رئيسيسياسة عربية

تمدد الامن الذاتي باتجاه الجبل يخلق هواجس ومخاوف

بعد التفجيرات التي استهدفت الضاحية الجنوبية اكثر من مرة واوقعت عدداً كبيراً من الضحايا والجرحى واحدثت دماراً هائلاً في شارعي بئر العبد والرويس في الضاحية، قرر حزب الله، وبعد اطلاعه على مخطط يستهدف مناطقه، والتخوف من الحاق الاضرار في البشر والحجر، وبعدما تعرضت منطقة مار مخايل في الشياح الى سقوط صواريخ مجهولة الهوية، ان يعتمد الامن الذاتي مستعيناً بعناصر حزبية لحماية مناطقه ومراقبة حركة الخروج والدخول من والى الضاحية والتشدد في تفتيش الاشخاص، لا سيما الداخلين والتدقيق في هوياتهم واوراقهم الثبوتية وزيادة كاميرات المراقبة التابعة للحزب.

طاولت اجراءات الامن الذاتي التدقيق في هويات ديبلوماسيين وتفتيش سياراتهم خلافاً لاتفاقات فيينا، وقد تسلمت الخارجية احتجاجات من بعثات ديبلوماسية تعرضت سياراتها للتفتيش وديبلوماسيوها للتوقيف والتحقيق معهم.
انتشرت عناصر امن الحزب في داخل الضاحية وعلى مداخلها والطرق المجاورة حتى طريق المطار في انتشار احدث ضجة وريبة وخوفاً لدى المواطنين، لا سيما سكان الضاحية الذين شكوا من المضايقات كما شكا سالكو طريق المطار والطرق القريبة من الضاحية، وطالبوا الدولة بان تبسط امنها عبر قواتها الشرعية، وتمنع حواجز الامن الذاتي لانها تؤسس الى حرب اهلية وتشعل الفتنة وفق اوساط سنية بيروتية. وسارع المسؤولون الى التحرك في مواجهة هذا التمدد الامني الذاتي الذي وصل الى الجنوب واقيمت حواجز في النبطية وفي بعلبك وحتى في جرود جبيل حيث اوقفت عناصر من جهاز امن الحزب عمالاً سوريين للتدقيق في هوياتهم تحت عنوان «حماية المنطقة»، كما قال النائب السابق الدكتور فارس سعيد، الذي طالب الدولة بوضع حد لهذه الاعمال الخارجة على القانون، ووقفها فوراً محذراً «اللهم اشهد اني بلغت». وتولى الجيش اقامة حواجز ثابتة ومتنقلة في المناطق المحاذية للضاحية بعدما انكفأت عناصر امن الحزب الى داخل الضاحية.

تحرك القوى الامنية
اثير موضوع الامن الذاتي في اكثر من اجتماع وحتى في احد اجتماعات المجلس الاعلى للدفاع انطلاقاً من حصرية الامن بأجهزة الدولة دون سواها، واعطيت التعليمات الى القوى الامنية والعسكرية بالتحرك، الا ان افتقارها الى العناصر البشرية «سمح» لعناصر امن الحزب، الاستمرار في مهام الامن الذاتي بذريعة ان قيادات الحزب موجودة في الضاحية المستهدفة وان قيادات الحزب لا تثق في هذه المرحلة الا بأمنها الذاتي لتولي امن الضاحية. وتحت هذا العنوان استمرت حواجز الامن الذاتي بعدما تم تقليص رقعتها لتتولى امن منافذ الضاحية وداخلها، وذلك بالتشديد في التدقيق في الهويات والاوراق الثبوتية، كما قال احد الاطباء القاطنين في الضاحية لرفاقه، شاكياً المضايقات التي خلقت نقمة على الخطوة. واعتبر احد سياسيي 14 اذار ان هذه الخطوة اعتراف فاضح بفشل الدولة في ضبط الامن، اقله في العاصمة وضاحيتها. ولم يبال الحزب باصوات الاعتراض معتبراً ان «امن الضاحية فوق كل اعتبار» بعد الذي اصابها من الانفجارين المروعين. ولم يقتنع سكان الضاحية بما قدمه الحزب من تبريرات، فتضاعفت النقمة الشعبية بسبب تضرر مصالح المواطنين وانعكاس الخطوة  اقتصادياً على تجار الضاحية.
على صعيد اخر اثارت هذه الخطوة حفيظة قيادات سياسية لا سيما سنية، وتخوفت من ان الامن الذاتي هو الخطوة الاولى على طريق الحرب الاهلية والفتنة، خصوصاً في ظل الاجواء المشحونة والتشنج السائدين في الشارع السني. ويسأل احد نواب 14 اذار: هل ستتدارك الدولة تداعيات الامن الذاتي ام تترك الحزب يوسع انتشاره بحجة امن الضاحية والمناطق الشيعية، ويعزز تمركزه في نقاط استراتيجية في جبل لبنان، كما حصل في يانوح بعدما انتشرت عناصر امن الحزب في مناطق شوفية عدة مشرفة على الضاحية بعد استهداف الاخيرة بصواريخ من الجبل. ويبرر الحزب الامن الذاتي بحماية قادته ومناطقه من التفجيرات. ويخشى الحزب من استخدام السوريين الذين دخلوا الى لبنان كنازحين في مهمات امنية من قبل اطراف تكفيرية. لقد تبين من التحقيقات الاولية التي اجرتها الاجهزة ان هناك جهة خارجية واحدة تقف وراء كل التفجيرات التي حصلت في الضاحية وطرابلس وقد وضع احد المسؤولين قيادياً في الحزب في المعلومات وفوجىء عند اطلاعه عليها ووضع قيادته في اجواء هذه المعلومات.

خطة امنية
ماذا سيفعل الحزب الذي اطلع على حقيقة مخطط استهدافه وكيف سيواجهه؟ يقول احد الوزراء ان الاسلاميين الذين هددوا باستهداف الحزب لم يتحركوا في لبنان وفق المعلومات الامنية. فهل الامن الذاتي سيحول دون استهداف مناطق الحزب؟ يكشف نائب بيروتي ان عناصر لاحزاب حليفة لسوريا بدأت تقوم ليلاً بدوريات في مناطقها للحماية، خصوصاً في بعض شوارع العاصمة اسوة بحزب الله. فهل ستبدأ الدولة بوضع خطة امنية كما طالب الرئيس نبيه بري في مبادرته، بعد تطويع 5 آلاف جندي في الجيش يكلفون بتنظيف المناطق وجمع السلاح وسط اجراءات قاسية وتدابير بحق المخالفين؟ ونصحت اوساط ديبلوماسية الحكومة بوجوب منع الامن الذاتي خشية ان تتوسع هذه الظاهرة تحت عناوين مختلفة وتكبر، بحيث تبدو اجهزة الدولة عاجزة عن معالجتها لاحقاً. لذلك يطالب سياسيون من 14 اذار الدولة بأن تسارع الاجهزة الان الى وقف هذه الظاهرة وتولي المسؤولية الامنية لحماية المواطنين والمناطق، وقد تبين ان الامن الذاتي لا يمكنه صد اية محاولة في حين ان الامن الشرعي هو القادر والمكلف حفظ الامن. ان الاشتباك الذي وقع على مداخل مخيم برج البراجنة بين فلسطينيين وامن الحزب يخشى سياسيون ان يتكرر في اكثر من منطقة اذا لم تتدارك الدولة الامر. ان النقمة على الامن الذاتي تزداد بين اللبنانيين الذين لا يريدون الا الامن الشرعي وحصرية السلاح بيد الدولة.

ف. ا. ع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق