مهرجان

«إهدنيات» تعاكس هواء الشمال الحزين

ثمة من يقول ان «هواها» بعيد… ومنهم من يربط خط  بلدة اهدن الشمالية بخط الأمن المهزوز والفتنة النائمة في البلد. لكن من يزرها مرة ويتنشق هواءها المتكىء على  مهرجانات اهدنيات الدولية يدرك ان التحدي الذي اتخذته لجنة المهرجانات كان في مكانه، وأصاب حيث لا يجرؤ المخلون بأمن البلد ولا العابثون بأعصاب أهله في اخماد أنوار الساحات المضيئة بموسيقى الفن الراقي وتمايل أجساد راقصات الباليه الروسي. 3 آب (اغسطس)، هو موعد انطلاق مهرجانات اهدنيات الدولية، فهل ثمة من يشكك بعد بالتاريخ والموعد؟

العام الماضي أطفأت لجنة مهرجانات إهدنيات الدولية أنوارها وأعلنت عن إلغاء مهرجاناتها على خلفية احداث طرابلس. لكن عجقة السياح والمغتربين التي غصت بها شوارع إهدن، وحجوزات الفنادق ضربت كل المقاييس، كل شيء كان كاملاً ويهيىء لصيفية مليئة بالحياة والفرح . يومها لم يكن ينقص إلا «إهدنيات». لكن كلمة «لو» لم تعد تنفع في حينه.
على هذه القاعدة حضّرت لجنة مهرجانات إهدنيات الدولية التي ترأسها السيدة ريما فرنجية برنامجها لصيف 2013. الروزنامة مليئة بأسماء فنانين لبنانيين وعالميين وفرقة رقص باليه عالمية روسية. أما موعد الإفتتاح فحدد في 3 آب (اغسطس)، والرهان سيكون حتماً على اللبنانيين المقيمين والمغتربين  الذين يؤمّون بلدة إهدن سنوياً غير آبهين بالمشاهد التي تنقلها وسائل الإعلام المحلية والعالمية، ولا حتى بأخبار التوك الشو وأحاديث الفتنة المتنقلة في عاصمة الشمال طرابلس. فلجنة إهدنيات أخذت على عاتقها رهاناً وقررت ان تسير فيه حتى النهاية. تنجح أو لا تنجح؟

مهرجانات عالمية
عضو لجنة مهرجانات إهدنيات الدولية جوزيان الدويهي أوضحت ان صفة العالمية وضعت على ملصقات إهدنيات في العام 2011 «فقبل هذا التاريخ كانت تقتصر روزنامة المهرجانات على أسماء فنانين لبنانيين وفرق رقص محلية. وفي العام 2011 بدأنا نستقطب فنانين عالميين بعدما لاحظنا أن جمهورنا بدأ يتوسع ويكبر وصار يطالب بأكثر مما هو محضر له في سلة برنامج المهرجانات المحلية. فكانت الخطوة الأولى مع أسماء فنانين عالميين. ومن حينه اكتسبنا صفة العالمية. أما الحافز الأكبر فكان خليط الجمهور الذي يجمع بين اللبناني المقيم والمغترب، ويصر في كل سنة على تخطي كل الحواجز والعوائق السياسية والأمنية.
نسأل عن الظروف الأمنية التي تبدلت بين العامين 2012 و2013؟ وما هي الضمانات التي دفعت إدارة إهدنيات إلى تخطي الحواجز الأمنية وتداعيات أحداث طرابلس وإقامة المهرجانات؟ ويأتي الجواب: «عندما قررنا إلغاء المهرجانات في العام الماضي لمسنا حماسة شعبية ورغبة في أن يكون هناك مهرجان يضفي على ليل اهدن الفرح والحياة.  لكن لم يعد في الإمكان ترتيب برنامج دولي في مهلة زمنية قصيرة. هذه السنة قررنا تخطي كل الهواجس التي حالت دون إقامة المهرجان في العام الماضي. لكن طبعاً مع تأمين الضمانات الأمنية للفنانين الضيوف والجمهور».
نعود إلى تاريخ إهدنيات. فقبل 7 أعوام انطلقت مهرجانات إهدنيات ببرنامج تراثي وحرفي وسينمائيات إضافة إلى نشاطات فنية محلية. ومع هذا البرنامج كانت عجقة السياح والمغتربين تملأ الشوارع والمقاهي والفنادق ليلاً نهاراً. وهذا اقل ما يمكن أن تشهده بلدة أو مصيف لبناني يتكىء على كتف الشمال اللبناني ويضم إلى أهله المميزين باستقبالهم وضيافتهم، سياحة بيئية مميزة تبدأ بمحمية إهدن وتكمل مشوارها نحو الغابات والحدائق والساحات العامة.

الحدث المنتظر
من البيئة إلى التراث الديني حيث توجد أقدم كنيسة مارونية هي كنيسة مار ميما، لكن يبقى لمهرجانات إهدنيات الطابع المميز الذي يستقطب كل الفئات ويحول البلدة في موسم الإصطياف إلى خليط يجمع بين السياح الأجانب والمغتربين واللبنانيين. ثم من قال إن السياحة كانت معدومة هذه السنة؟ في إهدن مثلاً تؤكد الدويهي أن الفنادق كانت محجوزة بالكامل قبل أيام من انطلاق المهرجان والكل قرر أن يتجاوز المحطات الأمنية المعاكسة لإرادة الحياة والفرح. وبقي الرهان على الفنانين العالميين، وفي هذا المجال توضح الدويهي أن الدعوة اقترنت ببعض التوضيحات لا سيما في ما يتعلق بموقع إهدن على الخريطة الجغرافية المنفصل في المكان عن مدينة طرابلس: «من هنا لم نكن نحتاج لأية توضيحات إضافية خصوصاً أننا لمسنا مدى تعطش أهالي إهدن والمغتربين والسياح لمساحة «إهدنيات» التي ألغيت بسبب أحداث مدينة طرابلس العام الفائت. أضف إلى ذلك عامل الثقة القائم بين إدارة لجنة المهرجانات والفنانين العالميين الذين نستضيفهم سنوياً».

 

 


على الروزنامة
برنامج مهرجانات إهدنيات لصيف 2013 يرضي جميع الأذواق. والإفتتاح الذي حدد موعده في 3 آب (اغسطس) ينطلق بلفحة تراثية وحنين إلى الماضي الجميل مع فرقة «فهد العبدالله» الفولكلورية التي بدأت تاريخها في الرقص الشرقي مع الرحابنة والسيدة فيروز، وجالت في كل اصقاع العالم حاملة معها نفحات الدبكة اللبنانية والتراث الشعبي . وتتميز الليلة الثانية من إهدنيات بصوت الفنانة الفرنسية «إيما شابلن» التي تتميز بأدائها الراقي وأسلوبها الغنائي الذي يجمع بين غناء الروك والأوبرا وكل أنواع الغناء الأخرى.
موعد عشاق الأغنيات الرومنسية القديمة سيكون مع أسطورة الغناء اليوناني ديميس روسوس. خيار في مكانه في زمن بات يتعطش فيه متذوقو الفن الراقي لمساحة تفوح فيها رائحة العشق وذكريات الحب الأول من خلال صوت يجمع بين الرومنسية والقوة والحنان. وهذا ما سيترجمه الفنان ديميس روسوس في حفله المقرر ليل 10 آب (اغسطس). وفي 16 منه حجز عشاق رقص الباليه مقاعدهم لمشاهدة عرض فرقة الباليه الروسية MOSCOW BALLET RFB التي ستجسد رائعة تشايكوفسكي  SWANE LAKE بأجسادها المتمايلة على نغمات موسيقية رائعة وفي ظل أجواء لا تشبه إلا هوا إهدن.
نعود إلى الحنين. وهذه المرة مع الفنانة اللبنانية «حنين وفرقتها الكوبية» التي ستحيي واحدة من أجمل الحفلات التي تجمع فيها كما العادة بين الغناء الشرقي والفن اللاتيني على وقع دعسات الفلامنغو الرائعة. والموعد كما هو محدد على البرنامج في 17 آب (اغسطس). أما مسك الختام فسيكون في 24 آب (اغسطس) مع قيصر الغناء كاظم الساهر.
وعلى هامش المهرجان الذي يقام بالتعاون مع إتحاد بلديات زغرتا الزاوية نظمت إدارته بالتعاون مع جمعية «كيدز فيرست» التي تعنى بمعالجة الأطفال المصابين بمرض السرطان  3 ايام مخصصة للأطفال، وتضم نشاطات فنية وترفيهية وتثقيفية. ويعود ريع «إهدنيات» إلى أطفال مركز التوحد في الشمال وأطفال مركز معالجة السرطان. وبذلك يكون لهوا إهدنيات هذه السنة نفحة عبير إنسانية وفنية مميزة. عساها أن تنسحب على باقي المهرجانات التي تحمل طابع الدولية في لبنان.

ج. ن
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق