دولياترئيسي

غضب في الشارع الروسي ومطالبات بالمحاسبة بعد مقتل عشرات الجنود في هجوم بأوكرانيا

نُظمت تجمعات وصلوات في مدن روسية عدة الثلاثاء، تكريماً لأرواح عشرات الجنود الذين قتلوا في هجوم بالصواريخ بشرق أوكرانيا. وشكلت هذه الخسارة الفادحة صدمة في الشارع الروسي أثارت موجة من الانتقادات للجيش ومطالبة بمحاسبة المسؤولين. يأتي هذا على خلفية اعتراف نادر لوزارة الدفاع الروسية الإثنين بمقتل 89 جندياً في غارة أوكرانية ليلة رأس السنة في مدينة ماكيفكا الخاضعة للسيطرة الروسية بمنطقة دونيتسك التي أعلنت موسكو ضمها.
تم تنظيم تجمعات في مدن عدة تخللها رفع صلوات الثلاثاء في روسيا تكريماً لعشرات العسكريين الذي قُتلوا في ضربة بشرق أوكرانيا، ما أحدث صدمة أثارت موجة انتقادات للجيش.
وعلى غير عادة السلطات في روسيا حيث تلزم الصمت بشأن الخسائر العسكرية في أوكرانيا، شارك نحو 200 شخص في تجمع مرخص له في مدينة سامارا (وسط) التي ينحدر منها بعض الجنود القتلى.
وأمام شعلة أبدية في إحدى الساحات الرئيسية للمدينة، وضع السكان باقات وأكاليل من الزهور قبل الخشوع أو رسم شارة الصليب، وفق ما أفاد مراسل وكالة الأنباء الفرنسية.
كما تلا كاهن أرثوذكسي صلاة ثم أدى جنود التحية بإطلاق النار في الهواء. هذا، وبحسب وسائل الإعلام المحلية، تم تنظيم تجمعات في مدن أخرى في المنطقة وبالخصوص مدينتي تولياتي وسيزران.
ويذكر أنه في اعتراف نادر، أقرت وزارة الدفاع الروسية الإثنين بمقتل 89 جندياً في غارة أوكرانية ليلة رأس السنة على مبنى تمركزوا فيه في مدينة ماكيفكا الواقعة تحت السيطرة الروسية في منطقة دونيتسك التي أعلنت موسكو ضمها.
وذكرت الوزارة في بيان أن السبب الرئيسي للهجوم هو استخدام القوات للهواتف المحمولة على نحو غير مصرح به مضيفة «من الواضح بالفعل أن السبب الرئيسي لما حدث هو التشغيل والاستخدام المكثف خلافاً للحظر المفروض للهواتف المحمولة من جانب الأفراد في منطقة في مرمى نيران أسلحة العدو، هذا العامل سمح للعدو بتتبع وتحديد إحداثيات مواقع الجنود لتوجيه ضربة صاروخية».
ومن جهتها، تؤكد كييف أن حصيلة الضحايا أعلى بكثير. وقد أثارت هذه الخسائر الأكثر فداحة التي تتكبدها موسكو في هجوم واحد منذ بدء هجومها على أوكرانيا في 24 شباط (فبراير) 2022، صدمة في روسيا وسيلاً من الانتقادات من قبل المعلقين القوميين الذين أيدوا التدخل العسكري في أوكرانيا.
وما زاد من حدة الصدمة هو كون القتلى من جنود الاحتياط الذين تمت تعبئتهم بعد الانتكاسات التي سجلت الخريف الماضي.

المطالبة بـ«الانتقام»

وقالت إيكاترينا كولوتوفكينا زوجة جنرال روسي ورئيسة جمعية قريبة من الجيش «لم أنم منذ ثلاثة أيام». مضيفة «للمرة الأولى منذ بدء العملية العسكرية الخاصة، طلبتُ (من زوجي) أن ينتقم لنا، لدموع الأمهات، للأرامل اللواتي لا عزاء لهن، لليتامى».
من جانبها، مجموعة تقدم نفسها على أنها مشكّلة من «أرامل الجنود»، دعت بوتين عبر تلغرام الإثنين إلى بدء «تعبئة واسعة النطاق» من أجل «إنقاذ» روسيا.
وإلى ذلك، لم يصدر بعد أي رد فعل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على قصف ماكيفكا الذي تم الإعلان عنه خلال أسبوع عطلة الميلاد الأرثوذكسي، وهي فترة تجتمع فيها العائلات الروسية.
هذا، واكتفى الكرملين الثلاثاء بتوجيه أمر إلى وزير الدفاع سيرغي شويغو بإعداد تقرير حول وضع المعدات المتاحة للقوات الروسية في أوكرانيا و«التدابير» التي ينبغي اتخاذها لمساندتها.
ووفق وزارة الدفاع تم إطلاق الصواريخ الأوكرانية من أنظمة «هيمارس» وهو سلاح سلمته الولايات المتحدة للقوات الأوكرانية.
وبعد الهزائم التي منيت بها موسكو في الأشهر الأخيرة في خاركيف (شمال شرق) وخيرسون (جنوب) والتي تسببت في انتقادات لهيئة الأركان العامة الروسية، حركت مجزرة ماكيفكا مشاعر الغضب ودعوات لمعاقبة المسؤولين.
وقال النائب الشيوعي عن مدينة سامارا، ميخائيل ماتفييف «ما هي العبر؟ من سيعاقب؟».
وانتقد العديد من المعلقين المؤيدين للحرب الذين يحظون بعدد كبير من المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي، احتمال أن تكون هناك ذخائر مخزنة في المبنى نفسه الذي كان يأوي الجنود.
ومن جهتها، نددت قناة رايبار على تلغرام والتي تضم أكثر من مليون مشترك، بما أسمته «السذاجة الإجرامية» التي أدت إلى إيواء الجنود قرب مستودع الذخيرة.
وأشار آخرون إلى أن العسكريين كانوا متمركزين في مبنى عادي غير محمي وأن معلومات لتحديد موقع الجنود الروس، خصوصاً عن طريق تحديد الموقع الجغرافي لهواتفهم، كانت تصل بشكل منتظم إلى الجيش الأوكراني.

«كل المنزل تحول إلى حصن»

ويؤكد الأوكرانيون من جانبهم، أنهم تعرضوا لهجمات عدة منذ رأس السنة.
وتدور المعارك الأكثر شراسة في محيط مدينة باخموت (شرق) التي ليس لها أهمية استراتيجية حقيقية، لكن القوات الروسية بقيادة مجموعة المرتزقة فاغنر تحاول منذ أشهر الاستيلاء عليها.
فقد أدى القصف الروسي على بلدة دروجكيفكا في الدونيتسك إلى مقتل شخص وخسائر مادية، وفق ما أعلن نائب رئيس مكتب فولوديمير زيلينسكي كيريلو تيموشنكو.
من جهتها، قالت وزارة الدفاع الروسية إن غاراتها على بلدة ماسلياكيفكا ومدينة كراماتورسك في الشرق أسفرت عن مقتل أكثر من 130 من «المرتزقة الأجانب».
هذا، واعترف رئيس فاغنر يفغيني بريغوجين وهو رجل أعمال قريب من فلاديمير بوتين، بأن المعارك صعبة في باخموت قائلا إن الأوكرانيين حولوا «كل منزل إلى حصن».
وفي مقابلة مع وكالة الأنباء الروسية ريا نوفوستي نُشرت الثلاثاء، قال إن رجاله أحياناً يقاتلون «لأسابيع للاستيلاء على منزل».
من جانبه، كشف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الثلاثاء عن محادثة هاتفية جمعته بقادة بريطانيا والنرويج وهولندا وأشار إلى «مخاطر تصعيد على الجبهة».
وأعلن مكتب الرئيس الأوكراني أن قمة بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي ستُعقد في كييف في الثالث من شباط (فبراير) المقبل لمناقشة الدعم المالي والعسكري الأوروبي.
وأكد المتحدث باسم رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال تاريخ هذه القمة لكنه قال إنه «غير قادر في الوقت الحالي على تأكيد المكان». وأشار إلى أن القمة ستضم زيلينسكي وميشال ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين وليس قادة الدول الأعضاء في الاتحاد.

فرانس24/ أ ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق