افتتاحية

قمة “ العهد الجديد”

قمة “العهد الجديد”
مهما قيل في قمة الدوحة التي انعقدت يوم الثلاثاء الفائت، والتي اختصرت مدتها الى يوم واحد بدلاً من يومين، واختصرت اجندتها من خلال ترحيل بعض عناصر الملف الفلسطيني الى قمة مصغرة تعقد لاحقاً في القاهرة، فمن المؤكد انها قمة ازمة، مع انها لم تشكل مطلباً اجماعياً على مستوى الدول العربية.
السبب في ذلك الاعتقاد بان الظروف والمعطيات لم تصل بعد الى مستوى النضج الذي يمكن للقمة ان تسهم في حلها.
وكما يؤكد محللون تابعوا تفاصيل المشهد منذ ما قبل لقاء الدوحة، كانت هناك محاولات لاستعجال انعقادها، من اجل ترسيخ قضية واحدة تتمثل بسحب الشرعية من الرئيس السوري بشار، ومنحها للمعارضة. وهو المبدأ الذي تحقق مظهرياً من خلال قرار عربي، ومشاركة على ارض الواقع لكنه لم يكن كذلك بحكم الخلافات داخل اطياف المعارضة والتي وصلت الى حد مطالبات بسحب الشرعية من الائتلاف الذي تشكل في العاصمة القطرية الدوحة قبل اشهر عدة، تقابلها مطالبات مضادة بالتراجع عن تشكيل الحكومة المؤقتة.
الخلافات التي طفت على سطح المشهد الخاص بالمعارضة، تطورت في امتداد مواز داخل اروقة القمة، حيث حاول الوفد العراقي تعطيل عملية اشغال مقعد سوريا من قبل المعارضة، وكانت هناك مدافعات قانونية بعدم جواز نزع الشرعية عن النظام السوري، بينما دفعت دول اخرى بجواز ذلك. وحسمت رئاسة القمة الخلاف بشقيه الداخلي والخارجي من خلال دعوة أحمد معاذ الخطيب ليشغل مقعد سوريا وليكون ممثلها في اعمال ومناقشات القمة. وليلقي في ما بعد كلمة يشير فيها الى مطالب عديدة من ابرزها تأمين الحماية الصاروخية لبعض المناطق التي يسيطر عليها الجيش الحر، والحصول على دعم اممي يتخطى الحدود السياسية باتجاه الدعم اللوجستي المباشر.
المدقق في التفاصيل يتوقف عند حالة من الشد والجذب، بين اطراف عدة، تستند الى مصالح متقاطعة، وتمتد الى حالة صمت عنوانها «عدم الرغبة في التصعيد»، وبالتالي تمرير بعض المواقف حفاظاً على مؤسسة القمة التي تسعى الى التكيف مع المعطيات الجديدة وفي مقدمتها تطورات الربيع العربي.
ومع كل ذلك، وفي ضوء استثناء الخلافات الداخلية «داخل المعارضة السورية» بدا واضحاً ان الثورة كانت الفائز الاكبر من كل ما حدث، وان من يدعمون هذه الثورة نجحوا في تمرير غالبية مشاريع القرارات التي يتبنونها، والتي طالما ضغطوا من اجلها.
من ذلك القرار الذي يجيز لكل دولة ان تعمل على تسليح المعارضة السورية تحت عنوان «تمكين الشعب السوري من حماية نفسه»، ما يعني تعدد مصادر التسليح للمعارضة من جهة، وتغطية الثغرة التي كانت تعاني منها استناداً الى مواقف دولية تأخذ في الحسبان جوانب متعددة قد لا يكون السوريون معنيين بتفاصيلها.
اما البعد الاخر، فيتمثل بقرار مباشر بتدويل الملف من خلال عرض بعض جوانبه على مجلس الامن الدولي، ليكون ذلك ارفع قرار عربي بهذا المضمون، بعد القرارات الوزارية التي باركت مثل هذا التحول وطالبت به. وبينما عالجت القمة العديد من هذه الملفات فقد ابقت على العامل الانساني كما هو، ولم تركز كثيراً على المطالب الملحة لكل من لبنان والاردن، نتيجة للضغط البشري الهائل، الناجم عن الاعداد المتزايدة من اللاجئين السوريين الذين دخلوا الى اراضي الدولتين.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق