سياسة لبنانيةلبنانيات

الازمات تراوح مكانها والمعطلون يقاصصون الشعب كله

المنظومة دمرت حياة اللبنانيين والشلل يقضي على كل الامال

العجز الرسمي يتجلى يوماً بعد يوم لدى مواجهة التعطيل الحكومي. فمجلس الوزراء الذي هلل اللبنانيون يوم شكلت حكومة الميقاتي، واعتقدوا انها ستضع الحلول على الاقل لقضايا معيشية لم يعودوا قادرين على تحملها. الا انه بعد مرور ايام معدودة تعطلت على ايدي من جاءوا بها، واعتبرت حكومتهم. لماذا؟
تقول مصادر محايدة ان القوى التي شكلت الحكومة اعتقدت انها قادرة على تسييرها وفق اهوائها ومصالحها. ولكنها اصطدمت بقضية المحقق العدلي القاضي طارق بيطار، وحاولت ابعاده عن ملف انفجار المرفأ، فعمدت الى استخدام حكومتها ففشلت. عندها ادركت انها غير قادرة على السيطرة على هذه الحكومة رغم انها من صنعها فجمدت عملها. لماذا تحاول اقصاء القاضي بيطار؟ الاسباب باتت معروفة لدى الجميع. لقد وصل المحقق العدلي على ما يبدو الى كشف حقيقة ما جرى، فسارعت الى شن الحرب عليه لاسكاته. ولما لم يمتثل عطلت الحكومة، لمزيد من الضغط. اما نحن فنريد ان نعرف من تسبب بهذه الجريمة النكراء.
من تعاقب الجهة المعطلة لمجلس الوزراء؟ هل تريد معاقبة المنظومة؟ حتماً لا. فهي تعلم ان المنظومة غارقة في سبات عميق ولا يهمها ان سارت الامور او توقفت. انها كما وصفها مقرر الامم المتحدة تعيش في عالم خيالي، دمرت شعبها ولم يرف لها جفن. حتى التصريح الاممي الخطير لم يؤثر بها، ومر مرور الكرام وكأنها غير معنية به. اذاً المعطلون يعاقبون الشعب، كل الشعب، لانهم بعملهم يسدون طريق الحلول للازمات المتفجرة. فالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وهو باب الخلاص الوحيد ويعلق عليه المواطنون الامال العريضة، ستتوقف او على الاقل لن تصل الى نتيجة، لان اي اتفاق تتوصل اليه بحاجة الى موافقة مجلس الوزراء. فهل يستحق اللبنانيون كل هذا العقاب القاسي؟
واللبنانيون مطوقون من جميع الجهات. اولاً بالدولار الذي دمر حياتهم ولا تزال المافيا تتلاعب باسعاره نزولاً وصعوداً، حتى انعكست على اسعار المواد الغذائية التي اصبح الحصول عليها يقتصر على الطبقة الميسورة. فشل حياة المواطنين. وكأن هذا الشلل لا يكفيهم فجاء اضراب الموظفين ليعطل الادارة، ومعها تتعطل مصالح الناس. وكذلك اضراب اساتذة الجامعة اللبنانية الذين يقاصصون نحو مئة الف طالب، ويستخدمونهم كرهينة حتى ينالوا ما يريدون. وكما ان الشعب هو دائماً الذي يدفع فكذلك هي حال الطلاب الذين رماهم اساتذتهم على قارعة الطريق.
في لبنان اليوم وزير خارجية تركيا الذي وصل الى بيروت مساء امس قادماً من ايران، وسيجتمع اليوم بالمسؤولين. ولكن ماذا يحمل معه؟ طبعاً ان الحلول للتعطيل ليست في يده، ولا حتى انهاء الازمة الدبلوماسية مع دول الخليج، التي لا يبدو ان هناك بوادر حلحلة في ظل العجز الرسمي. فجميع القوى المتواجدة على الارض اصبحت اقوى من السلطة التي هي في الاساس تخلت عن مسؤولياتها حتى اوصلتنا الى هذه الحال. فكيف يمكن ان نطلب منها ما سبق لها وتخلت عنه وهي اليوم تترجى لاستعادة سلطة ضائعة.
كذلك يصل هذا الاسبوع وزير خارجية قطر ويتردد انه يحمل معه حلولاً للازمة الدبلوماسية، هل نصدق التوقعات؟ سننتظر لنتبين الخيط الابيض من الخيط الاسود، وقد اصبحت حياة اللبنانيين كلها سوداء، اشبه بالسواد الذي نشرته الحرائق في اليومين الماضيين. فاكتملت الصورة التي يعيش فيها اللبنانيون. هل يتحرك المسؤولون؟ هل يبادرون؟ هل يستعيدون سلتطهم الضائعة؟ ان كل الدلائل لا تؤشر الى ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق