افتتاحية

كلمتنا

عودوا الى منازلكم فالتاريخ لا يرحم
يوم الجمعة 31 ايار (مايو) الماضي، كان يوماً اسود في تاريخ الحياة الديموقراطية في لبنان. أقدم النواب وفي جلسة لم تستغرق اكثر من عشر دقائق على التمديد لأنفسهم سبعة عشر شهراً متجاوزين المواطنين، منتزعين منهم حقهم الدستوري في اختيار ممثليهم. فكتبوا بذلك صفحة سوداء وظهروا امام العالم كله بأنهم قاصرون عن ممارسة واجباتهم، في وقت كان لبنان على مدى عقود رمزاً للديموقراطية في المنطقة.
وقبيل الجلسة المعيبة وبعدها، تسابقوا عبر الشاشات التلفزيونية الى تقديم التبريرات لهذا العمل المرفوض، الا انهم لم يقنعوا احداً لا في لبنان ولا في الخارج. لقد شعروا في قرارة انفسهم بفداحة الخسارة المعنوية التي تسببوا بها للبلد الذي حولوه الى دولة مارقة، قاصرة، غير قادرة على تسيير امورها في غياب وصي خارجي عليها. ولكن ما العمل فمصالحهم اهم من البلد؟!
قالوا انهم اقدموا على التمديد لانفسهم من اجل مصلحة لبنان، وكادوا ان يقولوا ان الشعب رجاهم لكي يبقوا. فمن اعطاهم هذا الحق الذي هو ملك الشعب، الذي وحده يقرر ويختار من يمثله؟ وباسم من مددوا لانفسهم حوالي السنة ونصف السنة؟
قالوا انهم مددوا ولايتهم ليتمكنوا من وضع قانون عادل للانتخاب ينصف الجميع، فأين كانوا طوال اربع سنوات قضوها في المهاترات على حساب الشعب الذي اختارهم ليؤمنوا له مصالحه فاذا بهم يؤمنون مصالحهم على حسابه؟
عطلوا الحياة السياسية، ومنعوا مراراً قيام حكومة. قبلوا بحكومة اللون الواحد فغيبوا من خلالها اكثر من نصف اللبنانيين. فانهار الاقتصاد وتدهور الامن وعمت البطالة والفقر والجوع، فهل يحق لهؤلاء بعد ذلك ان يبقوا في اماكنهم وبارادتهم… لا بارادة الشعب؟
ادعوا ان الظروف الامنية لا تسمح باجراء انتخابات نزيهة، ونحن نسألهم متى سهلوا ان تكون الانتخابات نزيهة؟ لقد افسدوا كل المعارك الانتخابية بالضغوط والسلاح والمال، واغدقوا الوعود الكاذبة على الناخبين، حتى اذا ما وصلوا اداروا ظهورهم. ثم اننا نسألهم من عكر صفو الامن ومن خلق هذه الاجواء الضاغطة لتعطيل الانتخابات؟ لماذا اشتعلت في طرابلس، ولماذا توقف القتال بعد الاتفاق على التمديد؟ ثم لماذا عادت واشتعلت بعد تقديم الطعن بقانونهم الاسود؟
قالوا انهم منذ هذه اللحظة سيبدأون بدرس قانون جديد للانتخاب، ونحن نقول لهم انهم لن يتفقوا على وضع اي قانون، لانهم لا يريدون ان تجري الانتخابات، والذين لم يعملوا من اجل هذا الاستحقاق طوال اربع سنوات، هل سيعملون اليوم؟ اننا متأكدون من ان قانون الانتخاب لن يبصر النور وان التمديد سيجر التمديد على غرار ما حصل ابان سنوات الحرب. فما رأي رئيس المجلس المسؤول الاول عن هذا التقاعس؟
لقد اختلفوا على كل شيء ولما دعت مصلحتهم سارعوا الى الاتفاق على التمديد لانفسهم، فضربوا بذلك كل القيم الوطنية، والاستحقاقات الدستورية، وسجلوا نقطة سوداء كبيرة في السجل اللبناني المثقل اصلاً بالسواد، فهل يستحق هؤلاء بعد اليوم ان ينطقوا باسم الشعب؟ هل سألوا هذا الشعب المغلوب على امره ان كان يقبل بالتمديد لهم؟ من قال لهم ان وكالتهم لم تسقط بعد كل ما فعلوه، وبعدما نشروا غسيلهم الوسخ وخلافاتهم امام العالم كله؟ ثم هل ان الشعب يقبل بعد اليوم بأن يختارهم هم انفسهم ليمثلوه؟
ايها النواب الممددون لانفسكم عودوا الى اصول اللعبة الديموقراطية، فاجمعوا اوراقكم واذهبوا الى منازلكم، واتركوا الشعب يختار ممثليه. فالتاريخ لا يرحم.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق