رئيسيسياسة عربية

ليبيا: نفير عام في بنغازي ومواجهات في كل البلاد

مع ان بعض التقديرات يميل الى اعتبار الحكومة الليبية خارج كل الحسابات المؤثرة على الساحة، ويؤكد ان كل النفوذ هناك ملك للفصائل المسلحة التي باتت ترفض التخلي عن العمل السياسي مع انها لا تجيده، وتتمسك بالعمل العسكري مع انها تسخره لمصالح ضيقة، وبحثاً عن مكتسبات بعضها مادي، والكثير منها يتعلق بالنفوذ، ونادراً ما تكون هناك نظرة وطنية شمولية في اية ممارسات تنتجها تلك التنظيمات التي اصبحت مهددة بالتشظي، والتي تلتقي عند منعطفات ليست وطنية، وتتفرق عند المحطات البارزة.

كما تؤكد تقارير ليبية واخرى متابعة للشأن الليبي، فإن الواقع هناك لا يسر صديقاً. وان العملية السياسية في تراجع واضح لصالح التشظي الفصائلي، والقبلي والتنظيمي وما يشابهه، وبالتالي فإن الساحة بحاجة الى اعادة بناء كاملة.
غير ان الصعوبة – بحسب تقارير تشخص تلك الحالة – تتمثل بان اعادة البناء لا يمكن ان تتم فوق ما هو قائم بحكم تشظي الاساسات، وضعفها وعدم قدرتها على تحمل اي بناء جديد، الامر الذي يعني كلفة باهظة تتمثل بهدم ما هو قائم، والبناء على اساسات متينة.
والسؤال الذي تخلص اليه كل المناقشات، بما فيها التي تصنف على اعتبار انها «تفكير بصوت مرتفع»: من يستطيع تحمل تلك الكلفة؟ ومن يمتلك القدرة على تنفيذ ذلك؟ وهل الظرف ملائم لانجاح اي مشروع من هذا القبيل؟
باختصار، هناك من يشخص الحالة ومن يبدي قناعة تامة بأن الحل هو ثورة جديدة على الثورة الليبية. ومن يؤكد صعوبة او حتى استحالة الحل في هذا الوضع الراهن.
من هنا بدا واضحاً ان الحكومة الحالية التي تعاني من الضعف، والتي ما زالت تحاول التوصل الى حلول ديمقراطية تراعي الفجوة التي يعيشها الشارع، والتي شكلت قفزة مداها المساحة ما بين حكم القذافي بكل سلبياته، والثورة بكل ما فيها من هوامش للحركة في كل الاتجاهات، وكل الاغراض.

انتشار السلاح
ميدانياً، تتصدر مسألة انتشار السلاح في ليبيا اهتمامات المسؤولين، بحكم انها اصبحت أكبر المشاكل الأمنية التي تتحدى الحكومة الليبية. وتبعاً لذلك توالت الدعوات من كبار المسؤولين الحاليين والسابقين بضرورة تخلي المواطنين عن اسلحتهم وتسليمها للحكومة.  من ذلك تأكيدات رئيس المجلس الانتقالي الليبي السابق، مصطفى عبد الجليل، على أهمية جمع السلاح من أيدي المواطنين، ودعوته الدولة والمؤتمر الوطني لوضع خطة هدفها جمع السلاح من ايادي الليبيين. وبحسب تصريحات للمسؤول الليبي السابق فإن تراجع الأمن يعود إلى إصرار الثوار على عدم الخروج من المشهد السياسي، اضافة الى ما يقوم به أعوان النظام السابق، و«الفئة المتطرفة» في التيار الاسلامي.
في تلك الاثناء تتواصل عمليات السطو على مخازن السلاح التابعة للجيش الليبي، الامر الذي يزيد من تعقيدات الوضع. وبحسب تقارير امنية وفي حادث هو الثاني خلال يومين، سطت جماعة مسلحة على مخازن للسلاح والذخيرة تابعة للجيش الليبي في منطقة براك الشاطي – 60 كيلومتراً شمال سبها -. وقال العميد محمد الذهبي، الحاكم العسكري لجنوب ليبيا، إن مجهولين تمكنوا من السطو على مخازن سلاح وذخيرة في براك الشاطي، واصفاً الوضع الأمني في المنطقة بأنه منفلت ويحتاج إلى عناصر أمنية مهنية. وأوضح الحاكم العسكري لجنوب ليبيا أن عمليات السطو على مخازن الأسلحة والذخيرة في المنطقة تشهد ارتفاعاً في ظل عدم وجود أجهزة أمنية مؤهلة.
امام هذا الوضع، لجأت مدينة بنغازي – ثاني المدن الليبية – الى اتخاذ اجراءات هدفها فرض هيبة الدولة في مواجهة فوضى السلاح، وهيمنة الجماعات المتشددة التي ترفض عودة الدولة وبناء مؤساتها، فأغلقت الادارات والمدارس وغالبية المحلات التجارية للمطالبة برحيل المجموعات المسلحة بعد صدامات عنيفة بين الجيش وجماعة انصار الشريعة السلفية الجهادية. ولبى السكان دعوة المجلس المحلي في بنغازي الى العصيان المدني لإدانة العنف بعد الاحداث الدامية التي شهدتها المدينة بين الجيش وانصار الشريعة، والتي أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى. واندلعت مواجهات بين جماعة انصار الشريعة الاسلامية وقوات خاصة ليبية في بنغازي، هي الاولى من نوعها بين جماعة اسلامية والجيش الذي دعا العسكريين كافة الى «الالتحاق بثكناتهم ووحداتهم العسكرية فوراً».
وبالتوازي، اعلن الجيش الليبي حالة «النفير العام» في مدينة بنغازي، ودعا العسكريين الى الالتحاق بثكناتهم ووحداتهم العسكرية بشكل فوري. وقال المتحدث باسم غرفة العمليات الأمنية المشتركة لتأمين مدينة بنغازي (الحاكم العسكري للمدينة) إن رئيس الغرفة اهاب بجميع العسكريين الالتحاق بثكناتهم ووحداتهم العسكرية بشكل فوري، لافتاً الى أن هذا الأمر يصحبه اعلان لحالة النفير. واضاف أن كل من يتخلف عن الالتحاق سيتحمل عواقب غيابه قانونياً، ويعد ذلك هروباً من حالتي النفير والطوارىء القصوى. وفي المقابل اقام مسلحون في مناطق شرق بنغازي العديد من الحواجز في الطريق الى المدينة تحسباً لقدوم قوات مساندة لجماعة انصار الشريعة من مدينة درنة، بينما رد الجيش بان أي رتل يدخل أو يخرج من المدينة دون علم الغرفة سيواجه بالقصف عن طريق سلاح طيران القوات الجوية.

دعم اميركي وبريطاني
في تلك الاثناء، اعرب وزير الخارجية الاميركي جون كيري ونظيره البريطاني وليام هيغ بعيد لقائهما رئيس الحكومة الليبية علي زيدان عن استعدادهما لمساعدة هذا البلد على استعادة استقراره اثر الاضطرابات الامنية المتواصلة التي يشهدها. وكشف كيري عن مضمون محادثاته مع زيدان، وتحديداً في ما يخص الامور التي يمكن ان تقوم بها بريطانيا والولايات المتحدة واصدقاء اخرون، لمساعدة ليبيا على عودة الاستقرار التي تحتاجها.
الى ذلك، ورغم حالة الفوضى التي تعيشها البلاد، أعلنت اللجنة المركزية لانتخابات المجالس البلدية في ليبيا أن أول انتخابات للمجالس بدأت صباح السبت الفائت في عدد من مناطق شرق البلاد وجنوبه في خطوة تؤكد عزم الحكومة على المضي في طريق بناء الدولة. وفي محاولة لطي شهر مليء بالاحداث الدامية.
وبدأت المرحلة الاولى للانتخابات في أربع مدن هي: شحات والبيضاء – شرق – وتازربو وبنت بية -جنوب -. وكان مجلس وزراء الحكومة الليبية المؤقتة أصدر قراراً بتسمية البلديات الليبية، لتكون تابعة إلى وزارة الحكم المحلي. وقسم هذا القرار مدن ليبيا وقراها إلى مئة وبلديتين سيتم تجميع عدد منها لاحقاً في شكل محافظات. وتأتي هذه الانتخابات للمجالس البلدية لتحل محل ما عرف بالمجالس المحلية التي تم التوافق على أعضائها على غرار المجلس الوطني الانتقالي السابق عقب اندلاع ثورة 17 شباط (فبراير) 2011 التي أنهت نظام معمر القذافي.

طرابلس – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق