افتتاحية

ادوار… في الملف السوري

هل تغيرت او تبدلت الادوار في ما يخص تطورات الملف السوري؟ سؤال بات يطرح بقوة في ضوء المتغيرات التي شهدها هذا الملف، والمعطيات التي دفعت بوزراء الخارجية العرب، يتقدمهم امين عام جامعة الدول العربية، ووزير الخارجية السوري وقيادة المعارضة، وقيادة الحكم الذاتي الكردستاني في العراق، الى التوجه نحو موسكو بحثاً عن حل للازمة السورية المتصاعدة. واكثر من ذلك توجه العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني الى موسكو للبحث مع المسؤولين الروس في تفاصيل تلك الازمة المستفحلة، والتي ان استمرت دون حل، او تمت العودة الى المشروع الغربي بنسخته الاميركية الاصلية لبقيت احتمالات اشتعال المنطقة ككل قائمة.
اللافت هنا ان غالبية الدول العربية تتمسك برحيل الرئيس السوري بشار الاسد. لكنها تفضل ان يكون الرحيل سلمياً، وبدون مواجهة عسكرية او اراقة دماء. وبحيث يتم الاكتفاء بما اريق من دم حتى اللحظة، والتي يقدرها وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل بتسعين الف قتيل، وليس كما تقدرها الامم المتحدة بسبعين الفاً.
القراءات هنا تشير الى ان الملف يمكن ان يسير ضمن مسار الحل السياسي، خصوصاً اذا ما ارسلت موسكو رسالة واضحة الى الرئيس الاسد مضمونها التخلي عن دعمه. لكن واقع الامور يمكن ان يؤشر الى اتجاه مختلف بعض الشيء. فروسيا التي تقدم الدعم السياسي والى حد ما «العسكري» للنظام السوري، تنظر الى الملف من زاويتها الخاصة، ومن مصلحتها الشخصية، وبحيث لا تترك الامر الى الجانب الاميركي منفرداً. وبالتالي فمن مصلحتها ان يتم حل الازمة سياسياً، ولكن من خلال ضمانات تبقيها في المنطقة، وتصنفها في مقدمة الدول العظمى بحكم انها استطاعت ان تجلب الصين الى موقفها، وانها اطالت امد النزاع الى حين دفعت واشنطن الى الاعتراف ضمنياً بدورها.
ويبدو ان كل المعطيات تؤشر الى انها حققت ما تريد. وانها تلتقي مع غالبية الدول العربية التي لا تفضل الحل العسكري، بحيث يقوم الحل على فكرة «المبادرة الخليجية» التي طبقت في اليمن.
الآن، وضمن السياق عينه، اقترح المبعوث الاممي والعربي الاخضر الابراهيمي اجراء حوار تحت مظلة الامم المتحدة. وطالب المعارضة باختيار من يمكن ان يكون الطرف الاخر في الحوار ممثلاً للنظام، شريطة الا يكون الرئيس بشار. وفي خطوة لاحقة تقوم موسكو بلعب دورها في اقناع الرئيس الاسد بالمشروع، لجهة ان قناعتها بانه يمتلك مقومات الاستمرار مرهونة بان الاستمرارية تكون مؤقتة، وان حرص الرئيس بشار على بقاء نظامه لا يعني بقاءه كشخص. وانما بقاء «نائبه» على سبيل المثال. وانتقال الامور الى مجلس انتقالي يدير الامور مرحلياً الى حين اجراء انتخابات ووضع دستور جديد وغير ذلك من الامور.
هنا ينتقل البحث الى مبررات الانحناءة الغربية بشكل عام، والاميركية بشكل خاص، بعد ان كانت كل المؤشرات تميل الى صالح الحسم العسكري.
ومع ان الاجتهادات متعددة، وقد يكون من الصعب حصرها، الا ان ابرزها يتعلق بـ «خيبة الامل» التي يعيشها العالم كله من مخرجات الربيع العربي. فكل الدول لم تعد ترى في التجارب الثورية العربية، ومنها تجارب كل من مصر وتونس، وليبيا، كما كانت تأمل، حيث اسهمت تلك التجارب في الوصول الى تلك الانعطافة. وبالتالي التوجه الى موسكو املاً بان تكون لديها القدرة على امتلاك مفاتيح الحل .

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق