افتتاحية

متسلط… يسخّر كل القطاعات لخدمته

هل دخل نوري المالكي رئيس الحكومة العراقية نادي الديكتاتوريين فأصبح ديكتاتوراً متسلطاً مهيمناً على كل شيء في العراق، وحصر جميع السلطات في يديه، متجاهلاً ارادة شرائح كبيرة من المجتمع العراقي تناصبه العداء وتعارضه في سياسته هذه؟
فهو المتسلط على كل شيء، اولاً على السلطة التنفيذية المتربع على عرشها منذ سنوات طويلة، يقرب هذا ويخوّن ذاك، ويلاحق كل من يقف في وجهه مسخراً القضاء لاصدار الاحكام التي يريدها هو، والتي تتناسب مع سياسته واطماعه. فقبل ايام اقدم على ازاحة وزراء في الحكومة بينهم وزير الخارجية هوشيار زيباري واعطاه اجازة اجبارية وعين مكانه نائبه لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني مؤقتاً. كما ابعد وزير التجارة خيرالله حسن بابكر ومنحه هو الآخر اجازة اجبارية وعين مكانه وزير العدل حسن الشمري بالوكالة، والوزيران المبعدان كلاهما كرديان، فصعد بذلك التوتر القائم بينه وبين الاكراد، غير عابىء بردة الفعل التي يمكن ان تسفر عنها هذه القرارات.
في الوقت عينه، امر الجيش العراقي باقتحام اعتصام قضاء الحويجة في محافظة كركوك رغم النصائح التي اسديت اليه فأشعل بذلك مواجهات دموية بين الجيش والمعتصمين اسفرت عن سقوط عشرات القتلى وعدد كبير من الجرحى.
كذلك تسبب المالكي بزيادة التوتر بين الحكومة والمحافظات السنية التي تتهم السلطات في بغداد بتجاهل مطالبها وانتهاج سياسة طائفية وهي التي سبق لها وساندته في معركته ضد القاعدة.
خطوة المالكي هذه ادت الى انتشار مسلح في تلك المنطقة، وسار المحتجون يرددون شعارات تدعو الى الثأر للذين سقطوا في ساحة الاعتصام. كما اقدم وزير التربية محمد علي تميم على تقديم استقالته احتجاجاً على اقتحام الحويجة. كذلك استقال وزير العلوم والتكنولوجيا عبد الكريم السامرائي. وكان قبل ايام قد اقدم وزيران سنيان على تقديم استقالتيهما احتجاجاً وهما وزيرا المال رافع العيساوي والزراعة عز الدين الدولة. ومسك الختام كان استقالة صالح المطلك.
وكلنا يتذكر ان المالكي استطاع ان يشكل حكومته بعد جدل طويل بينه وبين كتلة «القائمة العراقية» برئاسة اياد العلاوي، انتهى الى توقيع اتفاق بين الطرفين التزم بموجبه المالكي بسلسلة تعهدات. وما ان تربع على كرسي رئاسة الحكومة حتى ضرب عرض الحائط بكل ما ورد في الاتفاق، ولم ينفذ بنداً واحداً منه فتدهور الوضع بينه وبين خصومه.
وفي استعراض سريع للوضع السياسي في العراق والذي تسبب به المالكي نفسه، نرى انه اصبح خصماً لـ «اللائحة العراقية» التي نالت الاكثرية في الانتخابات النيابية الماضية، ومحارباً جدياً للقوى السنية التي تشهد اليوم اضطرابات امنية واسعة احتجاجاً على سياسته. وهو على خلاف مع التيار الصدري الذي يمثل ما يمثل في العراق، كما انه ليس على علاقة جيدة مع مرجعية السيستاني. واخيراً تمدد الخلاف فشمل الاكراد وتوترت الاجواء بينه وبين البرزاني واتباعه. باختصار لقد اصبح على خلاف مع معظم شرائح المجتمع العراقي، فهل يكفي الاتكال على ايران وحده لينقذه من هذه الورطات التي اوقع نفسه فيها؟
لقد جاءت نتائج الانتخابات المحلية الاخيرة تؤكد تدهور شعبيته مقابل تصاعد شعبية القوى المناهضة له. فهل يمكنه بعد ذلك كله ان يستمر في هيمنته، ام ان الايام المقبلة ستحمل معها المفاجآت؟

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق