سياسة لبنانية

السلفيون يدعون الى الجهاد وبراثن الفتنة تطل من جديد

لم تمض ساعات على اعلان الجيش السوري الحر «نقل معركة الدم الى قلب لبنان، بعد دخول عناصر من حزب الله الى قرى القصير وعلى مرأى من العالم…»، حتى نفذ تهديده بقصف مناطق في الهرمل والقرى المجاورة، وهدد بقصف مناطق بعلبك والهرمل والضاحية والمناطق التي فيها مراكز لحزب الله اذا لم يسحب الاخير عناصره من الداخل السوري ويتوقف عن دعم النظام.

وصفت الاطراف السياسية ما جرى بانه تطور خطير يستهدف لبنان. وارفقت الخطوة السورية بدعوات لبنانية لمنع نقل مصابي المعارضة السورية للعلاج في لبنان، كخطة  ضغط على «الجيش الحر» لمنعه من قصف المدن والقرى اللبنانية. ودعا عدد من العلماء السنة السلفيين الشباب السني الى الجهاد لنصرة اخوانهم في سوريا، في خطوة اعتبرت رداً على تورط حزب الله في الحرب تحت عنوان جهادي «لحماية اللبنانيين الشيعة الموجودين داخل الاراضي السورية». واستدعى الرئيس ميشال سليمان قائد الجيش العماد جان قهوجي للاطلاع منه على التطورات في المناطق الحدودية المحاذية لسوريا. ويعتبر سليمان ان استهداف لبنان بالقذائف والصواريخ لا يحقق المطالب المتعلقة بالديموقراطية، خصوصاً انه يكفي لبنان ما لا طاقة له على احتماله في موضوع النازحين السوريين وايوائهم، علماً بأن لبنان ملتزم العمل على ضبط حدوده تنفيذاً لاعلان بعبدا. وطلب الرئيس سليمان من الجيش والمعنيين اتخاذ التدابير اللازمة لمنع الاعتداء على اللبنانيين والحفاظ على سلامتهم.

تمسك باعلان بعبدا
تزامنت هذه التطورات مع اعلان المسؤولين والقوى السياسية، لا سيما الرئيس المكلف تمام سلام، عن تمسكهم والتزامهم بسياسة النأي بالنفس عن التطورات في سوريا، ومنع تعرض الساحة الى تداعيات المعارك الجارية فيها. كما اكد هؤلاء تمسكهم باعلان بعبدا الموقع من مكونات المجتمع اللبناني واطراف هيئة الحوار، والقائم على «تحييد لبنان عن الصراعات الاقليمية والدولية». واعتبرت اوساط حزب الله ان ما يقوم به الحزب في سوريا «واجب جهادي» لمنع تدنيس الاماكن المقدسة الشيعية، (مقام السيدة زينب)، ولحماية اللبنانيين الشيعة المقيمين داخل الاراضي السورية، لان هناك نحو خمس قرى سورية على الحدود يقطنها لبنانيون شيعة. واوفد الحزب الى هذه المنطقة اعداداً كبيرة من عناصره لتنفيذ المهمة. وسقط له عدد من القتلى. ولم ينكر الحزب مشاركته في المعارك الدائرة في سوريا، حتى ان الامين العام حسن نصرالله انتقد في اطلالاته التلفزيونية سياسة النأي بالنفس التي اعتمدتها الحكومة الميقاتية المشارك فيها، واكد على ضرورة الوقوف الى جانب النظام في سوريا.
وسط هذه التطورات نقلت مصادر سياسية قريبة من السفارة السعودية في لبنان معلومات تفيد بأن حزب الله ابلغ السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري، رغبته في ارسال وفد من الحزب لزيارة المملكة، وبعد مراجعة المسؤولين في السعودية ابلغ السفير قيادة الحزب بأن الوفد محط ترحيب في المملكة متى يزورها. واعتبرت الخطوة تطوراً ايجابياً قد يكون له انعكاساته على تشكيل الحكومة واخراج العملية من حال المراوحة. وكانت محطة «المنار» التابعة للحزب استضافت منذ فترة السفير عسيري الذي بعث من خلال شاشتها رسائل ايجابية عدة الى اكثر من طرف. ونقل السفير الايراني في لبنان غضنفر ركن ابادي الى الرئيس المكلف تمام سلام رسالة من الحكومة الايرانية انطوت على الدعم والمساعدة لتسهيل مهمة التشكيل.
وسألت اوساط سياسية في قوى 14 اذار عن مصير مهمة السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي بعد التطورات الاخيرة في الهرمل، وهل سيعترف بان عناصر الحزب متورطة في المعارك في سوريا؟ وما رده على خرق السيادة اللبنانية من الاراضي السورية؟ وهل يعزو الخرق الى تورط الحزب؟ وتساءلت هذه الاوساط: ماذا بامكان السفير علي ان يقول بعد المواقف التي اطلقها عبر منبر الخارجية ورد على رئيسي الجمهورية والحكومة من دون ان يعاتبه وزير الخارجية عدنان منصور رغم تسلمه كتاباً رسمياً بذلك من دوائر القصر. وتمسك منصور بالسرية في العمل الدبلوماسي وخصوصية وزارة الخارجية، لتحاشي الرد على اسئلة الاعلام حول مواقف السفير السوري. وطالبت جهات سياسية في قوى 14 اذار بان يتم استدعاء السفير علي وابلاغه احتجاجاً لبنانياً شديد اللهجة على تصرفاته التي تخالف اتفاقية فيينا. وسألت الوزير منصور: ماذا فعل حيال تصرفات السلطات السورية مع السفير اللبناني ميشال الخوري التي كانت تفتقر الى ابسط قواعد اللياقة والاحترام؟ حتى ان وزارة الخارجية لم تستقبله طيلة وجوده في سوريا قبل ان يغادرها بعدما عجزت الدولة السورية عن تأمين الحماية له ولافراد السفارة، على اثر اندلاع المعارك، وتعرضت السفارة الى اعتداءات اكثر من مرة.

دعوة الى الجهاد
امام هذه التطورات اعلن عدد من العلماء السلفيين الجهاد في سوريا لنصرة السنة، وحصلت حوادث في طرابلس وبعلبك لها الطابع المذهبي، وتخوف البعض من ان تؤسس الى اشعال نار الفتنة، الامر الذي تسعى الدولة جاهدة عبر مؤسساتها وقواها السياسية الى تداركه ومنع لبنان من الوقوع فيه، علماً بأن ما يجري على الحدود اللبنانية – السورية الشرقية والغربية يؤشر الى وجود مخطط سوري لنقل المواجهات من سوريا الى لبنان عبر اشعال نار الفتنة، وان تحرك العلماء السنة والمجموعات السلفية في هذه المرحلة يؤشر الى امكان حصول ذلك، اذا لم يسارع المسؤولون الى تدارك الامر. وتعتبر اطراف سياسية ان ما جرى في بعلبك يؤشر الى مرحلة من التصعيد والمواجهة، وان سوريا النظام تسعى الى تفجير الوضع على الساحة اللبنانية علّ ذلك يخفف الضغط عنها.
وطرحت التطورات الاخيرة على الحدود علامات استفهام حول مستقبل الايام والاستقرار على الساحة والمظلة الدولية الواقية له، مما قد يحمل المسؤولين على التحرك لمواجهة مخطط الفتنة من خلال استعجال تلبية دعوة الرئيس ميشال سليمان لاجتماع هيئة الحوار لتدارك الخطر وانقاذ الوطن.

ف. ا. ع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق