أبرز الأخبار

العراق: الحرب تتخطى اسوار العاصمة، والفيتو الاميركي يحبط صفقة السلاح الايراني

يوماً بعد يوم يزداد الوضع العراقي سوءاً، وترتفع وتيرة ازمته التي باتت تتجاوز الاطارين السياسي والامني، وتدخل في متاهات عديدة من الصعب جداً تخطيها، والتي تصب – حتماً – ضمن اطار التقسيم. ويوماً بعد آخر، تتعمق الفجوة بين الاطياف المتعددة، بمن فيها تلك التي كانت حتى وقت قريب تشكل حلقات التحالف المكون للدولة العراقية.

المدقق في تفاصيل المشهد العراقي، ومن يقرأ ما بين السطور جيداً، يتوقف عند حالة من الفوضى، ومن اشلاء دولة مفككة، محكومة بكم من الاخطاء التي تعمق الازمة، وتزيد من ثغراتها.
فمن جهة، هناك ازمة حكم وازمة ثقة مع الاكراد في منطقة الشمال، وهي ازمة تهدد بالمواجهة وبالتالي بترسيم عملية التقسيم. ومن جهة ثانية، هناك مدن محتلة من قبل تنظيمات متشددة، على رأسها تنظيم «داعش»، المتحالف مع بعض القبائل. وهناك تلويح بنقل المعركة الى داخل العاصمة بغداد.
وهناك سلسلة ازمات طائفية، تجاوزت اطار الخلافات بين السنة والشيعة والاكراد، ودخلت ضمن اطار الطائفة الواحدة، بدليل اعتزال مقتدى الصدر العمل السياسي. وتركيزه على العمل الاجتماعي والديني.
وبين هذه وتلك ثمة ازمة مع الولايات المتحدة على خلفية عمليات تسليح ابرمها رئيس الحكومة نوري المالكي مع ايران. وهناك سلسلة ازمات مع دول الجوار، بحكم التعاطي العراقي – الايراني مع مجمل الملفات، وبما يتقاطع مع تصورات تلك الدول.
في التفاصيل، حذر مسؤولون وسياسيون عراقيون من توسع رقعة القتال بين الجيش العراقي والمسلحين وانتقالها من محافظة الأنبار الغربية إلى قلب العاصمة بغداد بعد انتشاره في محافظات عدة وسط دعوات بضرورة استجواب البرلمان المالكي وقادته العسكريين حول العمليات المسلحة والفشل الأمني.

تحذير
وحذر باقر جبر الزبيدي وزير الداخلية الاسبق، ورئيس الكتلة النيابية الممثلة للمجلس الاعلى الاسلامي برئاسة عمار الحكيم من توسع رقعة القتال مع المسلحين ووصولها إلى قلب العاصمة بغداد. كاشفاً النقاب عن سقوط مدينة المسيب (جنوب بغداد) بأيدي المسلحين. وحذر من تحولها الى النموذج السوري في ظل تدني مستوى الاداء الامني.
وأشار الزبيدي إلى أن «سقوط اي مدينة عسكرياً ليس بالضرورة الامساك بالارض من قبل العدو واحتلال مراكز الشرطة والقائمقامية والشوارع الرئيسة، بل إن وقوع المدينة تحت مرمى النيران المتوسطة والثقيلة هو سقوط للمدينة، معترفاً بسقوط قذائف الهاون في قلب العديد من المدن.
وأوضح ان مهمة القوى الأمنية هي ابعاد مصادر النيران عن المدن واذا لم تستطع ذلك في المدن العراقية عموماً، فان الارهاب سيتمكن من تحقيق هدفه الاساسي وهو تهجير السكان  من مدنهم.
وكان مجلس محافظة بابل قد أقر يومّ الجمعة الماضي خلال جلسته الطارئة المغلقة، بنوداً عدة أهمها مطالبة القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي بالمجيء إلى بابل والاطلاع على خطورة الموقف الأمني للمحافظة وتشكيل لجنة عليا لمعالجة نقاط الضعف الأمني واحالة الشرطة الاتحادية للتحقيق على خلفية انطلاق قذائف هاون من قرب مقر الشرطة على حي سكني وسط المسيب شمال الحلة، ما اسفر عن مقتل واصابة 83 شخصاً من المدنيين اغلبهم من الشباب والاطفال.
ولاحقاً، أعلنت وزارة الداخلية العراقية عن ضبط معسكر للمسلحين في مدينة السعدية
في محافظة ديالى (65 كم شمال شرق بغداد). وقال الناطق باسم وزارة الداخلية العميد سعد معن إن شرطة ديالى ضبطت معسكراً للارهابيين في منطقة السعدية، يحتوي على قاذفات وبنادق وعبوات ناسفة وقذائف هاون، وصواريخ قاذفة ودروع وصواعق وبطاريات تفجير وتجهيزات عسكرية ولوحات تسجيل ورايات لتنظيم اصولي.
 وفي هذه الاثناء، سيطر مسلحون على بلدة الصينية قرب مدينة بيجي (180 كيلومتراً شمال بغداد)  مستخدمين سيارات دفع رباعي بعد أن قصفوا مقر الشرطة المحلي واشتبكوا مع القوات لساعات  عدة اثناء الليل. وقال مسؤولون ان اربعة من رجال الشرطة واثنين من مقاتلي العشائر السنة المدعومين من الحكومة على الاقل قتلوا في الاشتباكات.
ورفع المسلحون علم تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام على مبان حكومية في البلدة ووثقوا سيطرتهم على المدينة بواسطة الفيديو.

 حظر التجول
وفي مدينة تكريت عاصمة محافظة صلاح الدين، اضطرت السلطات الأمنية الى فرض حظر التجوال ابتداء من صباح الجمعة الفائت وحتى إشعار آخر لدواع أمنية. وجاء القرار على خلفية التدهور الأمني الذي تشهده المدينة وارتفاع وتيرة التفجيرات والاغتيالات فيها. يأتي ذلك في وقت لا تزال مدينة الفلوجة وبعض مناطق الرمادي تخضع لسيطرة مسلحين مناهضين للحكومة منذ بداية العام الحالي.
وأعلن مستشفى الفلوجة التعليمي ان حصيلة ضحايا القصف العشوائي على المدينة بلغت مقتل واصابة 804 أشخاص منذ بداية العمليات العسكرية. وقال الدكتور احمد الشامي رئيس الاطباء المقيمين في مستشفى الفلوجة ان القصف الذي يقوم به الجيش على الاحياء السكنية اسفر عن مقتل 111 شخصاً واصابة 693 اخرين بجروح، أكثرهم من الاطفال والنساء. الى ذلك، طالب ائتلاف «متحدون للاصلاح» بزعامة رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي بعقد جلسة خاصة للبرلمان لاستجواب رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي ووزير الدفاع سعدون الدليمي ورئيس اركان الجيش ووزيري الهجرة والمهجرين وحقوق الانسان لمناقشة وضع الأنبار.
وفي مؤتمر صحافي، قال النائب عن كتلة «متحدون للاصلاح» سلمان الجميلي ان أزمة الأنبار تزداد تعقيداً خصوصاً من خلال القصف العشوائي وسقوط القتلى والجرحى من ابناء الأنبار والقوات الأمنية.
ويشهد العراق منذ نيسان (ابريل) من العام الماضي دوامة عنف غير مسبوقة منذ النزاع الطائفي المباشر في البلاد بين عامي 2006 و2008.
من جهته، شخّص المالكي الوضع بانه محاولة لتأجيل الانتخابات، واصر على ان تجري في موعدها. وقال المالكي، في كلمته الأسبوعية يوم الأربعاء الفائت، إن العراق يشهد حالياً جدلاً ومزايدات، يدفع ثمنها المواطن من استقراره وتطلعه إلى تحسين أوضاعه المعيشية. وأكد حرص حكومته على تشريع القوانين، التي تهمّ المواطنين وطبقاته المحتاجة ومختلف الشرائح الاجتماعية الأخرى، التي تستحق الرعاية. لكنه أشار إلى أنه يجري التلاعب بهذه القوانين بالشكل الذي يؤدي إلى صعوبة تنفيذها، وذلك لأهداف سياسية ودعائية انتخابية، تهدف إلى تأجيل الانتخابات، لكنه أصرّ على إجرائها في موعدها المحدد.
ولفت إلى أن في مقدمة هذه القوانين قانون الموازنة العامة للبلاد للعام الحالي 2014، والبالغة 145 مليار دولار. وتساءل قائلاً: «من أين ستنفذ الحكومة تلك القوانين، التي تنص على صرف أموال طائلة لمصلحة المواطنين، في وقت يستمر الجدل والخلاف حول الموازنة؟». وأشار إلى أن هذه الخلافات وتعطيل البرلمان مناقشة الموازنة بالترافق مع «تضخيم»
الأوضاع الأمنية، كلها مساع تهدف إلى إيقاف عملية الانتخابات البرلمانية العامة، المنتظرة في 30 نيسان (أبريل) المقبل.                                                                  

 خطر تأجيل الانتخابات
وحذر المالكي من أنه اذا تأجلت الانتخابات، فإن هذا يعني فشل الحكومة والبرلمان في تأدية واجباتهما، وتبقى الدولة مشلولة وغير قادرة على خدمة مواطنيها. وشدد على الإصرار على إجراء انتخابات نزيهة، وفي موعدها، بعيداً عن التحالفات السياسية، التي تجري وراء الستار، والتي يدفع ثمنها المواطن.
ومن المنتظر أن تجري الانتخابات في 30 نيسان (ابريل) المقبل، بمشاركة 10 آلاف و250 مرشحاً، يتنافسون على 327 مقعداً في البرلمان المقبل، وسط مخاوف من تأجيلها، بسبب الخلافات المتصاعدة بين القوى السياسية وانهيار الأوضاع الأمنية في مناطق مختلفة من البلاد.
وفي موضوع آخر، اعتبر رئيس اقليم كردستان العراق مسعود البرزاني قطع الحكومة المركزية في بغداد رواتب موظفي الاقليم بمثابة إعلان حرب ضد شعب كردستان. وأشار إلى أنّ سبب تردي الاوضاع الأمنية والسياسية في العراق هو سياسات الحكم الخاطئة في بغداد. واكد البرزاني خلال اجتماعه مع السفير التركي الجديد في العراق فاروق كيماكجي انه «لا احد يملك الحق والسلطة لقطع رواتب الناس» معتبراً أي إجراء بهذا الصدد خرقاً للقانون، وقال: «نحن نعتبر هذا الامر بمثابة اعلان حرب ضد شعب كردستان».
وحول مسألة النفط والطاقة والمشاكل العالقة بين حكومة اقليم كردستان والحكومة الاتحادية حول تصدير نفطه إلى الخارج عبر تركيا، أكد البرزاني ان الاقليم لم يخط أية خطوة مخالفة للدستور. وأشار إلى أنّ سبب تردي الاوضاع الأمنية والسياسية في العراق هو سياسات الحكم الخاطئة في العراق مشدداً على ان فرض الحصار وعدم صرف رواتب موظفي الاقليم وعدم ارسال حصة اقليم كردستان من الموازنة من قبل الحكومة الاتحادية أمور غير قانونية.
ويوم الاحد الفائت، طالبت حكومة اقليم كردستان المالكي بإنهاء ما وصفته بسياسات الحصار الاقتصادي ضد مواطني الاقليم، وناشدت الأمم المتحدة والمرجعيات الدينية ومؤتمر الدول الإسلامية وجامعة الدول العربية، لتحمل مسؤولياتها والضغط على بغداد لوقف وصفته بسياسة الحصار والتهميش تجاه حكومة وشعب كردستان.

شكوى الاكراد
ويشتكي الأكراد من عدم دفع الحكومة المركزية منذ ثلاثة اشهر مرتبات موظفي اقليم كردستان بمحافظاته الثلاث اربيل والسليمانية ودهوك، الأمر الذي أثار مشاكل لحكومة الاقليم التي تواجه حالياً احتجاجات واعتصامات من قبل موظفيها الذين يطالبون بصرف رواتبهم المتوقفة.                                                                                                       
ويعترض الأكراد على الموازنة العامة لتضمينها بنداً ينص على استقطاع جزء من حصة اقليم كردستان من الموازنة بسبب عدم تسليمه واردات نفطه المصدر إلى الحكومة الاتحادية إذا لم يلتزم بتصدير 400 ألف برميل نفط يومياً عبر شركة تصدير النفط العراقية «سومو» المملوكة للدولة. إضافة إلى خلافات أخرى تتعلق بمسائل موازنة المناطق والمتنازع عليها وميزانية قوات البيشمركة الكردية.
وبالتوازي، حذر البرزاني من تحول الحرب ضد الإرهاب في العراق إلى حرب طائفية بين الشيعة والسنة، ودعا الحكومة إلى الاستجابة لمطالب مواطنيها وعبّر عن مخاوف من انهيارات أمنية في محافظات أخرى، وقال إن معالجة المشاكل بالقوات العسكرية ستعقد الاوضاع أكثر.
وفي ملف آخر، وبعد ساعات من اعراب البيت الابيض عن قلقه من معلومات تحدثت عن صفقة سلاح ايرانية لصالح الجيش العراقي بقيمة 195 مليون دولار، نفت بغداد شراء أسلحة إيرانية. ولوحت واشنطن بإعادة النظر في اتفاق مقترح لبيع العراق 24 طائرة مروحية حربية على خلفية التقارير الخاصة بالصفقة مع إيران.
ونفت وزارة الدفاع العراقية في بيان لها تلك الصفقة مع إيران، مشيرة إلى أن شركة إيرانية اشتركت في مناقصة طرحتها الوزارة لشراء أسلحة وذخائر شملت دولاً أخرى عدة، ولكنها لم تفز بها، وأن الأنباء التي تحدثت عن شراء العراق أسلحة وذخائر إيرانية بقيمة 195 مليون دولار غير صحيحة. وقال بيان الوزارة إن هناك من استغل هذا الموضوع سياسياً وإعلامياً.
وأوضحت الوزارة أن المناقصة طرحت بناء على حاجة القوات المسلحة العراقية لبعض الأسلحة الخفيفة ومعدات الرؤية الليلية لسد نقص بعض الوحدات، وتم استدراج عروض شركات دولية عديدة من بلغاريا والتشيك وبولونيا وصربيا والصين وأوكرانيا وباكستان وغيرها من شركات تلك الدول، وقد قدمت تلك الشركات عروضها التسعيرية وجداول التجهيز. وأضافت أن هيئة الصناعات الدفاعية الإيرانية قدمت عروضها، إلا أن الأفضلية كانت لصالح شركات أخرى ولم يتم توقيع أي عقد مع الشركة الإيرانية.

صفقة الاسلحة
جاء النفي العراقي بعد ساعات من طلب واشنطن من بغداد توضيح المعلومات عن توقيعها عقداً لشراء اسلحة من طهران الامر الذي يشكل اذا صح انتهاكاً للحظر الدولي على ايران. وتتضمن العقود الثمانية التي يقال انها وقعت مع ايران ما يأتي :
ذخائر لاسلحة خفيفة ومتوسطة قيمتها 75 مليون دولار.
ذخائر للدبابات والمدفعية والمورتر قيمتها 57،178 مليون دولار.
أسلحة خفيفة ومتوسطة ومدافع مورتر قيمتها 25،436 مليون دولار.
ذخائر مدفعية عيار 155 مليمتراً قيمتها 16،375 مليون دولار.
مناظير للرؤية النهارية والليلية وأجهزة لتوجيه المورتر قيمتها 7،320 مليون دولار.
معدات للوقاية من المركبات الكيماوية قيمتها 6،676 مليون دولار.
معدات اتصال قيمتها 3،795 مليون دولار.
ذخيرة للبندقية الالية الاميركية إم-12 قيمتها 3 ملايين دولار.

احمد الحسبان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق