طيار في اليمن منذ 28 تموز (يوليو) الفائت، ما ادت في المحصلة الى مقتل 38 شخصاً. ولقي جنديان يمنيان مصرعهما وأصيب ثلاثة آخرون بجروح، في مواجهات بين رجال الأمن ومجموعات مسلّحة بمحافظة لحج جنوب اليمن.

مواجهات مسلحة
وأفاد مصدر أمني يمني أن مواجهات بمختلف أنواع الأسلحة بين قوات الأمن المركزي ومجموعات مسلّحة وقعت في حي «القبسة» بمدينة لحج ثانية أكبر مدن الجنوب، مشيراً إلى أن المسلحين تمكنوا من الاستيلاء على إحدى سيارات الأمن المركزي. وفي حادث مرتبط بالاضطرابات في البلاد، اعلن ان عناصر قبلية اسقطت مروحية للجيش اليمني ما ادى الى مقتل ثمانية جنود. واسقطت المروحية خلال اشتباكات بين الجيش وعناصر قبلية كانت تمنع اصلاح انبوب للنفط في محافظة مأرب تعرض لتفجير خلال الاسبوع الماضي. ويمتد هذا الانبوب على طول 320 كيلومتراً وهو يربط بين الابار النفطية في صافر ومصب رأس عيسى على البحر الاحمر.
وفي تلك الاثناء، قالت صحيفة وول ستريت جورنال: إن فرع القاعدة في اليمن هو من يقف وراء خطة شن الهجمات الارهابية على المصالح الغربية، وليس زعيم التنظيم أيمن الظواهري. ونقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي قوله: إن مخطط هذه الهجمات هو زعيم تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية ناصر الوحيشي، وليس الظواهري، بحسب اتصال التقطته الاستخبارات الأميركية بين الظواهري ومسؤولين في القاعدة في اليمن، وإن هذا الأخير وافق على الخطة، من دون أن يكون له يد في تصميمها.

اليمن – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق