سياسة لبنانيةلبنانيات

لا امل باي اصلاح في ظل هذه المنظومة المتحكمة بكل مفاصل الدولة

بدل الكهرباء منحونا العتمة الشاملة وبدل البنزين طوابير الغاز

لمحة الامل التي سادت فور تشكيل الحكومة الميقاتية كانت سراباً كاذباً سرعان ما تبددت ليحل محلها يأس قاتل. اذ شعر المواطنون بان طريق الانقاذ مقفل، وهيمنة الطبقة السياسية باقية ومتجذرة ولا يمكن زحزحتها. لقد انتـظر الناس ان تطل عليهم، ليس بالحلول وهي بعيدة وتحتاج الى وقت طويل، ولكن بمبادرات صغيرة وسريعة تؤشر الى امكانية الخروج من جهنم التي نتخبط بها، الا ان العكس حدث. فمنذ اعلان هذه التشكيلة والازمات والكوارث تنهال فوق رؤوس اللبنانيين، وتقطع انفاسهم. لقد انتظروا ان تتخذ الحكومة خطوات سريعة لتأمين التيار الكهربائي اساس كل المشاكل الحياتية، ولذلك فان عيون المجتمع الدولي عليها وهي المطلب الاول على طريق الاصلاح، الا ان العكس هو الصحيح، وبدل ان يسطع النور في المنازل، حلت العتمة الشاملة. لقد كانت الحكومة تعلم اننا واصلون الى المأزق ولكنها لم تبادر الى اتخاذ اي خطوة لتدارك الامر، فوقع المحظور. ولولا تدخل الجيش الحاضر ابداً للمساعدة وتقديم ستة ملايين ليتر من الغاز اويل لشركة كهرباء لبنان لبقيت الانوار مطفأة. انه مؤشر سيء في بداية الاصلاح المنشود. هناك تحرك باتجاه مصر والاردن لتأمين استجرار الغاز من الاولى والكهرباء من الثاني ولكن هذا يتطلب اشهراً في احسن الاحوال. فما هي الحلول الانية لمنع السقوط في العتمة؟ الجواب عند الحكومة. ويبدو ان لا جواب.
ازمة ثانية وقعت على رؤوس اللبنانيين هذا الاسبوع. فطوابير محطات الوقود التي خفت مؤقتاً، سرعان ما عادت الى الظهور وبقوة، ولكن هذه المرة امام محطات توزيع الغاز الذي اختفى من الاسواق بعدما اقفلت الشركات ابوابها واوقفت التسليم، بحجة احتجاجها على التسعيرة التي وردت في جدول اسعار وزارة الطاقة، رغم ان سعر قارورة الغاز وصل الى حوالي 190 الف ليرة. ويتوقع ان يرتفع هذا الاسبوع تلبية لطلب الموزعين الى حوالي المئتي الف ليرة. وهنا تبرز مشكلة جديدة اشد وادهى. فالحكومة تفرض الزيادات الواحدة تلو الاخرى على المواطنين، دون اي مراعاة لاوضاعهم التي وصلت الى الحضيض. فالغاز مادة حيوية لا يمكن لاي بيت الاستغناء عنها، فهل فكرت الحكومة بالفقراء وقد اصبحوا معظم الشعب اللبناني، من اين يأتون بالمال ليسددوا كل هذه الزيادات؟
لقد وعدت الحكومة بزيادة الاجور وزيادة بدل النقل، الا انها اعجز من ان تستطيع الوفاء بوعودها. فالخزينة فارغة ولو كانت تملك المال لامنت الفيول للكهرباء. وكذلك هو القطاع الخاص. فالشركات معظمها الى اقفال، وقد بلغ عدد الموظفين والعمال المصروفين من الخدمة الالاف، وارتفع عدد العاطلين عن العمل بنسبة غير مسبوقة. فكيف ستدفع هذه الشركات زيادات على الاجور؟
مقابل ذلك عمدت الحكومة بقرار متسرع الى رفع الدعم قبل تأمين التقديمات مقابل ذلك، فيكون خير هذا بشر ذاك ولكنها اعجز من ان تجد الوسيلة. حتى البطاقة التمويلية التي كان قد تقرر عدم رفع الدعم الا بعد توزيع هذه البطاقة، ولكن عدم وجود مصدر للتمويل اوقفها في ادراج المسؤولين. في الحياة مبدأ خذ وهات، اما في لبنان فهات دون ان تأخذ شيئاً.
هذا هو الوضع الذي اوصلتنا اليه المنظومة. وهي اليوم تقاتل بكل قوة لعرقلة اجراء الانتخابات لانها تعلم مسبقاً ان التغيير آتٍ لا محالة. هي ترفض اي محاسبة او خطوة تهدد مراكزها ومواقعها، ولهذا السبب كانت الحرب الضروس على المحقق العدلي الذي اقترب من المس بها. فبعد ذلك من هي الجهة القادرة على محاربة الفساد وكشف الفاسدين؟ لن نتأمل باي اصلاح في ظل هذه المنظومة التي دمرت البلد ولا تزال مسترسلة في غيها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق