سياسة لبنانية

الخارج: تأجيل الانتخابات استهداف لاستقرار لبنان

هل ستؤجل الانتخابات النيابية من 9 حزيران (يونيو) الى موعد جديد، كما يرغب بعض السياسيين، ام سيتم الالتزام بالاستحقاق الدستوري في موعده، انطلاقاً من ضرورة احترام المهل الدستورية خشية الانعكاسات التي قد يتركها التأجيل على الاوضاع الامنية والسياسية وحتى الدستورية؟

ان عدم اجراء الانتخابات، وفق ديبلوماسي غربي، يعرض الاستقرار الى الانهيار والسلم الاهلي الى التصدع. ودعا الى وجوب التقيد بالمواعيد الواردة في الدستور واحترام القوانين. وتسأل المعارضة في حال عدم الاتفاق على قانون جديد للانتخاب ماذا سيحصل وما هي الآلية التي سيتم اتباعها؟ ومن سيجرؤ على تحمل مسؤولية طلب التأجيل وفق ما يقول وزير سابق للداخلية؟
تزامن طرح هذه الاسئلة مع تدرج الحديث في قانون الانتخاب من تعديل قانون الستين ليصبح مقبولاً من الجميع ويعكس صحة التمثيل لارادة الشعب، الى مشروع الحكومة القائم على النظام النسبي وتقسيم لبنان الى 13 دائرة، فاعترض تيار المستقبل والنائب وليد جنبلاط على المشروع وعلى النظام النسبي وارسلت الحكومة المشروع الى مجلس النواب منذ اكثر من سنة من دون البت فيه، ثم كان البحث بالدوائر الصغرى، ومشروع القوات اللبنانية بتقسيم لبنان الى خمسين دائرة فاعترض عليه جنبلاط وقوى 8 اذار والتيار الوطني الحر. ثم كان اجماع الاحزاب المسيحية في بكركي على المشروع الارثوذكسي، تحت عنوان «تحقيق صحة التمثيل وتأمين المناصفة»، فاعترض المستقبل وجنبلاط، ورغم ذلك تم اقراره في اللجان المشتركة بغياب السنة والدروز والمسيحيين المستقلين. وأعدالرئيس سعد الحريري مشروع حل متكامل عبر الدوائر الصغرى (37 دائرة) واعتماد الارثوذكسي لانتخاب مجلس الشيوخ وتنفيذ اللامركزية الادارية، فاعترضت قوى 8 اذار لينتقل الحديث بعدها حول المشروع المختلط. ووضع الوزير السابق ناجي البستاني مشروع الـ 36 دائرة ويوسف الدويهي (الرابطة المارونية) الـ 38 دائرة، الى المطالبة بالدوائر الفردية والاقتراع بالصوت الواحد للمرشح الواحد، الى الحديث عن المشروع المختلط والاختلاف على نسبة المناصفة وعلى تقسيم الدوائر.  وانتهى الحديث حول قانون الانتخاب الى تمسك كل طرف بموقفه. فقوى 8 اذار تمسكت بالارثوذكسي او لبنان دائرة واحدة وفق النظام النسبي، والا لا انتخابات كما قال العماد ميشال عون. وقوى 14 اذار التزمت بالمختلط وبضرورة اجراء الانتخابات حتى بالارثوذكسي اذا تم اقراره، كما قال الرئيس الحريري، مشدداً على ضرورة حصول الانتخابات في موعدها. واعلنت الاطراف رفض قانون الستين وبقي المختلط او تعديل الستين بشكل يحقق صحة التمثيل قيد الطرح.

من يطالب بالتأجيل؟
من سيطالب بالتأجيل في حال عدم الاتفاق على قانون جديد؟ يقول وزير الداخلية والبلديات العميد مروان شربل ان الاختلاف العميق بين الاطراف السياسية والانقسام العمودي الحاد بين قوى 8 و14 اذار حال حتى الان دون الوصول الى اتفاق. واستغرب تجاهل مجلس النواب مشروع الحكومة الذي ارسل اليه منذ سنة من دون ان يبت فيه، مشيراً الى انه اعلن عند تقديم مشروعه بعد ثلاثة اشهر على تشكيل الحكومة عن ضرورة بت القانون الان لانه من غير الممكن الاتفاق على قانون في ربع الساعة الاخير. ويقول انه هدف من خطوته امتحان القوى السياسية لمعرفة حقيقة موقفها، موضحاً ان هناك الان صعوبة في اجراء الانتخابات في موعدها على اساس المختلط. ويقول وزير سابق للعدل ان قانون الستين لا يزال موجوداً ولا يلغى الا بقانون جديد، مشيراً الى ان قانون المختلط مخالف للدستور لانه لا يحقق المساواة بين المواطنين. وعزا وزراء في الحكومة تأجيل الانتخابات الى الحرص على الاستقرار كما نقلوا عن ديبلوماسيين غربيين، الامر الذي حمل اكثر من ديبلوماسي على ابلاغ مرجع لبناني ان عدم اجراء الانتخابات «يستهدف الاستقرار وليس العكس كما نقل عنا»، لان الانتخابات تحصن الاستقرار وتجدد الحياة السياسية بالعودة الى الشعب، مصدر السلطات، وتصوب الامور بعد تجذرالخلافات بين اللبنانيين. ويشدد ديبلوماسي غربي على ان عدم اجراء الانتخابات هو الغاء للشرعية وللسلطة والدولة، مشيراً الى ان اطرافاً على الساحة لم تقرأ جيداً مواقف حكوماتنا وان مواقف واضحة قد تصدر قريباً بالدعوة الى اجراء الانتخابات في موعدها، لانه لا مبرر للتأجيل وان الوضع الان افضل مما كان عليه عامي 2005 و2008.

سبب الخلاف
لماذا لم يتم التوافق على قانون الانتخاب حتى الان؟ لان ليس هناك من كلمة سر خارجية حتى الان وفق احد المطلعين. ان الافتقار الى اتفاق داخلي سببه الانقسام الحاد بين السياسيين، وزادت الازمة السورية في تعميق الانقسام، اضافة الى الاختلاف على المشروع السياسي للبنان، ومحاولة كل فريق فرض رؤيته على الاخر، وارتباط الساحة بالصراعات الدولية والاقليمية ورفض مكونات اساسية على الساحة الالتزام باعلان بعبدا وسياسة النأي بالنفس، واستخدام قوى اقليمية الساحة اللبنانية لبعث رسائل ضغط الى الدول المهتمة بلبنان، اضافة الى ان كل طرف يعمل على وضع قانون يؤمن له الغالبية النيابية. فقوى 8 اذار الممسكة بالسلطة وبالمؤسسات بفعل فائض القوة لدى احد مكوناتها لن تسلم بالواقع وبخسارتها في الانتخابات. وتحاول اما فرض القانون الذي يحقق لها الغالبية واما ابقاء الوضع على حاله واستمرار الحكومة مع تمديد ولاية المجلس على رغم اعتراف اكثر من مرجع قانوني بأن حكومة ميقاتي تستقيل حكماً في 20 حزيران (يونيو) المقبل، نهاية ولاية المجلس الحالي، لان التمديد هو ولاية جديدة تحتم تشكيل حكومة جديدة. ان الاختلاف على القانون هو من ضمن ملء الفراغ في الوقت الضائع لان احداً من الاطراف غير راغب في تقديم تنازلات الا بعد حسم الوضع في سوريا. فالخارج غير مهتم بالملف اللبناني الا من زاوية استمرار الاستقرار ومنع اي تدهور امني، وهذا ما قد يؤكد عليه الديبلوماسيون من خلال مواقف ضاغطة لاجراء الانتخابات التي يقول رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وكذلك الوزير شربل ان عدم الاتفاق على قانون الانتخاب قد يدفع باتجاه تأجيل الاستحقاق، من خلال اقتراح وزير الداخلية تأجيل الانتخابات لعدم الاتفاق على القانون، ولعدم مقدرة الوزارة في الفترة المتبقية على اتخاذ الاجراءات اللازمة لتأمين التحضيرات التي تحتاج الى بعض الوقت. وقد يكون وزير الداخلية المسؤول الوحيد الذي يمكنه طلب تأجيل الانتخابات لاسباب تقنية. الا ان السؤال هو: الى متى تؤجل وكيف يتم ذلك، هل لولاية جديدة ام لبضعة اشهر للاتفاق على القانون الجديد فتجري الانتخابات في ايلول(سبتمبر) المقبل؟.

فيليب ابي عقل

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق