رئيسيسياسة عربية

الغرب: اي تفجير يدمر لبنان وينهي الصيغة التي يقوم عليها

ينشغل المسؤولون الرسميون، وخصوصاً الامنيين منهم في الملف الامني بكل ابعاده، بعد ورود معلومات من جهات ديبلوماسية تشير الى ان الساحة اللبنانية قد تكون الاكثر استهدافاً من بين الساحات العربية في هذه المرحلة، وان جهات خارجية تسعى الى استخدام ساحة لبنان لبعث الرسائل الساخنة منها والباردة.

هناك تناغم بين اطراف لبنانية وجهات خارجية كونهما تؤيدان مشروعاً سياسياً واحداً في وجه المشروع الغربي الذي تعتبر قوى في 8 اذار، انه يستهدف المنطقة. وترى هذه القوى ان الربيع العربي انتاج غربي لخلق شرق اوسط جديد، بعدما تبين ان الانتفاضات التي قامت في بعض الدول العربية اوجدت «الفوضى الخلاقة»، ولم تنتج حالة سياسية جديدة حتى الان، بل افرزت حالات اصولية متطرفة ترزح تحتها البلدان التي عاشت الربيع العربي، على حد قول نائب من قوى 8 اذار. وهناك سباق بين استمرار الاستقرار ومحاولات التفجير رغم اقتناع جميع الاطراف بأن اي تفجير قد يدمر لبنان، وينهي الصيغة التي يقوم عليها.

مخاوف
هناك مخاوف متزايدة من استدراج الاطراف في لبنان عبر محاولات متعددة الى مواجهات تحت ستار المذهبية او الطائفية، في دفع لاشعال نار الفتنة انطلاقاً من لبنان. وان حادثة الاعتداء على المشايخ السنة  الاربعة ليل الاحد، اثنان منهم في الخندق الغميق في بيروت، وشيخان في محلة الشياح، حولت الانظار عن الملفات السياسية العالقة، لا سيما قانون الانتخاب، الى ضرب محاولة الاستقرار وتفجير الساحة وزيادة الخطر الامني المحدق بالبلاد من مختلف الاتجاهات، بعدما تحول كابوساً يقض مضاجع اللبنانيين في شكل يومي مع ارتفاع منسوب الشحن الطائفي والمذهبي وصولاً الى سقف غير مسبوق، يضع البلاد امام سباق بين التفجير والاستقرار. وهناك مسعى لربط الساحة اللبنانية بما يجري في المنطقة لا سيما في سوريا، وهناك اطراف محلية تشجع على هذا الربط وتتناغم مع ما يجري في الخارج. وقد اسهمت هذه الحالة في انقسام اللبنانيين حول الازمة السورية بشكل عمودي وحاد، دفع سوريا على التجرؤ على اتخاذ مواقف شديدة اللهجة ضد لبنان، وصلت الى حدود بعث مذكرة احتجاج على دخول مجموعات مسلحة اراضيها لمحاربة قوى النظام، وارفقت المذكرة بوعيد وتهديد بقصف المجموعات التي تشاهد بالعين المجردة داخل الاراضي اللبنانية. ولم يتوقف الامر عند هذا الحد بل ابلغ ابناء المناطق الحدودية عن تعرض قراهم الى القصف الجوي والبري السوري ووقوع اضرار في جرود عرسال وفي المناطق الحدودية في الشمال. وشجع انقسام اللبنانيين حول التطورات في سوريا اهل النظام على تهديد لبنان الهش في تركيبته وهو يعاني انقساماً بين ابنائه بشكل عمودي خطير وعميق.
سارع وزير الداخلية والبلديات العميد مروان شربل الى دعوة القوى السياسية «الى تنظيم اختلافهم والالتفاف حول الشرعية والمؤسسات والاجهزة العسكرية والامنية لوأد الفتنة التي بدأت تذر بقرنها، ودعوة النواب الى اجتماع يعلنون فيه حالة طوارىء سياسية يرفعون من خلالها الغطاء عن المخالفين، ويطلقون يد الاجهزة في ضبط الامن، ويعملون على وضع «ميثاق شرف» في ما بينهم في اجتماع طارىء لمجلس النواب يدعو اليه الرئيس نبيه بري، يتفق خلاله اللبنانيون، على رغم تباين مواقعهم السياسية، على الوقوف سداً منيعاً لمنع المواجهات في سوريا من الوصول الى لبنان، لانه اذا انفجر الوضع في لبنان لا سمح الله فان احداً لا يعود بمقدوره ايقاف الحرب التي قد تأكل الاخضر واليابس».

مواقف غربية
ترافقت مناشدة شربل القوى السياسية للاسراع في التصدي للمخطط الذي يستهدف لبنان مع مواقف غربية ابلغت الى كبار المسؤولين، لم يكشف النقاب عنها بعد، «تدعو اللبنانيين الى التزام المهل الدستورية واجراء الانتخابات في موعدها والاتفاق على قانون الانتخاب. لان عدم اجراء الانتخابات يعرض النظام وسمعة لبنان ويلغي الشرعية وينهي السلطة وهذا من شأنه ان يؤجج المواجهات ويعرض الاستقرار ويضرب الامن الذي نعتبره خطاً احمر. اننا نتمسك بالاستقرار لمنع انزلاق لبنان الى الهاوية ولمنع الفتنة». ويوضح سفير اوروبي لمسؤول كبير ان ما نقله وزير عن اوساط ديبلوماسية من ان الغرب يفضل الاستقرار على الانتخابات ليس دقيقاً، وان الحكومات الغربية كانت واضحة في تحديد موقفها، وصدر اكثر من بيان عن الاتحاد الاوروبي يؤكد المحافظة على الاستقرار وتأييد سياسة النأي بالنفس و«اعلان بعبدا» لجهة تحييد لبنان، والتزام المهل  الدستورية لاجراء الانتخابات في موعدها. وقد تصدر لاحقاً مواقف تحذر لبنان من خطورة تأجيل الانتخابات وتدعو الى اجرائها في الموعد المحدد، لان التأجيل يعرض الاستقرار الى الاهتزاز؟ وقد تستخدم حكومات غربية ضغطاً على الحكومة وعلى الاطراف لاجراء الانتخابات في موعدها وتدعو القيادات الى ان تعي الخطورة من عدم اجرائها.

التهديد السوري
بموازاة هذه المواقف تتوقف المعارضة امام التهديد السوري بتوريط لبنان من خلال المواجهات لتخفيف الضغط على سوريا، وبعث رسائل الى الرئيس باراك اوباما الموجود في المنطقة والى الفرنسيين والبريطانيين بوقف دعم المعارضة عسكرياً والتدخل في الشأن السوري، والا اشتعلت المنطقة انطلاقاً من الساحة اللبنانية الاكثر هشاشة وقابلية للانفجار، بسبب الاحتقان المذهبي وانقسام السياسيين. وتزامنت هذه التطورات مع تحليق الطيران الاسرائيلي بكثافة فوق لبنان مع استنفار على الحدود الجنوبية من لبنان. وعلى رغم هذه المعطيات يؤكد الوزير شربل بأن القيادات السياسية تعي خطورة المرحلة ولا يمكن لاي طرف ان يجازف او يغامر. فالبلاد على شفير الهاوية واي تفجير يطاول الجميع ولا ينجو منه احد، كما قال المفتي محمد رشيد قباني، بعد حادث المشايخ، ودعا الى ضبط النفس وتكاتف الجميع للتصدي لما يستهدف لبنان. وشهدت روما لقاءات بين البطريرك الماروني والرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي تم الاتفاق خلالها على صيغة مخرج للازمة يتولى البطريرك تسويقها لدى القيادات المسيحية، واذا فشل يتم الاتفاق على مدة التأجيل.

ف. ا. ع
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق