رئيسيسياسة عربية

تونس بعد الانتخابات: احتفالات واحتجاجات في الداخل وتأييد دولي من الخارج

فور إعلان الهيئة العليا للانتخابات في تونس فوز الباجي قايد السبسي في أول انتخابات حرة ومباشرة، تقاطر العشرات من المواطنين أغلبهم من الشباب والنساء، للاحتفال بفوز «البجبوج» في شارع بورقيبة الرئيسي في العاصمة، وسط إحاطة أمنية مشددة.

وفي المقابل، وعقب اعلان فوز السبسي اندلعت احتجاجات في مدن في جنوب البلاد احتجاجاً على فوز مسؤول من النظام السابق بمنصب رئيس البلاد، واطلقت الشرطة التونسية القنابل المسيلة للدموع لتفريق المئات من المتظاهرين المحتجين على نتائج الانتخابات الرئاسية .
وقام مئات من المحتجين بالاشتباك مع الشرطة في منطقة الحمام في الجنوب حيث يحظى المرزوقي بشعبية واسعة.
وقالت وزارة الداخلية إن المحتجين احرقوا مركزين للشرطة خلال التظاهرات التي اندلعت مساء الأحد واستمرت يوم الاثنين.
وقال حزب نداء تونس الذي ينتمي اليه السبسي إن المحتجين في مدينة تطوان حاولوا احراق أحد مقار الحزب في المدينة.
وكانت حالة من الاحتقان قد سادت عدداً من المدن في الجنوب التونسي اثر الاعلان عن نتائج الانتخابات وفوز الباجي قايد السبسي بالرئاسة.
وأصدر المنصف المرزوقي الرئيس المنتهية ولايته بيانا دعا فيه الى نبذ العنف والبعد عن جميع أشكال التحريض، في إشارة إلى الاضطرابات التي وقعت امس في مدن عدة في الجنوب.
وقال متحدث باسم المرزوقي إنه هنأ السبسي بالفوز.
واعترف المرزوقي بنتائج الانتخابات وتعهد بعدم الطعن عليها سعياً لانجاح الانتقال وللاسراع بتشكيل حكومة جديدة للمساعدة في استقرار البلاد.
وتوجه السبسي بالشكر للمرزوقي وقال «إن مستقبل تونس يحتاج كل أبنائها دون اقصاء لأحد أو تفرقة».
وأضاف أن مبادرة المرزوقي تؤكد المسار الديمقراطي التونسي بأشكال حضارية وتؤسس لديمقراطية مستقرة.
وتعهد السبسي في بيان متلفز له أن يكون رئيساً لكل التونسيين.
وكانت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية قد أعلنت فوز الباجي قائد السبسي برئاسة تونس.
وحصل السبسي، زعيم حزب «نداء تونس»، على نسبة 55،68 في المئة من عدد أصوات المقترعين.
وهنأ راشد الغنوشي زعيم حزب حركة النهضة السبسي بالفوز وبما سماها الثقة التي وضعها الشعب التونسي فيه، وعبر للمنصف المرزوقي عن اكباره له في انجاح الخيار الديمقراطي في تونس، حسب بيان حركة النهضة.
وجاء فوز السبسي (88 عاماً) في جولة الإعادة من انتخابات الرئاسة، التي خاضها في مواجهة الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي.
وبلغت نسبة الأصوات التي حصل عليها المرزوقي 44،32 في المئة.
وأعلنت لجنة الانتخابات كذلك أن نسبة المشاركة في الاقتراع بلغت 60،11 في المئة من إجمالي الناخبين الذين يتمتعون بحق التصويت.

من هو الباجي قائد السبسي الرئيس التونسي الجديد؟
كان الباجي قائد السبسي وزيراً في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة ورئيساً للبرلمان في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. يقدم الباجي قائد السبسي نفسه على أنه الضامن لهيبة الدولة.
والسبسي الذي يطرح نفسه على أنه تكنوقراطي، هو زعيم حزب «نداء تونس» الذي اسسه في العام  2012 لمنافسة النهضة الإسلامية ولخلق توازن سياسي والحد من هيمنة الإسلاميين.
وان كان البعض يصف الحزب بالعلماني ولكن السبسي يرفض بشدة ما ينسب إليه من عداء للإسلام. محسن مرزوق مدير حملة الباجي الانتخابية يقول: «نحن حزب ليس ضد الإسلام، نحن حزب ضد الأسلمة أي استعمال الإسلام لغايات سياسية لكن نعتبر أنفسنا أيضاً كحزب علماني وعندما نقول علمانياً لا يعني ذلك أننا ضد الدين، نحن كلنا مسلمون».
يرفض الباجي قائد السبسي أسلمة الدولة لكنه لم يتردد في استعمال الدين في حملته الانتخابية كما كان الحال خلال زيارته لضريح صوفي.
يقدم الرجل نفسه كتلميذ لبورقيبة لا يتوانى عن تطمين التونسيين بأنه لن يتفرد في الحكم في حال فوزه بالانتخابات، في حين يخشى البعض من عودة ناعمة للحكم القديم بشخص السبسي.
يرى الرجل في أعوامه الـ 88 خبرة لرجل دولة وقانون ستؤهله لقيادة تونس نحو الديمقراطية.
ينظر إلى السبسي باعتباره سياسياً عملياً. نجح السبسي في اكتساح الساحة السياسية بعد الفوز في الانتخابات البرلمانية والرئاسية وقد حصل حزبه على أكبر حصة في الانتخابات البرلمانية.
ويرفض السبسي ما يقوله منتقدون من أن فوزه سيمثل عودة لرجال النظام القديم. ويقول إنه الرجل الخبير الذي تحتاجه تونس بعد ثلاث سنوات اتسمت بالاضطراب في ظل حكومة ائتلافية قادها إسلاميون.
وسيكون على السبسي محاولة إعادة بناء الاقتصاد التونسي، الذي يكافح من أجل التعافي من الاضطرابات التي أفضت إليها الثورة خلال السنوات الأربع الماضية.
واللافت في التجمعات العفوية للاحتفاء بفوز السبسي برئاسة الجمهورية التونسية هو ارتفاع نسبة النساء المشاركات فيه، وكذلك الشباب من مختلف الأعمار. النساء يعتقدن أن السبسي هو الوحيد القادر على حماية مكاسب التونسيات و«التي هددت في حكم النهضة والترويكا»، كما يرى البعض الآخر في السبسي رجل المرحلة المقبلة، بفضل خبرته السياسية.
الشباب من جهتهم يرون الرئيس الجديد لتونس قادراً على توفير حلول عاجلة للقضايا العاجلة، أبرزها البطالة وهروب الاستثمارات الأجنبية، والكل يبدو متفقاً على ضرورة إحداث رجة نفسية لدى التونسيين والرغبة في رؤية سياسيين جدد يحكمون البلاد بعد فشل سابقيهم.
وتمثل الانتخابات الخطوة الأخيرة في انتقال تونس إلى الديمقراطية بعد انتفاضة أطاحت الحاكم المستبد زين العابدين بن علي في 2011 وكانت مصدر إلهام لانتفاضات «الربيع العربي».

ردود فعل عالمية
وهنأ الرئيس الأميركي باراك أوباما السبسي بالفوز. ووصف بيان للبيت الأبيض الانتخابات بأنها «خطوة هامة في انتقال تونس الهائل نحو الديمقراطية».
كما أثنت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فدريكا موغوريني على الانتخابات ووصفتها بأنها «رسالة أمل لكل المتطلعين لمستقبل أكثر سلاماً وديمقراطية وازدهاراً».
كما أثنى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند على الشعب التونسي لما أظهره من «تصميم، واحساس بالمسؤولية والقدرة على التفاهم».
كما تلقى السبسي التهنئة من بعض القادة العرب من بينهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والعاهل المغربي الملك محمد السادس.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن نتائج الانتخابات تعكس ثقة الشعب التونسي الغالية بالسبسي.
وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري في بيان «لقد ضربت تونس لمنطقتها وللعالم بأسره مثالاً مشرقاً لما يمكن تحقيقه من خلال التفاني من أجل الديمقراطية والتوافق واتباع عملية سياسية حاضنة لكل الأطراف».
وأضاف «ستواصل الولايات المتحدة دعم تونس وهي تنضم إلى الدول الديمقراطية في العالم وندعو بقية أعضاء المجتمع الدولي إلى النسج على منوالنا».
وأمام مقر نداء تونس تجمع مئات من انصار السبسي واحتفلوا بفوزه ورفعوا صوره واعلام تونس. ورقص أنصاره على انغام الموسيقى مرددين شعارات «بجبوج رئيس» في إشارة للباجي قائد السبسي.
وقالت سناء بن سعيدة التي كانت تحتفل امام مقر الحزب لرويترز «ليس هناك نظام قديم… السبسي هو الرجل المناسب في المكان المناسب».
وبعد إقرار دستور تقدمي جديد وانتخاب برلمان كامل في تشرين الأول (أكتوبر)، أشيد بتونس بوصفها مثالاً للتغيير الديمقراطي في منطقة مازالت تواجه آثار انتفاضات الربيع العربي في 2011.
وتفادت تونس إلى حد كبير الانقسامات التي حدثت بعد الانتفاضات في ليبيا ومصر لكن توترات تحدث من حين لآخر. ولا يزال الإسلاميون المتشددون الذين ظهروا بعد الانتفاضة يمثلون خطراً.

وكالات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق