ندوة

عبد العزيز البابطين: الشعر متعة جمالية لتذوق اللغة

ان «مهرجان ربيع الشعر العربي» في موسمه السادس، الذي تنظمه «مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للابداع الشعري» جرت فعالياته في هذه المرة، على مسرح مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي في دولة الكويت، تحت رعاية وحضور رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح، واستمر على مدى ثلاثة ايام، حيث تم توزيع الجوائز على الفائزين بالدورة الـ 13 لـ «جائزة مؤسسة البابطين»، ومن ثم، الاحتفاء بالشاعر الكويتي عبداللّه محمد سنان، والشاعر المصري محمد السيد شحاتة الملقب بـ (شاعر البراري)، وذلك من خلال ندوة ادبية شارك فيها عدد من الادباء والباحثين، بالاضافة الى الامسيات الشعرية التي شارك فيها مجموعة من الشعراء من مختلف البلدان العربية: مصر – المملكة العربية السعودية – الكويت – البحرين – العراق.

بعد افتتاح «المهرجان» قام الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح بتوزيع الجوائز على الفائزين في هذه الدورة، لافضل ديوان شعر والفائز بها الشاعر السعودي جاسم محمد الصحيح، وجائزة افضل قصيدة التي فاز بها الشاعر التونسي المكي بن علي الهمامي، وجائزة افضل كتاب في نقد الشعر والفائز بها الدكتور يوسف عليمات من الاردن. بالاضافة الى تكريم الشاعر المصري فاروق جويدة الحائز على «جائزة مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين للابداع الشعري» التكريمية.
ومن ثم، اشاد رئيس مجلس الوزراء بجهود القائمين على المهرجان، وعلى رأسهم رئيس امناء المؤسسة الشاعر عبد العزيز سعود البابطين، مشدداً على ضرورة تنظيم مثل هذه الفعاليات التي تُعنى بالأدب والشعر والثقافة العربية. موضحاً، ان المجتمع بحاجة الى الأنشطة التي ترعى ثقافة افراده، مؤكداً ان تعزيز الوعي الفردي بقيم الثقافة واهمية الأدب يهذب ويرسخ السلوك الحضاري لدى المواطنين.

كلمة المؤسسة
من جانبه، ثمّن رئيس مجلس امناء المؤسسة الشاعر عبد العزيز سعود البابطين، في كلمة افتتاح المهرجان، رعاية رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح لهذه الفعالية، وحرصه على رعاية ودعم الشعر والشعراء والادب العربي.
ولفت البابطين، الى ان المهرجان الذي يحتفي بالشاعرين عبداللّه سنان، ومحمد شحاتة، يستقبل شعراء «رأوا في الشعر مجرد متعة جمالية لتذوق اللغة، وهي في ابهى تجلياتها، بل رأوا فيه البصيرة النافذة التي ترى في الظلام الدامس أجنة النور والفراسة الآسرة التي تصغي في الصمت والسكون الى نشيد الحياة، وان الشعر والاستماع اليه هو رحلة للروح، تجدد فيه نفسها وتنزع عنها اغلفة الصدأ التي تحاول المطامع الآنية ان تحوطها. انها فرصة للتحرر من اغلال اللحظة الراهنة للانغماس في وهج الأبدية».
وارتأت «مؤسسة البابطين» ان تجعل من انعقاد «ربيع الشعر السادس» مناسبة لتوزيع الجوائز التي تخصصها «المؤسسة» للفائزين من الشعراء والنقاد، بعد ان حالت الظروف الراهنة، من دون انعقاد الدورة الثالثة عشرة للجائزة (دورة أبي تمام وعمر أبو ريشة) في موعدها المقرر.

الجلسة الأولى
خلال الجلسة الاولى من الندوة الأدبية، عن الشاعرين عبداللّه محمد سنان، ومحمد السيد شحاتة (شاعر البراري)، التي أدارها الدكتور خالد الشايجي، تحدث الدكتور يعقوب الغنيم، عن عبداللّه سنان، مشيراً الى ان مولد هذا الشاعر كان في مدينة الكويت خلال سنة 1917، وقد درس في مدارسها الاهلية التي كانت تعمل بها في ذلك الوقت البعيد، وهي «الكتاتيب». واستفاد من هذه الدراسة الى درجة انه زاول بعد انتهائه منها، عدداً من المهن، وكانت آخر مهنة قام بها هي وظيفته في وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية التي كان مديراً للشؤون الادارية فيها.

شاعر شديد الحساسية
كان هذا الرجل – كما يقول يعقوب الغنيم – شاعراً بطبعه، شديد الحساسية، محباً للأدب، وخصوصاً الشعر، يقرأه ويحفظه، ويخالط شعراء زمانه ويستمع الى اشعارهم، ويُسمعهم ما يقوله من شعر رقيق يطربون له. والى جانب ذلك كله، فقد كان طيّب النفس محباً للأصدقاء، يحرص على التواصل معهم، مع تبادل الفائدة في المجال المشترك الذي يجمعه بهم. وعُرف عبداللّه سنان على نطاق واسع، بسبب تعدد مقالاته، وبسبب قصائده التي كان ينشرها، او يلقيها في المناسبات والاحتفالات التي تقام في الكويت.
ويؤكد الغنيم، ان الجانب الانساني كان واضحاً في شعره، وكذلك الجانب الاجتماعي.


مخزون من التجارب
اما الدكتور مرسل العجمي فاعتبر ان سيرة الشاعر عبداللّه محمد سنان التي تتقاطع مع الفئات الاجتماعية كافة، في ظروف متباينة. عاصرت الفقر الشديد والحاجة الماسة، في اثناء فترة الثلاثينيات وفترة دائرة التموين في خلال الحرب العالمية الثانية، ثم معاناة الغربة في الهند، واخيراً الحياة الوظيفية بعد ان تعدلت الاوضاع الاقتصادية في فترة الاستقلال والحقبة النفطية. ان هذا كله، امد الشاعر بمخزون ثرّ من التجارب، مكّنه من ان يكون اكثر الشعراء الكويتيين تسجيلاً للتغيرات الاجتماعية والسياسية التي شهدتها الكويت والعالم العربي. منذ اوائل اربعينيات القرن الماضي.

اجزاء «نفحات الخليج»
يشير الدكتور العجمي، الى ان الشاعر سنان، وفّر على الباحثين مهمة توثيق شعره، ومسألة تبويب وترتيب تلك الاشعار، حيث اصدر في سنة 1964 ديوانه الاول تحت عنوان «نفحات الخليج»، ثم اعاد في سنة 1983 طباعة ذلك الديوان بوصفه الجزء الاول من مجموع ديوانه الشعري، وهكذا اصبح عنوان الديوان الاول «نفحات الخليج» عنواناً رئيسياً يندرج تحته اربعة اجزاء وضعت تحت العناوين الفرعية الآتية: نفحات الخليج: البواكير – نفحات الخليج: اللّه والوطن – نفحات الخليج: الانسان – نفحات الخليج: الشعر الضاحك ومسرحية عمر وسمر».


حفيدة «شاعر البراري»
ثم بدأت الجلسة الثانية التي ترأسها الدكتور خالد عبد اللطيف رمضان، والذي قدّم الدكتورة سماء أحمد عيسوي حفيدة الشاعر المصري محمد السيد شحاتة، التي اخذت في سرد سيرة جدّها (شاعر البراري)، فكانت نبرات صوتها تتهدج شجناً عند قراءة شعر جدّها، الشاعر الذي احسنت اختيار نصوصه من حيث التنوع والرقة والحكمة، كما احسنت تقديمها، فأثرت بصدق مشاعرها وحسن ادائها اللغوي في جمهور الحاضرين… مشيرة الى ان الشاعر محمد السيد شحاتة الملقب بشاعر البراري، وُلد في 11-4-1901 في كفر الجرايدة (محافظة كفر الشيخ)، وتعلّم في كتاتيبها وحصل على شهادة الكفاءة للتعليم الأولي، ثم في الأزهر في مدينة طنطا. وصدرت له دواوين عدة، من بينها: شاعر البراري – نجوم ورجوم – وحي البراري – بين احضان الطبيعة – مع الدين – بين الماضي والحاضر – مع الطبيعة – وغيرها… فضلاً عن نشره قصائد عدة في دوريات وصحف، مثل: جريدة «الاهرام» وصحيفة «الوفاق» ومجلة «الثقافة» وفصلية «المقتطف»…


مصدر اللقب
عن الشاعر محمد السيد شحاتة، لفت الدكتور محمد حسن عبداللّه، خلال الندوة، الى ان محمد شحاتة اختار لنفسه ان يلقّب «شاعر البراري»، والبراري اطلاق شعبي محدد جغرافياً في مصر بمناطق من محافظة كفر الشيخ، تتكىء على البحر المتوسط، وتنفتح على الصحراء الغربية واطراف من محافظة البحيرة، وهذه المنطقة، كانت في الماضي وفي بعض اطرافها، والى الآن، تنتشر فيها المستنقعات وما يلازمها من ادغال ونبات البحيرات، مع قلة الكثافة السكانية، وهذا في جملته ما يحتوي وصف «البراري»، ويفسّر موضوعات القصائد التي يمكن اكتشافها من عناوينها ذات الوضوح والتحدد، اذ يندر ان يذهب الشاعر الى العناوين الرمزية، وهو منطقي في هذا، لانه لم يلجأ الى الرمز الا في حالات نادرة جداً، وصوفية غالباً.

مجلة «الجائزة»
وكعادتها، اصدرت «مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين» أعداداً من مجلة «الجائزة» بمناسبة افتتاح «مهرجان ربيع الشعر العربي» في موسمه السادس، التي رصدت احداث ووقائع المهرجان، من أمسيات شعرية، وندوة ادبية عن الشاعرين المحتفى بهما، كما نقلت ما ألقي في الأمسيات من قصائد.

اسكندر داغر

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق