سياسة لبنانية

«التصعيد العوني» تلجمه نصائح ومحاذير وظروف

تؤكد أوساط في التيار الوطني الحر المضي في تصعيد متدحرج حتى منتصف تشرين الأول (اكتوبر) المقبل، وتحديداً في 13 منه، مع ما تحمل تلك الذكرى في الوجدان المسيحي والعوني، ولعلّها تعكس، وإن بأشكال مختلفة، الاستمرار في السياسية الكيدية ضد الرابية. وتكشف هذه الأوساط عن قرار اتخذ بالتصعيد، وبأن دراسة متأنية تجريها بعد تجاوز الميثاقية حول الجدوى من الاستمرار في الحوار الوطني.
وحول «التصعيد العوني» تسود وجهتا نظر:
– الأولى تقرأ في التحرك الذي يقوم به عون وتياره اعتراضاً على التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي وبقية القيادات العسكرية محاولة لفرض انتخابه رئيساً للجمهورية حتى ولو اقتضى الأمر فرط عقد الحكومة، بغية قطع الطريق على التمديد للعماد جان قهوجي، وعلى لائحة المرشحين التوافقيين لرئاسة الجمهورية التي ستطرح بقوة بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية الأميركية في مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. ويتوقع أصحاب هذا الرأي أن يتعاظم التصعيد العوني ضد الحكومة في الأيام والأسابيع المقبلة الفاصلة عن موعد الاستحقاق الاميركي، لأن عون يدرك أنه إذا لم يتم انتخابه رئيساً للجمهورية قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية لن يكون ممكناً انتخابه بعدها نسبة الى الخيارات التي ستعتمدها واشنطن في ذلك الحين. وهي خيارات رشح بعضها خلال زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري الأخيرة لبيروت والذي كان عمل سفيراً لبلاده في الولايات المتحدة قبل توليه رئاسة الديبلوماسية المصرية.
– الثانية تستبعد الاستقالة من الحكومة وترى أنه لن يكون سهلاً على عون البقاء في الحكومة وتغطية قراراتها التي تتعارض مع خيارات الرابية لا سيما بالنسبة الى التمديد للقيادات العسكرية. وفي الوقت نفسه لن يكون سهلا عليه الاندفاع نحو الاستقالة من هذه الحكومة، خصوصاً أن مجلس الوزراء وجه في جلسته الأخيرة المنعقدة بغياب وزراء التيار والطاشناق رسالة الى الرابية مفادها أنه يمكن أن يستمر على قيد الحياة الدستورية والسياسية حتى لو انسحب وزراء التيار.
وهناك في أوساط مؤيدي عون من يعتقد أنه لن يقلب الطاولة كلياً ولن يذهب الى الخيارات القصوى في معرض مواجهته التمديد الحتمي لقائد الجيش العماد جان قهوجي، وإن يكن سيزيد جرعات الاحتجاج والاعتراض رداً على هذا التمديد… أصحاب هذا الاستنتاج يفترضون أن المعركة الكبرى لعون مؤجلة حتى يتأكد من أن فرصه الرئاسية كلها قد استُهلكت، وبالتالي فهو لن يحرق سفن العودة ويحطم قواعد الاشتباك الحالية ما دام لم يفقد الأمل بعد في إمكانية تحقيق توافق على انتخابه رئيساً للجمهورية، أما عندما يثبت له أن وصوله الى قصر بعبدا بات مستحيلاً وان انتظار سعد الحريري أصبح عبثياً، فإنه لن يتوقف آنذاك أمام خط أحمر أو أزرق.
وفي رأي أوساط سياسية عدة أن ثمة عقبات ومحاذير عدة حاليا أمام التصعيد العوني، وأنه لن يصل الى مبتغاه. وفي هذا الإطار، تتحدث معلومات عن أن عون تلقى نصائح عدة، وخصوصاً من حليفه سمير جعجع، بعدم فتح معركة تغيير قهوجي لأن كل الأفرقاء السياسيين يؤيدون التمديد له، وأن هذه المعركة ستكون خاسرة، ولا سيما أن الخيارات ليست مفتوحة أمام التيار، فالنزول الى الشارع وحيداً من دون القوى المسيحية، هذا إذا تمكن من التعبئة وسط الخلافات داخل التيار، ليس أمراً سهلاً بالمعنى السياسي لأنه لا يمكن الخروج من الشارع إلا بتحقيق كل المطالب.
ويبقى المحظور الأهم، أنه إذا ذهب التكتل الى تصعيد الوضع وتوتيره في الشارع أو عبر خلق أزمة سياسية، فإن هذه الخطوات قد تؤدي إما الى إنفجار الوضع وهذا أمر ممنوع دولياً وإقليمياً، وإما الى تسوية سياسية قد تكون سريعة وخاطفة ولا تؤمن وصول العماد عون الى الرئاسة، بينما استمرار الستاتيكو الحالي يُبقي حظوظ عون كما هي. وبما أن عون يريد كسب ود الجميع، فإن أي مواجهة حالية مع المكوّن السنّي وبعض الشيعة قد تسبب له تراجعاً في حظوظه، مهما كانت المطالب التي يرفعها محقة وتمثل معظم المسيحيين. إضافة الى أن ذهاب عون بعيداً في مواجهة قيادة الجيش سيؤثر سلباً عليه، لأن قرار عدم السماح بالفراغ في القيادة هو قرار دولي قبل أن يكون محلياً، وأي عرقلة على هذا الصعيد ستغضب الناخب الدولي الأول في الرئاسة، علماً أن العُرف يقضي بأن يعيّن قائد الجيش الماروني عند بداية كل عهد رئاسي، وأي خطوة من هذا القبيل في غياب الرئيس، تُعتبر انتقاصاً من دوره.
كل المؤشرات تدل على أن الأوضاع لن تنفجر في لبنان، على رغم أن الأزمة السياسية مستمرة، وكل ما يحصل هو «لعب داخلي» وتقطيع للوقت الضائع الى حين نضوج التسوية الإقليمية والدولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق