أبرز الأخبارلبنان

«اسبوع لبنان» في نيويورك «تدويل» لـ «اعلان بعبدا»

جدد المؤتمر الدولي لدعم لبنان، الذي انعقد في نيويورك خلال الجمعية العمومية للأمم المتحدة «بوليصة التأمين» الدولية – الاقليمية لاستقرار الوطن الذي يقاوم بـ «عرائه» العواصف من حوله، وأفضى الى «تدويل» حياد بلاد الارز التي يشتد الصراع فيها وعليها، وشكل «قطرة ضوء» في النفق الذي يكاد ان يبتلع لبنان، الدولة والمؤسسات والاقتصاد و… المستقبل.

لم يكن لبنان في نيويورك على طاولة المساومات في إجماع دولي نادر على حماية إستقراره السياسي والأمني والاجتماعي، كان على رأس الطاولة ومن حوله تحلقت الدول الخمس الكبرى وجامعة الدول العربية والمنظمات الدولية في «جرعة دعم» قوية لم تأخذ شكل قرارات لكنها بإعلان نيات يحتاجه لبنان في هذا الزمن الصعب وربما البائس.
وبقدر ما كانت تظاهرة نيويورك الدولية انتصاراً للبنان، كانت انتصاراً لرئيس الجمهورية ميشال سليمان وخياراته كـ «آخر عنقود» في الدولة المشلولة المؤسسات بعدما مضى على الموت السياسي للحكومة نحو ستة اشهر ولم تنجح محاولات عقد جلسة تشريعية للبرلمان لاربع مرات متتالية نتيجة الصدام الدستوري السياسي بين طرفي الصراع ( 8 و14 اذار).
ومن الواضح ان لبنان، الذي اعتلى المنبر الدولي، افاد من اطفاء المحركات بين اللاعبين الكبار رغم استمرار اشتعال النار في الجسد السوري المترنح بين الحريق الكبير والحل الصعب على الطريق الى جنيف… فالتفاهم الاميركي – الروسي حول السلاح الكيميائي السوري نزع فتائل الانفجار العسكري، ورسائل «حسن النية» للرئيس الايراني حسن روحاني ساهمت في توفير مناخ هادىء يتجه الى اختبارات قاسية في اكثر من ملف وفي غير ساحة.

«تشاؤل» دولي – اقليمي
إنها لحظة «التشاؤل» الدولي – الاقليمي التي ترخي بظلال من «اللا حرب واللا سلم»، وعلى قارعة هذا «الانفصام» المجهول النهايات يقف لبنان على عتبة إستحقاقات لم يعد في الامكان تفاديها مع بدء العد التنازلي للانتخابات الرئاسية بعد نحو ستة اشهر، الامر الذي يملي تحقيق حد ادنى من التفاهم الوطني عبر تشكيل حكومة جديدة عاملة لتفادي اي فراغ قد ينجم عن تعطيل عملية انتخاب رئيس جديد للبلاد.
ورغم الانطباعات السلبية التي توحي بأن الفيتوات المتبادلة بين اطراف الصراع لن تسمح بإحداث إختراق في جدار المأزق الحكومي، فإن الدوائر المراقبة نظرت بارتياح الى استعادة الاستقرار الامني انفاسه بعد التفجيرات المروعة في الضاحية الجنوبية وطرابلس، والى تراجع «حزب الله» عن اجراءات «الامن الذاتي» التي كان إتخذها في معقله في ضاحية بيروت الجنوبية، وإفساحه المجال امام قوى الشرعية لاستلام الامن على ضفاف هذه المنطقة ومداخلها وبعض شوارعها، في تطور إنعكس إرتياحاً سياسياً – شعبياً.
غير ان الاختبار الاشد صعوبة الذي يواجهه لبنان وفرض نفسه على لقاءات الوفد اللبناني في نيويورك تمثل في «برميل البارود» الامني – الاجتماعي – الاقتصادي الذي بلغه ملف النازحين من سوريا، وسط ارقام مخيفة وتوقعات مذهلة عن حجم الكارثة التي تنتظر لبنان في حال ترك وحيداً في مواجهة اعباء هذا الملف المفتوح على المزيد من التضخم والتأزم في ظل استمرار الحرب السورية ونزفها البشري في اتجاه لبنان.

لبنان في نيويورك
خطف «اسبوع لبنان» في نيويورك الأضواء من كل الملفات الداخلية التي بدا مسارها معلقاً على ترجمات «المظلة الدولية الواقية» المستعادة للواقع اللبناني وآفاق التفاهم الروسي – الاميركي حول الملف السوري والليونة الايرانية تجاه الولايات المتحدة في الملف النووي وامكانات التقارب الايراني – السعودي في ضوء الزيارة المنتظرة لروحاني الى المملكة العربية السعودية وإن من بوابة أداء فريضة الحج.
ففي نيويورك حدّد الرئيس اللبناني امام الجمعية العامة للامم المتحدة ثوابت الموقف الرسمي الذي يستند الى «إعلان بعبدا» وتحييد لبنان عن الازمة السورية، وهي العناوين التي شكّلت الاطار العام لمداولات اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان، الذي انعقد برئاسة الامين العام للامم المتحدة بان كي مون وحضور الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن، والاتحاد الاوروبي وجامعة الدول العربية والبنك الدولي ومجموعة الامم المتحدة الانمائية والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين لدى الامم المتحدة.
والواقع ان استقرار لبنان وتحييده عن الازمة السورية وتداعياتها واحتواء «قنبلة» النازحين اليه الذين تجاوز عددهم حتى اليوم 1،3 مليون نازح ودعم الجيش اللبناني، هي النقاط الرئيسية التي تمحورت حولها المناقشات في الاجتماع الاممي حول لبنان، وسط توافق الدول الكبرى على تجاوز تبايناتها حيال الازمة السورية وآفاق حلها لمصلحة الإجماع على اهمية عزل الواقع اللبناني عن «العاصفة» السورية، والمساعدة على «تصفيحه» إزاءها.
 


اعلان بعبدا
وحمل الرئيس اللبناني، الى الجمعية العامة للأمم المتحدة واجتماع مجموعة دعم لبنان، اضافة الى لقاءاته مع الرئيس الاميركي بارك اوباما كما الرئيس الايراني حسن روحاني وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وغيرهم من رؤساء الدول، «اعلان بعبدا» كإطار عام تم التوافق عليه محلياً لإبقاء لبنان بمنأى عن الأزمة السورية والصراعات الاقليمية، فان ما خلص اليه اجتماع مجموعة دعم لبنان بدا بمثابة «ملحق دولي» له على شاكلة «إعلان نيويورك» بما منح إعلان بعبدا (الذي سبق ان اصبح وثيقة من وثائق الامم المتحدة) غطاء دولياً عكس على الأقلّ استعادة «بلاد الأرز» المظلّة التي اوحت تطورات العامين الاخيرين ونيف انه خسرها، ما جعله «فاقد التوازن» الداخلي ويتخبّط في أزمات لا تنفكّ تتوالد.
فالمؤتمر ركز على أربعة محاور رئيسية هي: دعم استقرار لبنان وترسيخه انطلاقاً من التزام إعلان بعبدا، دعم المؤسسات العسكرية ولا سيما الجيش، دعم الاقتصاد لمواجهة الاستحقاقات الداهمة، وتقديم ما يلزم من مساعدات لمواجهة أعباء اللاجئين السوريين الى لبنان.
ورمى الى تحقيق غاية لها وجهان: توفير منصة دعم يؤشر لالتزام المجتمع الدولي الموحد والمتواصل باستقرار لبنان وسياسة النأي بالنفس ومؤسسات الدولة. وتسليط الضوء بالتحديد وتشجيع الجهود الآيلة الى دعم لبنان في ثلاثة مجالات أولويات: الدعم الفوري للاجئين والمجموعات الإجتماعية المضيفة لهم في لبنان، بما في ذلك عبر خطة استجابة اقليمية، والدعم المالي والخاص بالموازنة والبنيوي للحكومة اللبنانية وفقاً للمطلوب كنتيجة لهذه الأزمة، وتعزيز قدرة القوات المسلحة اللبنانية تجاوباً مع خطتها لتطوير قدراتها، بالإضافة الى المطلوب في سياق الحوار الإستراتيجي مع قوة «اليونيفيل».
وشكّل مضمون الكلام الذي أدلى به اوباما خلال لقائه سليمان مؤشراً بارزاً الى المزاج الدولي الداعم لرئيس الجمهورية والمعترض على سلوك «حزب الله» حيال الازمة السورية، وهو ما عبّر عنه الرئيس الاميركي باعلانه انه  يثني على مواقف سليمان «الممتازة ليس فقط للبنان بل لكل المجتمع الدولي»، مجدداً رفضه تدخل حزب الله في الحرب السورية ومؤكداً دعمه للمسيحيين في لبنان  «باعتبار ان التطورات في المنطقة تؤثر على وجودهم» كما شدد على دعم الجيش اللبناني.

 الحفاظ على استقرار لبنان
كما كان معبراً اعلان بان كي – مون «ان لبنان أظهر صموداً رائعاً في مواجهة ضغوط لا سابق لها بسبب الحرب في سوريا»، لافتاً الى «أن المجتمع الدولي أظهر اتحاداً في الحفاظ على استقرار لبنان»، وموضحاً انه «من خلال انشاء مجموعة الدعم الدولية للبنان، ستعمل الأمم المتحدة مع شركاء رئيسيين على تحريك الدعم السياسي والمساعدة في مجالات رئيسية – اللاجئين، قدرة الحكومة، والمساعدة للقوات المسلحة اللبنانية – مخصصة لإعانة لبنان في جهوده للبقاء قوياً وللبقاء آمناً».
ولم يقلّ اهمية كلام المبعوث الدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي الذي اكد بعد لقاء الرئيس سليمان في نيويورك «أن هناك حرصاً دولياً على تجنيب لبنان تداعيات الأزمة السورية»، لافتاً إلى ان «الاجتماع الخاص بلبنان في مجلس الأمن يعكس الاهتمام والتوافق الدوليين حول تجنيبه عواقب ما يجري في سوريا، نافياً أن الحل السياسي الذي يعمل عليه في سوريا سيكون على حساب لبنان»، قائلاً: «الجواب على هذا الأمر بالتأكيد لا».
واذا كانت سوريا الملف الاول في مداولات الجمعية العامة للامم المتحدة والرئيس الايراني الضيف الاكثر حضوراً، فان ملف النازحين كانت له «حصة الأسد» لما يشكّله من «قنبلة موقوتة» سب
ق للبنان ان قرع حيالها «ناقوس الخطر» مراراً ولا سيما بعد الارقام المخيفة التي أوردها التقرير الذي أعدّه البنك الدولي والذي أحدث صدمة نظراً الى تجاوُز الارقام الواردة فيه عن خسائر لبنان كل ما تَصوّره الخبراء قبل صدور هذا التقرير  الذي حضر مضمونه على جدول اعمال مجموعة الدعم الدولية للبنان.
فبحسب هذا التقرير فان المصاريف المباشرة للخزينة اللبنانية لتأمين الخدمات الاضافية للنازحين عن سنتي 2012 – 2013 (التعليم والصحة ودعم المحروقات والكهرباء والخبز وقضايا شبيهة) بلغت 1،1 مليار دولار، في حين تُقدّر التكاليف المتوقعة للمحافظة على مستوى الخدمات عينها المعطاة منذ العام 2011 بـ 2،1 مليار دولار، علماً بأن هناك تقلصاً في إيرادات الخزينة اللبنانية بمبلغ 1،5 مليار دولار.
ولفت التقرير نفسه إلى أن خسائر الاقتصاد اللبناني نتيجة الحرب في سورية تبلغ 7،5 مليار دولار، وهذا يعني تقلصاً في حجم الاقتصاد، ونقصاً في الناتج المحلي والاستثمارات وتراجعاً في ال
سياحة والاستهلاك وقطع الطرقات البرية أمام التصدير وما إلى هنالك من مشاكل كبيرة.
وبحسب توقعات البنك الدولي، هناك 170 ألف لبناني سينحدرون تحت خط الفقر، بينما هناك مليون لبناني تحت خط الفقر، وأن الناتج المحلي تقلص بنسبة 2،9 في المائة على مدى السنوات الثلاث الماضية.
واذ رجح
التقرير «ارتفاع عدد اللاجئين في نهاية السنة الجارية الى 1،3 مليون لاجىء، مشيراً الى «سيناريو تكهني» ببلوغ عددهم 1،6 مليون لاجىء حتى نهاية 2014 اي ما نسبته 37 في المئة من عدد السكان في لبنان، أورد «ارقاماً وتقديرات تفصيلية في باقي القطاعات اللبنانية من المالية العامة الى التجارة والسياحة والصحة والتعليم وشبكات الامان الاجتماعي والخدمات ويشير الى توقع التحاق 90 الف لاجىء بالمدارس هذه السنة وما بين 140 الفاً و170 ألفاً سنة 2014».

 العين الدولية
واذ كانت عودة «العين الدولية» على لبنان هي من أبرز إنجازات اجتماع مجموعة دعمه في نيويورك، فان الأوساط المراقبة رأت ان مثل هذا الامر لن يكون كافياً، على أهميته، في تأمين «التوازن» المطلوب لكسر الأزمة السياسية التي يعيشها لبنان والتي تدور منذ فترة طويلة في حلقة مفرغة ولّدت فراغاً سياسياً خطيراً ملأته في محطات عدة تفجيرات في الضاحية وطرابلس بدت من «تشظيات» الحرب السورية وايضاً من ارتدادات «فقدان الجاذبية» الكامل للوضع اللبناني وتحديداً منذ الافتراق الكلي بين ايران والسعودية حول لبنان والذي عبّر عنه فشل ما عُرف بمبادرة «السين – سين» (سورية – السعودية) اواخر 2010 والذي ترجمته اطاحة الرئيس سعد الحريري من رئاسة الحكومة في كانون الثاني (يناير) 2011.
وتبعاً لذلك، لم يسُد الطبقة السياسية في لبنان وهم بان اي ترتيب للوضع اللبناني قابِل لان يحصل بمعزل عن اكتمال معالم «البازل» الاقليمي الجديد. وريثما تتبلور خطوط العلاقات الجديدة اقليمياً والتي يمكن ان تُنسج من خيوط الأزمة السورية وامكانات حلّها، والتي من شأنها تحديد مسار أزمة تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان باعتبارها انعكاساً للمشهد في محيطه «المتحوّل»، كان الترقب سيد الموقف حيال المناخ الذي اوحى بامكان تشكيل حكومة قبل اوائل تشرين الاول (اكتوبر) على قاعدة صيغة «الثلاث ثمانيات» وهو ما كان ساد بيروت قبل انتقال رئيس الجمهورية الى نيويورك وعاد الى الاضواء مع إعراب سليمان من ضاحية مانهاتن عن اعتقاده بأن «الحكومة الجديدة قد تشكل بجهود مشتركة بيني وبين الرئيس سلا
م قبل أوائل تشرين الاول (اكتوبر) المقبل»، مؤكداً «وجوب أن «يكون هناك سلطة تنفيذية شرعية في مكان ما تحسباً للانتخابات الرئاسية بين شهري اذار وايار (مارس ومايو)».
الا ان كلام سليمان
تَرافق مع موقف «نصف ايجابي ونصف سلبي» من ملف الحكومة للامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله اعلن ما يشبه التساهل في مناقشة معادلة «الجيش والشعب والمقاومة» من خلال تأخير البحث فيها إلى ما بعد تشكيل الحكومة التي ستتولى مناقشة البيان الوزاري، ومعها «اعلان بعبدا» في حين بقي متمسكاً بمطلب الثلث المعطل من خلال استمرار تمسكه بشرط تمثيل الكتل بحسب احجامها النيابية، رافضاً اعتبار الرئيس سلام من ضمن الكتلة الوسطية، ومبدياً استعداده للمشاركة في اي جلسة للحوار يدعو اليها الرئيس سليمان، لبحث اي موضوع بما في ذلك «التدخل والتداخل في سوريا».

مراوحة سياسية
وما عزّز الانطباع بان المراوحة لا تزال تحكم الواقع اللبناني، استعادة معادلة «لا حكومة جديدة = لا برلمان”» والتي تكرّست مجدداً من خلف خطوط الاشتباك السياسي الذي «تفجّر» في مقر مجلس النواب على تخوم تطيير الجلسة العامة في 23 ايلول (سبتمبر) والذي يختزل مجمل مكوّنات الصراع الذي تشهده «بلاد الأرز» بين فريقي 8 و14 آذار بجذوره الداخلية وامتدادته الاقليمية.
فللمرة الرابعة أفضي عدم تأمين النصاب لالتئام الهيئة العامة للبرلمان الى نسف الجلسة التي كانت مقررة بدعوة من الرئيس نبيه بري والى تكريس التلازم بين الإفراج عن عمل مجلس النواب ومأزق تشكيل الحكومة الذي بات الوجه الملاصق لأزمة تعطيل العمل التشريعي.
وشكّل سجال «الصوت العالي» الذي اندلع بين فريق بري و«تيار المستقبل» على خلفية الجلسة العامة (أرجئت الى 23 تشرين الاول – اكتوبر) وجدول اعمالها «الفضفاض» في ظل حكومة تصريف أعمال، مؤشراً الى الأفق المسدود في عملية تأليف الحكومة الجديدة. وقد بدا واضحاً ان فريق 14 آذار وتحديداً تيار «المستقبل» الذي تعاطى بايجابية مع مبادرة الرئيس بري الحوارية فرحّب بغالبية بنودها باستثناء مناقشة شكل الحكومة وبيانها الوزاري باعتبار ان هذا من صلاحيات رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف، أراد منع فريق 8 آ
ذار من الحصول على مكسب «معاودة عجلة» العمل التشريعي وتالياً جعل الرئاسة الثانية «عاملة» بمعزل عن تحقيق انفراج في الملف الحكومي، فعاود إحداث «ربط نزاع» بين الملفين.
فبعدما كان فريق 8 آذار يفترض ان حلول الدورة العادية للبرلمان منتصف تشرين الاول (اكتوبر) المقبل سيحرّر رئيس البرلمان من تداعيات «ازمة الصلاحيات» التي نشأت بينه وبين رئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي على خلفية فتح الدورة الاستثنائية للبرلمان من دون توقيع رئيسي الجمهورية والحكومة وبجدول أعمال فضفاض، اعتبره ميقاتي و14 آذار لا ينسجم مع مقتضيات عمل حكومة تصريف الاعمال، عاودت قوى الرابع عشر من آذار حشر رئيس مجلس النواب بمطلب ان الدورة العادية لن تعفي من معاودة إقرار جدول اعمال الجلسة العامة ضمن هيئة مكتب المجلس الجديدة (بعد انتخابها في 22 تشرين الاول – اكتوبر) وفق معيار «التشريع الاستثنائي والملحّ في ظل حكومة مستقيلة»، معتبرة ان  جدول الاعمال الفضفاض الذي دعا على اساسه بري الى الجلسة العامة بدءاً من تموز (يوليو) الماضي أُقرّ على قاعدة ان رئيس البرلمان قال في حينه إن رئيس حكومة تصريف الاعمال مستع
د لحضور جلسة نيابية وفق هذا الجدول، ثم تبيّن ان ميقاتي غير موافق ما يعني «ان ما بني على باطل هو باطل».
وتبعاً لذلك، تبلور مشهد معقّد حول الجلسة العامة مرشح للتفاعل في الايام المقبلة وقاعدته: بري لا يريد التراجع عن جدول أعماله، و14 آذار تعتبر انه من دون رئيس حكومة فعلي لا تشريع فضفاضاً، ورئيس حكومة تصريف الاعمال لن يحضر الجلسات حفاظاً على موقع رئاسة الحكومة. اما موقف تيار العماد ميشال عون الذي يساهم في تأمين نصاب تطيير الجلسة العامة فبدا اقرب الى 14 آذار لجهة تأييد مبدأ ان جدول أعمال جلسات مجلس النواب يجب ان يكون استثنائياً وإن كان جوهر سلوكه يتصل بـ «ردّ الصاع» لرئيس البرلمان على خلفية
أدائه خلال مرحلة إقرار قانون الانتخاب.

 الخطة الامنية
وفي موازاة ذلك انهمكت بيروت بحدَث انتشار الأجهزة الامنية اللبنانية من جيش وقوى امن داخلي وامن عام في الضاحية الجنوبية من ضمن خطة أمنية لإنهاء ظاهرة «الأمن الذاتي» التي انفلشت في معقل «حزب الله» وعلى مداخله بعد تفجيري بئر العبد (9 تموز – يوليو) ثم الرويس (15 آب – اغسطس) وتحوّلت «سلاحاً» بيد خصوم الحزب في فريق 14 آذار الذي حمَل على منطق «الدولة ضمن الدولة»، من دون إغفال ما أثارته إجراءات الحزب المشددة من امتعاض داخل بيئته الحاضنة نتيجة اشكالات حصلت على الحواجز بين مواطنين وعناصر حزبية والتداعيات الاقتصادية الهائلة على المنطقة.
وعلى وقع موقف لقوى 14 آذار راوح بين الترحيب بـ «انتصار منطق الدولة الذي أثبت ان لا بديل عنه» والتشكيك في أهداف الخطة وفي «ولاء» القوة المولجة بتنفيذها، انتشرت القوة الامنية المؤلفة من نحو 420 عنصراً من قوى الامن الداخلي اقامت حواجز عند 44 مدخلاً وطريقاً في الضاحية، فيما تولى الجيش (قرابة 300 عنصر) المداخل الاخرى، علماً بأن عدد مداخل الضاحية الاساسية والفرعية بعد الاجراءات الاخيرة لـ «حزب الله» يناهز 60.
وقد واكب السيد حسن نصرالله استلام «الدولة» الامن عن الحزب بإطلالة تلفزيونية وفّرت الغطاء لـ «الوجه الجديد» للضاحية متطرقاً الى هذه المنطقة التي كانت دائماً «بيئة حاضنة للدولة» عندما تنوجد هذه الدولة، كما تناول عناوين الساعة السياسية.

فؤاد اليوسف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق