تشكيل

باسكال مسعود وجدت بيروت… لم تجدها!

مثلها مثل كثيرين ممن عرفوا عاصمتنا العزيزة بيروت قبل اعادة الاعمار، صحيح ان الفنانة التشكيلية باسكال مسعود وجدتها حديثة بحلة جديدة  لكنها لم  تتعرف عليها، لا شيء فيها يدل على انها بيروت نفسها التي تحن اليها بقوة: بيروت التي انطبعت صورتها في ذاكرتها صغيرة، بيروت القديمة باسواقها الشعبية، بقناطرها، بالبضائع المعروضة بعشوائية ولا مبالاة… فاين ذلك العقد الذي سقط على الارض ولم يهتم صاحبه ليعيده الى مكانه؟ اين بائع العصير الذي كان ينادي للناس؟، اين بائع الفستق السوداني، ذاك الفستق  الذي كان برائحته وسخونته يغري المارة ويحثهم على الشراء؟ تسأل وتسأل باسكال مسعود باحثة عن روح بيروت.

تحت عنوان «وجدتها لكنها لم تزل مفقودة» عبرت باسكال مسعود عن هذه الاشكالية وعن هذا التناقض وعن مشاعرها حيال عاصمتنا الجديدة والقديمة  من خلال 30  لوحة بالحجمين الكبير والصغير المنجزة  بمواد مختلفة وشكلت معرضها الفردي الاول في غاليري اكزود الاشرفية – بيروت.

 

اين روح بيروت؟
«لم تكن بيروت بهذه النظافة وبهذه اللماعية المبالغ بها، لم اشعر بالارتياح لبيروت الجديدة، وجدتها ناشفة لا روح فيها». قالت باسكال مسعود لـ «الاسبوع العربي»، وتابعت: «لم ازل احن الى  اسواق بيروت القديمة، الى تلك الزحمة المحببة، لكننا اليوم لا نجد سوى أعمدة لا نهاية لها بلا روح وبلا بركة. تاريخنا الجميل والغني فقدناه وصار كل شيء ذا طابع تجاري»، وتساءلت: «ماذا نترك لاولادنا من تراثنا؟ للاسف انا بحثت كثيراً وبالكاد وجدت صوراً قليلة معدودة عن اسواق بيروت القديمة، سوق النورية وسوق الطويلة وباقي الاسواق».
جولة على لوحات مسعود ستلاحظ ان الفنانة جعلت المشاهد القريبة في اللوحات ضبابية غامضة، والمشاهد البعيدة واضحة لكنها صغيرة وبعيدة هذا لانها من الماضي، وهي في الواقع ذكريات، وقد استخدمت الفنانة الواقعية التجريد بالتناوب، معتمدة هذا الاسلوب عمداً لتهميش الاسواق الجديدة. وهي توضح ان موضوع المعرض تطلب هذا الاسلوب لكنها لم تنتهج التجريد او الواقعية بشكل دائم، مع انها لا تنكر انها تحب القديم والتراث والاصول ولقد ابت ان تنظم معرضاً قبل ان تنهي دراستها للرسم والتلوين والترميم، مع العلم بأنها ترسم منذ الصغر منذ ايام المدرسة، حيث كانت ترسم البحر وترسم الاساتذة بشكل كاريكاتوري، لكن الاهل لم يشجعوها على الالتحاق في وقت مبكر بكلية الفنون.
واذا كانت باسكال مسعود ترسم تبعاً لاسلوبها المتميز، الا انها تأثرت خلال سنوات الدراسة بكلود مونيه وادغار ديغا، والقاسم المشترك بين الرسامين انهما غيرا اسلوبهما اثر حالة مرضية اصابت  عيونهما فديغا صار اكثر عفوية وعشوائية وجنوناً ومونيه اتجه اكثر فاكثر صوب التجريد. والفنانة بدورها التي بدا نظرها يخف ترى انها ستتجه الى التجريد الذي بدا ناجحاً عندها كما لاحظنا.

دور الفنان
باسكال مسعود تؤمن بدور مؤثر للفنان. لذا لا ترى نفسها ترسم يوماً بلا هدف او دون ان يكون لها رسالة معينة من خلال معرضها، وهي ممن يخططون مسبقاً: «لا امسك فرشاة الرسم قبل ان اعرف الى اين انا ذاهبة وماذا اريد، لكن في بعض الاحيان قد نرسم ومن ثم نكتشف ماذا نريد»، وكما ان المعرض الحالي تطلب منها سنة من العمل، فان معرضها المقبل ستفكر به جيداً وتحضر له. وهناك اكثر من موضوع يراودها لاقامة المعرض المقبل، مثل موضوع الامومة او وجوه مرت في حياة الفنانة وكان لها تأثير في  حياتها.
اما النقد فمرحب به عندها لانه يساعدها على تطوير عملها. اما مسألة البيع بالنسبة اليها على غرار سائر الفنانين فليست مهمة بقدر زيارة المعرض من قبل الجمهور والتفاعل مع اللوحات، وعند البيع تهتم اذا ما كان الشاري يقدر العمل بحد ذاته ولا يشتريه بهدف التباهي وحب الظهور ويتعامل مع الموضوع بسطحية.
ختاماً تجدر الاشارة الى انه قبل هذا المعرض، شاركت باسكال مسعود في معارض جماعية عدة، ابرزها مع منتدى ابداع ومنتدى الوان وفي معارض جمعية الفنانين والنادي الثقافي العربي.

كوثر حنبوري
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق