دولياترئيسي

اسقاط المسيّرة الاميركية يصعد المواجهة بين واشنطن وموسكو والدبلوماسية تتدخل

أكدت موسكو الأربعاء أنها ستحاول العثور على حطام المسيّرة العسكرية الأميركية التي تحطّمت فوق البحر الأسود في إطار مواجهة حمّلت واشنطن مقاتلتين روسيتين مسؤوليتها.
وحذّرت روسيا من أنها سترد «بشكل متناسب» على أي «استفزاز» أميركي في المستقبل، سط ارتفاع منسوب التوتر فيما نفت روسيا بأن تكون مقاتلتها من طراز «سو-27» تسببت بقطع مروحة المسيّرة من طراز «ريبر».
لكن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أعلن أنه أبلغ نظيره الروسي سيرغي شويغو بأن الولايات المتحدة ستواصل تحليق طائراتها في المجال الجوي الدولي.
وأكدت موسكو الاتصال وقالت إنه جاء بمبادرة من واشنطن.
من جهتها اعتبرت وزارة الدفاع الروسية أن «تحليق طائرات استراتيجية أميركية غير مأهولة قبالة سواحل القرم هو ذو طبيعة استفزازية، ما يهيّئ الأجواء لتصعيد الأوضاع في منطقة البحر الأسود»، في حين اعتبرت كييف أن الواقعة تعد محاولة من الكرملين لجر الولايات المتحدة إلى النزاع في أوكرانيا.
وأفاد الأمين العام لمجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف في تصريحات متلفزة «لا أعلم ما إذا كنا سنستطيع استعادتها، لكن يجب القيام بذلك. وسنعمل في هذا الاتجاه بالتأكيد».
لكن رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة مارك ميلي قال في تصريح للصحافيين إن انتشال حطام المسيّرة سيكون صعباً، مرجّحاً أن تكون تفتت وغرقت في مساحة مائية بعمق ما بين 1200 و1500 متر.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة اتّخذت تدابير احترازية لحماية المعلومات الحساسة في حال تمكّنت روسيا من انتشال الحطام.
وقال ميلي «نحن واثقون من أن ما كان قيماً لم يعد كذلك».
والأربعاء أشار الجيش الروسي إلى اتصال بين رئيس هيئة الأركان العامة الروسية الجنرال فاليري غيراسيموف ورئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، من دون إعطاء أي تفاصيل حول فحوى الاتصال.
وفاقمت حادثة الثلاثاء التي اعتبرت واشنطن أنها نتيجة سلوك متهوّر ويفتقر إلى المهنية، التوتر بين موسكو والقوى الغربية.
واعتبر باتروشيف أن الحادثة تعد دليلاً آخر على أن الولايات المتحدة طرف مباشر في المعركة بين موسكو وكييف، مشيراً إلى أن روسيا تتحمّل مسؤولية «الدفاع عن استقلالنا وسيادتنا».
وذكرت وزارة الدفاع الروسية الثلاثاء بأنها سارعت لنشر مقاتلاتها بعد رصد مسيّرة أميركية فوق البحر الأسود ونفت بأن تكون تسببت بإسقاطها، واشارت إلى فقدان السيطرة على الطائرة.
أشار البنتاغون إلى أن مسيّرته كانت تقوم بمهمة روتينية عندما تم اعتراضها «بأسلوب متهوّر وغير سليم بيئياً وغير مهني»، فيما شددت روسيا على أن المسيّرة كانت خارج السيطرة مؤكدة بأن طائراتها لم تحتك بها بأي شكل من الأشكال.
وأكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي لاحقاً «ندحض بالطبع النفي الروسي».

عمليات اعتراض

أقر كيربي بأن روسيا تنفّذ عادة عمليات اعتراض فوق البحر الأسود، لكن العملية هذه المرة «كانت لافتة بسبب درجة عدم سلامتها وعدم مهنيتها، وإلى أي حد كانت متهورة».
ورأت أوكرانيا من جهتها أن الحادثة ليست إلا دليلاً على أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يسعى لتوسيع نطاق النزاع الذي تشهده أراضيها.
وكتب رئيس مجلس الأمن الأوكراني أوليكسي دانيلوف على وسائل التواصل الاجتماعي «هدف هذه الاستراتيجية القائمة على المجازفة لتحقيق الأهداف هو زيادة المخاطر على الدوام».
وقال دبلوماسيون من حلف شمال الأطلسي في بروكسل إنهم لا يتوقعون تصعيداً فورياً. وأفاد مصدر عسكري غربي طلب عدم الكشف عن هويته فرانس برس أن القنوات الدبلوماسية بين روسيا والولايات المتحدة قد تساهم في الحد من أي تداعيات واسعة.
فاقمت الحملة العسكرية الروسية على أوكرانيا المخاوف من مواجهة مباشرة بين موسكو وحلف شمال الأطلسي الذي يقدّم الأسلحة لأوكرانيا لمساعدتها في الدفاع عن نفسها.
وأثارت تقارير عن ضربة صاروخية في شرق بولندا في تشرين الثاني (نوفمبر) حالة قلق قبل أن تخلص مصادر عسكرية غربية إلى أنها كانت نتيجة صاروخ أطلقته الدفاعات الجوية الأوكرانية، لا روسيا.

«خارج السيطرة»

تستخدم الولايات المتحدة مسيّرات «إم كيو-9 ريبر» لأغراض الاستطلاع كما لشن ضربات. وتسيّرها منذ مدة طويلة فوق البحر الأسود لمراقبة القوات البحرية الروسية.
وقال قائد القوات الجوية الأميركية في أوروبا وإفريقيا الجنرال جيمس هيكر «كانت طائرتنا من طراز إم كيو-9 تجري عمليات روتينية في المجال الجوي الدولي عندما تم اعتراضها وصدمها من قبل طائرة روسية، ما أدى إلى تحطّم الطائرة إم كيو-9 وخسارتها بالكامل».
وتابع «في الحقيقة، كاد هذا التحرّك غير الآمن وغير المهني من قبل الروس أن يؤدي إلى تحطّم الطائرتين. ستواصل الطائرات التابعة للولايات المتحدة ولحلفائها بالعمل في المجال الجوي الدولي وندعو الروس للتصرف بشكل مهني وآمن».
بدوره، أشار الناطق باسم البنتاغون الجنرال بات رايدر إلى أن المسيّرة كانت «غير قادرة على التحليق وخارج السيطرة لذا أنزلناها»، مضيفاً أن حادث الاصطدام ألحق على الأرجح أضراراً بالطائرة الروسية التي قال إنها تمكّنت من الهبوط بعد الحادثة.
خسرت الولايات المتحدة مسيّرات عدة من طراز «ريبر» في السنوات الأخيرة، بعضها بنيران معادية.
أُسقطت واحدة فوق اليمن عام 2019 بوساطة صاروخ أرض-جو أطلقه المتمرّدون الحوثيون، وفق ما أعلنت القيادة المركزية الأميركية حينذاك.
وبحسب سلاح الجو الأميركي، يمكن لمسيرات «ريبر» أن تزوّد بصواريخ من طراز «هيلفاير» وقنابل موجّهة بالليزر وأن تحلّق لأكثر من 1770 كلم وعلى ارتفاع يصل إلى 15 ألف متر.

ا ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق