علوم

رادار للمراقبة يرى ما وراء الحواجز

باستثناء البطل الخارق في افلام الخيال العلمي لا تستطيع العين البشرية الطبيعية ان ترى ما هو خلف الحواجز. لكن راداراً مصغراً من معهد فراونهوفر للفيزياء التطبيقية يمكنه ان ينظر وراء الورق والكرتون والخشب والمواد الصناعية الاخرى.

استعرض علماء معهد فراونهوفر الالماني الرادار المصغر امام زوار معرض هانوفر للصناعة المتكاملة لعام 2013، وهو المرشح الاول لنيل جائزة افضل الاختراعات التقنية.
والرادار الجديد عبارة عن رادار وجهاز استشعار للموجات المصغرة في آن واحد، يرسل الترددات بين 75 و110 جيغاهيرتز ويضمن من ثم كشف المواد والاشكال المتحركة والثابتة عن بعد ومن وراء الحواجز.
وحسب مصادر المعهد فان الرادار المصغر قادر ايضاً على الكشف والاستقصاء بدقة اثناء العواصف الثلجية الكبيرة والعواصف الترابية والغيوم السميكة المحملة بالماء.
وهذا ليس كل شيء، لان قدرته على اختراق المواد تمكن الرادار من اعطاء مقاييس اصغر المواد عن بعد ورغم اكثر الظروف الحاجبة للرؤية كثافة.
هذا يعني ان هذا الرادار الذي لا يزيد حجمه عن حجم علبة سجائر وعلى عكس اجهزة الاستشعار البصرية، يضيء للمراقبين جميع الاجهزة الكهربائية اضافة الى الاجهزة غير الكهربائية والمواد غير الموصلة وجميع المواد غير الشفافة التي تمتد بين الانسجة والورق والخشب والمواد الصناعية وندف الثلج والضباب ايضاً.

تطبيقات متعددة
وذكر احد الباحثين من معهد فراونهوفر ان الرادار W Band Radar يصلح لمختلف التطبيقات، فهو يصلح للحلول محل اشعة اكس في الطب لانه غير ضار صحياً واكثر دقة من اجهزة الاشعة التقليدية.
وتمت تجربته في مراقبة انظمة المواصلات في المدن بنجاح وفي مراقبة دواخل مخازن الحبوب وفي مراقبة الانتاج في المصانع، وعموماً في كل مكان تفشل فيه انظمة الاستشعار الحرارية والبصرية.
ويعمل الرادار بقدرة كهربائية لا تزيد عن 10 مللي واط وهو سبب سلامته الصحية، لان الهاتف الجوال مثلاً يعمل بقدرة تتراوح حول 1000 مللي واط.
ومثلاً تعاني ادارات مخازن الحبوب من انعدام الرؤية داخل المبنى بعد تفريغ الحبوب في المخزن، اذ يثير تفريغ الحبوب عادة عاصفة غبارية داخلية تستمر لساعات ويعجز خلالها المسؤولون عن رصد ما يجري خلال هذه الفترة، لكن استخدام الرادار الجديد جعل هذا الامر ممكناً.

مراقبة دقيقة
يعود الفضل في حجم الرادار الصغير الى حقيقة انه يعمل بموجات قصيرة لا تزيد على 3 ميلليمترات. ويعمل الرادار على شبه الموصلات من Gallium Arsenid الى جانب مرسلة ضعيفة الايصال الكهربائي اهلت الرادار لمراقبة سياج في ميناء الماني عن بعد 300 متر وفي ظروف مطر وضباب عجزت خلالها الكاميرات عن مر اقبة السياج.
ان اجهزة الرادار التقليدية المستخدمة في هذه المجالات وتعمل بالسيراميك غالية وكبيرة الحجم وهي اجهزة يقتصر استخدامها حالياً على المجال العسكري، في حين ان الرادار الجديد مخصص لجميع التطبيقات، لان علماء المعهد صنعوه بطريقة تجميع الوحدات، وهو خفيف الوزن ومقتصد باستهلاك الطاقة.
ويبدو ان العلماء استوحوا عمل هذا الابتكار من طريقة التأقلم الراداري الطبيعية لدى الوطواط، اذ يرسل الرادار الجديد الموجات ايضاً ويتلقى الموجات المرتدة ويقيس على هذا الاساس اطوال واحجام وبعد الاشياء المخفية، على اساس الفرق بين طول الموجات المرسلة والموجات التي يجري استقبالها.
وطبيعي فانه مؤهل تماماً ايضاً لرصد الاشياء المتحركة وتسجيل احجامها واطوالها وسرعتها.
ويمكن للرادار عرض جميع الاشياء التي يكشفها المباشرة او غير المباشرة عبر الحواجز على شاشة الكومبيوتر بواسطة كابل يو اس بي.
وفضلاً عن المهمات العسكرية والتجسسية وغيرها من التطبيقات، يمكن للرادار الصغير ان يلعب دوراً مهماً في المستقبل في محاولات انقاذ حياة الناس.
فقدراته على اختراق الحواجز والاشياء ودقته في رصد الحركة، يمكن ان تعين في الكشف عن الناس الاحياء المطمورين تحت انقاض الزلازل او الكشف عن الغرقى وما الى ذلك من المهمات الطارئة.

طنوس داغر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق