سياسة لبنانيةلبنانيات

عجز سياسي داخلي وابتعاد خارجي… والمواطن وحده يدفع الثمن الباهظ

اسبوع جديد يطل والشغور الرئاسي يتمدد، دون ان يلوح في الافق ما يوحي بامكان التوصل الى حل. فالمواقف على حالها، وفريق الممانعة متمسك بترشيح سليمان فرنجية، «اما هو واما الفراغ» ويرفض الاعتراف بترشيح النائب ميشال معوض. وشهد الوسط السياسي قبل ايام تحركان داخليان الاول يقوم به نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب الذي بدأ يجول على القيادات السياسية يقول انه يحاول التقريب بوجهات النظر بين الاطراف، بتأييد من الرئيس بري، والثاني يقوم به النائب غسان سكاف الذي اعلن بعد لقائه البطريرك الراعي ان هناك بصيص نور حول امكانية الوصول الى تحقيق الاستحقاق، وان اللائحة اقتصرت على ثلاثة اسماء يجب اختيار واحد منها.
يقابل هذه الحركة الداخلية، تحرك دبلوماسي لافت يقوم به السفير السعودي وليد بخاري، بعد عوته من المملكة. فهو يجول على القيادات السياسية كلها، داعياً المسؤولين اللبنانيين الى القيام بواجباتهم، لان الاستحقاق لبناني، وهو شأنهم وحدهم، مؤكداً ان المملكة لا تدعم مرشحاً ولا تضع فيتو على اي مرشح وانها تؤيد ما يتفق عليه اللبنانيون. وتردد ان السفير بخاري سيزور رئيس تيار المردة في ينشعي اكمالاً لجولته.
من المعروف ان المملكة وضعت مواصفات الرئيس الذي يمكنها التعامل معه في حال وصوله الي قصر بعبدا ودعم لبنان، فان جاء الاختيار ملبياً هذه الحاجات فانها مستعدة لمد اليد له ومساعدته على النهوض من الازمات القاتلة التي يختبط بها. وفي حال العكس يكون اللبنانيون قد اختاروا بانفسهم، وليتحملوا نتيجة خيارهم. فالمملكة لن تؤيد عهداً يكون امتداداً للعهد السابق وهذا اصبح واضحاً، لانه ابتعد بلبنان كثيراً عن الخط العربي.
والحركة الدبلوماسية ليست مقتصرة على السفير بخاري، بل ان سفيرة الولايات المتحدة دوروثي شيا تقوم بزيارات واتصالات بعيدة عن الاضواء وعن الاعلام، وكلها تصب في حمل اللبنانيين على انجاز الاستحقاق الرئاسي، والولايات المتحدة ايضاً ليس لديها مرشح، ولا تدعم احداً، باعتبار ان الموضوع هو من اختصاص الداخل وحده. ومعلوم ان الولايات المتحدة يهمها مركز حاكم مصرف لبنان اكثر من الرئاسة وهي تنظر باهتمام شديد الى من سيخلف رياض سلامة الذي تنتهي ولايته في تموز المقبل. كذلك تردد ان هناك مسؤولاً امنياً قطرياً وصل الى لبنان وهدفه استجماع المواقف، بعدما ارجأ الوزير محمد عبد العزيز خليفي زيارة كان متوقعاً ان يقوم بها الى لبنان واللافت ايضاً ان الاجتماع الخماسي (الولايات المتحدة، فرنسا، المملكة العربية السعودية، مصر وقطر) الذي كان متوقعاً عقده في المملكة العربية السعودية ارجىء هو الاخر وربما الغي دون معرفة الاسباب. فهل ان الاطراف الخارجية المهتمة بالوضع اللبناني بدأت تمل من مماحكات الداخل ومشاحناته، وبدأت تتحول عنه، تاركة السياسيين اللبنانيين الذين لا يعملون لمصلحة بلدهم، يتخبطون في ازماتهم وعليهم ايجاد الحلول لها؟
هذه هي صورة الوضع السياسي الداخلي المأزوم. مسؤولون ليسوا على قدر المسؤولية، وقاصرون عن القيام بواجباتهم، ورغم ذلك هم متمسكون بمواقفهم وهذا ما يزيد من آلام اللبنانيين واوجاعهم، ولا امل بالخلاص الا بيد خارجية نظيفة، لا مصالح ولا مطامع لها في لبنان، تمتد لتنتشله من هذا الجحيم القاتل. وبانتظار ذلك يستمر الوضع الاقتصادي والمالي في التدهور نتيجة مافيات فرضت سيطرتها على الاسواق وتحكمت بسعر صرف الدولار وقضت على القدرة الشرائية للمواطنين، امام اعين الحكومة التي وقفت عاجزة عن لجم هذا الانهيار. لقد اثبتت المافيات المشار اليها انها اقوى من اي سلطة، لا بل ان بعضها قد يكون محمياً من هذه السلطة. فماذا بقي للمواطن؟ عندما كان الدولار يحلق كانت اسعار المواد الغذائية والمعيشية تسبقه في التحليق، وعندما بدأ بالتراجع تجمدت في ارتفاعها ولم تنخفض ليرة واحدة. فاين وزارة الاقتصاد واين الرقابة التي يفترض فيها ان تنشط لمواجهة هذه الموجة المستفحلة من الطمع والجشع لدى المافيات؟ هل اصبح المواطن متروكاً بلا حماية من دولته الغائبة تماماً عن المسؤولية؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق