سياسة لبنانية

التفجيرات تسرّع تشكيل الحكومة

سرّعت التفجيرات الاخيرة التي حصلت في الضاحية وطرابلس، خطوات تشكيل الحكومة، خصوصاً بعد المعلومات الأمنية عن استهداف الساحة اللبنانية من قبل مجموعات «ارهابية» تعمل لصالح جهات خارجية تضمر الشر للبنان وتسعى لضرب الاستقرار فيه واشعال الفتنة.

يقول احد الوزراء، ان هناك سباقاً بين التفجير والتأليف وان الدماء التي سقطت خلال الايام الاخيرة حركت «الضمائر» بحيث بات الجميع ميالين الى قيام حكومة مسؤولة تنهض بالبلاد وتقف بوجه المخطط التفجيري. وقد بدأت الخطوات التنفيذية للمخطط عبر مسلسل تفجيرات يهدف الى تأجيج الخلافات المذهبية والى تعميق الهوة بين اللبنانيين مقدمة لتفجير لبنان. ويقول أحد الوزراء ان المخطط نجح في احداث فراغ على مستوى السلطة والمسؤوليات الأمنية.
استنفر الوضع الأمني المتفجر المسؤولين والقيادات بعد جو الهلع والخوف والقلق لدى اللبنانيين على مصيرهم في ظل الانقسام الحاد وغموض الرؤية، مما خلق مناخ اضطراب لدى المواطنين مع عودة هاجس التفجيرات والسيارات المفخخة والخوف من حصول اغتيالات لدفع البلاد سريعاً بإتجاه الفتنة.   فوجه الرئيس ميشال سليمان رسالة الى اللبنانيين، بعد سلسلة اجتماعات عقدها بعدما قطع اجازته مع الرئيسين نجيب ميقاتي وتمام سلام وعادوا بعد تفجيري طرابلس. واطلع سليمان من الاجهزة على ما لديه من معلومات عن وجود مخطط ارهابي يستهدف لبنان، وانها وضعت يدها على شبكات ارهابية وعناصر لخلايا نائمة تم توظيفها مؤخراً لإشعال الفتنة، وتم تعطيل سيارات كانت معدة للتفجير. ودعا الرئيس سليمان في رسالة الى اللبنانيين، وصفها احد الوزراء بأنها ناقوس خطرمن قبل رئيس البلاد، ينذر بأن لبنان بات على حافة السقوط والانهيار. ويدعو سليمان «الى وقفة شجاعة وقرار وطني مسؤول بمنأى عن المصالح الخارجية والاقليمية، والأخذ في الاعتبار المصلحة الوطنية الداخلية، والالتقاء ضمن حكومة جامعة وحول طاولة هيئة الحوارالوطني من دون شروط مسبقة لدرء الاخطار التي تهدد الوطن وتستبيح اراقة الدماء بلا تمييز، وان تكون ارادة الالتقاء وشجاعة القرار اقوى من اي اعتبار اخر وفوقه، حتى لا نقع في تجربة الانقسام والتقاتل».

ارجاء دعوة مجلس الوزراء
وارجأ ميقاتي الدعوة لعقد جلسة لمجلس الوزراء للبحث في امور طارئة واستثنائية لأن هناك اموراً محددة بمهل لا يجوز تجاوزها حتى في ظل حكومة تصريف الاعمال، لأن ذلك من ضمن الضرورات التي ينص عليها الدستور، لئلا تفسر خطوته بأنها التفاف على مهمة الرئيس المكلف تمام سلام وقطع الطريق على تشكيل الحكومة. وقد اشعل سلام محركاته المتوقفة لتشكيل الحكومة بعد اجتماع مطول مع الرئيس سليمان، اتفقا بنتيجته على استعجال الخطوة لتشكيل حكومة جامعة، واشاد سلام بمواقف سليمان الحكيمة ورسالته الوطنية التي شكلت وقفة ضمير.
أما الرئيس نبيه بري فيطلق في ذكرى تغييب الامام موسى الصدر مبادرته على عادته في كل عام في محاولة لتحريك الجمود بسبب «تخندق» الاطراف وراء مواقفهم المتصلبة. فقوى 14 اذار تطالب بحكومة حيادية من دون ممثلين لـ 8 و14 اذار قبل استئناف اجتماعات هيئة الحوارالتي تشارك فيها، شرط اعلان  حزب الله سحب مقاتليه من سوريا وتأكيد الالتزام بإعلان بعبدا وسياسة النأي بالنفس، كما اشترطت هذه القوى ان يلبي اعضاء هيئة الحوار دعوة سليمان للإجتماع الان قبل التأليف، لتنفيذ اعلان بعبدا وقوننته ومن يتخلف عن الحضور يبقى خارج الحكومة. وتصر قوى 8 اذارعلى المشاركة في الحكومة وفق الاحجام والاوزان ويطالب الحزب بمشاركته لأنه يرفض عزله بناء لرغبة غربية. ويسعى سلام الى تدوير الزوايا واعلان تشكيلة حكومية جامعة من حياديين غير سياسيين وغير استفزازيين يمثلون المكونات السياسية على ان يعلنها قبل العاشر من ايلول.

هل ينجح سلام؟
هل ينجح سلام في المهمة؟ يقول وزير سابق انه لا يمكن ان تبقى القيادات السياسية في «اجازة» امام الخطر الداهم والمخطط الذي يستهدف لبنان، بل عليها اتخاذ القرار الشجاع بإنقاذ الوطن من خلال  تأليف حكومة تفعًل المؤسسات، لا سيما الأمنية لمواجهة المخططات والتصدي للمؤامرة التي عرفت بقضية سماحه – مملوك لتفجير لبنان. وان الحاجة ملحة لوقفة وطنية واحدة لانقاذ الوطن وابعاده عن الصراعات الاقليمية، والانزلاق في دهاليز الخلافات الخارجية التي ادت الى انشطار اللبنانيين قسمين يتقاتلان لحساب قضية خارجية، وفق ما يقول وزير الداخلية، الذي حذر بعد اشهر من اندلاع الحرب في سوريا من ان لبنان قد يسقط في الفخ والتجربة المرة اذا انخرط ابناؤه في الحرب في سوريا، لأنهم بذلك يستدرجون الحريق السوري الى لبنان. ويخشى من ان تكون التفجيرات بداية لإندلاع الحريق في لبنان اذا لم يسارع السياسيون، فهم يتحملون مسؤولية الانفجارات. ويؤكد ان السعودية وايران تعملان على وأد الفتنة ومنع وقوعها، الا انه يخشى تفلت الوضع وحصول حال من الفلتان يصعب لجمها وضبطها، تسهم في الانجرار وراء الشحن المذهبي الذي تخطى السقف وتجاوز الخطوط الحمراء. ويفترض تنفيس الاحتقان ولجم اي رد فعل متهورمن شأنه ان يشعل الفتنة. ويدعو ديبلوماسيون اللبنانيين الى ضبط النفس، والتقيد بإعلان بعبدا والتزام سياسة النأي بالنفس وتشكيل حكومة، وحذروا من خطر الفراغ في السلطة والمؤسسات.
وتوقعت اوساط سياسية حصول تطورات دراماتيكية في الحرب السورية من خلال تدخل غربي تحت عنوان «حقوق الانسان بعد استخدام الكيماوي في المواجهات»، وقد تحدث تغييراً في موازين القوى ودفعاً بإتجاه جنيف 2 لحل الازمة. وقد تساعد هذه الخطوة على تحريك الوضع في لبنان وحمل الاطراف على تبديل مواقفها عبر حكومة جامعة وفق المعاييرالتي وضعها سلام. وتبقى المخاوف من رد فعل على العملية العسكرية الغربية ضئيلة في ظل الموقف الروسي وتجنب الاطراف الاقليميين الانزلاق الى مواجهات تؤدي الى حرب في المنطقة.

ف. ا. ع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق