اين الوعود بحكومة عيدية؟
اطل العام الجديد ولبنان لا يزال ينتظر حكومة تنتشله مما يتخبط فيهه. فهو على وشك الانهيار اقتصادياً ومالياً ومعيشياً، والسياسيون غائبون وكأن الامر لا يعنيهم. الداخل والخارج يرفعان الصوت محذرين من الكارثة. ورجال السياسة يتلهون بجنس الملائكة، فما هو المصير؟
تتعدد الروايات وتتناقض بين متفائلة من قبل السلطة، ومتشائمة من قبل المواطنين والدول الصديقة التي تهتم بلبنان اكثر مما يهتم به سياسيوه. فمنهم من يريد حكومة تكنوقراط ظاهرها مستقل وحقيقتها مرتبطة بالقوى السياسية التي تتحكم بالبلد منذ عشرات السنين وقد اوصلتنا الى هذه الحالة المزرية. والبعض الاخر يطالب بحكومة مستقلين حقاً لا ارتباطات سياسية لهم، تأخذ على عاتقها المهمات الانقاذية الصعبة، وتكون حكومة انتقالية لا تتعدى اقامتها الستة اشهر، فتعمل على اعادة وضع الامور على السكة، وتسلم البلد لمن هم اهل للسلطة. فهل نكون امام فرصة حقيقية وجدية للانقاذ، ام اننا امام مناورة سياسية يلعب اصحابها على الوقت الضائع؟ العقبات كثيرة وهي تسد طريق الاصلاح، ولعل ابرزها الخلافات السياسية. فالبعض يتصرف وكأن البلد بالف خير، يناور ويطالب ويتمسك بمكاسب حققها تخدم مصالحه، والبعض الاخر يريد حكومة سياسية جامعة وقد اثبت هذا النوع من الحكومات فشله على مر السنوات.
ويواجه الرئيس المكلف تشكيل الحكومة حسان دياب عقبات تؤخر اعلان التشكيلة الحكومية، وابرزها الخلاف على الاشخاص او على بعضهم، والتمسك بتوزير محاسيب يرفضهم الشعب. وهناك الخلاف على الحقائب، وخصوصاً السيادية منها، وهذه المطالب كان من الممكن ان تطرح لو كان البلد في وضع صحي سليم، اما والحال هكذا، فمن غير الجائز الاستمرار في هذا الترف السياسي غير المسؤول.
المجتمع الدولي متخوف جداً من حجم الازمة التي بلغت حداً ليس مقبولاً على الاطلاق، وهو يخشى على مستقبل لبنان ومصيره لانه يدرك ان كل فريق متمسك بوجهة نظره، غير عابىء بما يتعرض له البلد. وهذا ما يجعل الامور تتجه من سيء الى اسوأ. العالم مهتم ولكنه لا يمد اليد الينا لانه يعلم ان هذا الطقم السياسي غير جدير بالانقاذ وليس قادراً على منع الانهيار ولذلك فهو ينتظر ما ستؤول اليه الامور. فهل من يسمع؟
الناس تصرخ في الشارع منذ شهرين ونصف الشهر واكثر. والامور المعيشية تزداد تدهوراً بارتفاع جنوني للاسعار، تمشياً مع ارتفاع سعر صرف الدولار وانهيار سعر الليرة، رغم ان المسؤولين وعلى مدى اشهر طويلة كانوا يبشرون بثبات سعر صرف العملة الوطنية، فاين هي وعودهم ومن المسؤول عما يجري؟ من ينقذ اللبنانيين المتنقلين من ازمة الى اخرى اشد وادهى، من المحروقات الى الكهرباء، الى النفايات، الى الحياة المعيشية التي تضرب الاف العائلات وتدفعها الى حافة الفقر والجوع، الى ازمة المصارف واموال المودعين التي هي امانة في ايدي اصحاب المصارف فباي حق يمنعون عليهم سحب اموالهم، او على الاقل ما يسد حاجاتهم؟ فمن يطمئن الناس الى مصير ودائعهم وهي جنى عمرهم؟
على كل حال لا نريد ان نسترسل في التشاؤم وتعداد الازمات، وكلها باتت معروفة. ونأمل ان يتمكن الرئيس المكلف من تحقيق ما وعد به المسؤولون من ان الحكومة ستكون عيدية رأس السنة، والا عليه التنحي وافساح المجال امام اخرين. فالوضع لا يحتمل التأجيل والمماطلة. والاهم هو تشكيل حكومة ترضي الشارع المنتفض والا عبثاً يحاولون، لان اي تجاوز لمطالب الثوار سيسقطها الحراك قبل ان تبدأ مسيرتها. فهل نحن على ابواب حلول جذرية تنهي الازمة ام اننا امام مرحلة جديدة من التعقيد الذي يقود الى الخراب؟ هل يلهم العام الجديد السياسيين فيوقظهم ويبث فيهم روح المسؤولية فيتنبهون الى ما يتهدد البلد من ويلات؟ اننا نأمل ذلك ولو اننا غير متفائلين.
«الاسبوع العربي»