أبرز الأخبار

سوريا: مقتل قائد الدفاع الجوي رسالة دعم اميركية غير مباشرة للاسد

يعتقد متابعون ان تطورات الملف السوري تشبه الى حد كبير «السباق مع الزمن» محاولة تحقيق انجاز خلال فترة محددة. ويبدو ان اطراف المعادلة ينظرون الى الانتخابات الرئاسية كنقطة يسعون الى تحقيق اكبر قدر ممكن من المنجزات قبل موعدها. النظام يريد بلوغ الاستحقاق الرئاسي وقد حسم الكثير من الملفات لصالحه. والمعارضة تريد تعطيل اية منجزات نظامية، وتحقيق منجزات معاكسة.

في الوقت الذي تتواصل الحملة الانتخابية الرئاسية بين ثلاثة مرشحين –  من الناحية الرسمية – يتوقف المتابعون عند حملة تبدو وكأنها فردية وتخص الرئيس بشار فقط.  وفي هذا السياق، يعتقد محللون ان حملة المرشحين الاخرين تصب في مصلحة الرئيس بشار، لجهة ان بعض عناصرها تخدم الرئيس وحملته. ومن ذلك تأكيدهم بصوابية الحملات العسكرية التي يشنها الجيش ضد المعارضة.
في الاثناء، شدد الجيش من قبضته على مختلف المناطق، وواصل عمليات القصف لاهداف يعتقد انها تخضع لسيطرة المعارضة، ومارست تنظيمات بعض الاجراءات التي اثارت استنكار المجتمع الدولي. ومن ذلك قطع المياه عن محافظة حلب، الخطوة التي اثارت استياء عالمياً.

دعم عسكري
في المقابل تواصل المعارضة بحثها عن دعم عسكري، سواء من خلال مجموعة «اصدقاء سوريا»، او من خلال زيارات يقوم بها مسؤولون قياديون الى دول كبرى ومنها الولايات المتحدة واوروبا. وتركز تلك المطالب على ضرورة الحصول على مضادات للطائرات، املاً بوضع حد للغارات التي ينفذها سلاح الجو السوري، والتي يتم من خلالها قصف المناطق السكنية ببراميل متفجرة.
وسط تلك الاجواء، وجهت الولايات المتحدة رسالة دعم غير مباشرة للرئيس الاسد، من خلال تقارير شخصت الواقع السوري في مرحلة ما بعد الاسد.
فبعد استقالة المبعوث الأممي – العربي الى سوريا الأخضر الابرهيمي أسهم رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيوش الاميركية الجنرال مارتن ديمبسي في زيادة التشاؤم المتعاظم بمستقبل البلاد محذراً من ان نزاعات صغرى متعاقبة ستندلع في سوريا إذا نجحت المعارضة في إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد.
وقال الجنرال ديمبسي في مؤتمر عقدته مؤسسة اتلانتيك كاونسل للأبحاث والسياسة العامة في واشنطن ان سوريا، «حتى إذا تمكنت المعارضة السورية التي تواجه وضعاً صعباً الآن من اسقاط بشار الأسد، ستبقى أسيرة الارهاب والفوضى والجوع». وتساءل القائد العسكري الاميركي قائلاً «إذا أخذ الأسد عائلته وكل أزلامه وغادر سوريا اليوم، كيف سيدبر هذا البلد اوضاعه؟».
وذهب ديمبسي الى ان المعارضة السورية ليست لديها هيئة حاكمة توفر البضائع والخدمات ولا قوة قادرة على الاحتفاظ بالأرض لإدارة توزيع المساعدات وشنّ هجمات ضد قوات النظام، ولا قدرة على مكافحة الارهاب لاستئصال الجماعات التي ترتبط بالقاعدة في سوريا ثم اضاف قائلاً «ونحن حالياً لسنا في طريقنا الى توفير هذه القدرات».

نظرة متشائمة
وتأتي الصورة القاتمة التي رسمها ديمبسي لآفاق تطور الوضع في سوريا مؤكدة النظرة المتشائمة التي قدمها الابرهيمي عندما اعلن استقالته قائلاً في مؤتمر صحافي «من المحزن جداً ان اترك هذا المنصب واترك سوريا في مثل هذه الحال السيئة».
واعترف الجنرال ديمبسي بأن المعارضة محقة في القول إنها تحتاج الى اسلحة نوعية وخصوصاً الى صواريخ مضادة للطائرات كي تتمكن من الاحتفاظ بالأرض وشن هجمات مضادة وبذلك بناء القدرات التي
قال انها لا تملكها في الوقت الحاضر.  ولكنه ذهب الى ان مثل هذه الوسائل لن تقدم إلا حلولا قصيرة الأمد واصفا مستقبل سوريا بأنه «مسلسل من النزاعات».
وقال ديمبسي في كلمته «لدينا نزاع قائم حالياً وسيكون هناك نزاع ثان هو نوع من النزاع الداخلي ثم سيكون هناك نزاع ثالث ضد المنظمات الارهابية». وأكد ديمبسي «ان هذه القضية ليست سوريا فقط بل هي بيروت الى دمشق الى بغداد».
وطالبت دول خليجية تدعم المعارضة السورية بأن تقدم الولايات المتحدة لفصائلها المقاتلة ضد قوات النظام السوري اسلحة أشد فاعلية بينها صواريخ تُطلق من الكتف قادرة على اسقاط طائرات الأسد ومروحياته. وكانت ادارة اوباما ترفض تقديم هذه الأسلحة خشية وقوعها بأيدي جماعات اسلامية متطرفة. ولكن بعد الانتكاسات التي مُنيت بها قوات المعارضة مؤخراً وخصوصاً في مدينة حمص القديمة يبحث البيت الأبيض الآن عن وسائل تتيح مد المعارضة بهذه الصواريخ منها ماسحات ضوئية لبصمات الأصابع ومنظومات ملاحة جوية تُركَّب على اجهزة اطلاق الصواريخ بحيث إذا آلت الى أيدي متطرفين لن يتمكنوا من استخدامها ضد طائرات مدنية، كما افادت مجلة فورين بولسي. وبدأت الادارة الاميركية خلال الأسابيع الأخيرة «برنامجاً تجريبياً» لتزويد مقاتلي المعارضة بصواريخ من طراز تاو قادرة  على تدمير تحصينات النظام ودباباته.

قطع المياه عن حلب
في موضوع مواز، ندد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بقطع المياه الصالحة للشرب عن مدينة حلب السورية، داعياً كل الأطراف إلى ضمان عودة إمدادات المياه بشكل دائم. وطالب الأمين العام الدول التي لها تأثير على أطراف النزاع في حلب بتذكيرهم بواجبهم تجاه عدم المساس بالحقوق الأساسية للإنسان، ومن بينها الحق في الحصول على المياه.
واوضح كي مون أن انقطاع المياه منذ ثمانية أيام يحرم على الأقل مليونين ونصف مليون شخص من الحصول على مياه للشرب أو للاستعمالات الأخرى.
تأتي هذه التصريحات في وقت تُتهم فيه جبهة النصرة بوقف عمل المحطة الرئيسية لضخ المياه إلى حلب، مما أدى إلى انقطاعها الأسبوع الماضي ثم عادت إلى العمل تدريجياً منذ أيام إلى بعض أجزاء هذه المدينة التي تعتبر العاصمة الاقتصادية لسوريا.
وذكرت تقارير اخبارية، أن سعر صهريج المياه سعة ألف لتر وصل إلى خمسة آلاف ليرة سورية «33،51 دولار أميركي»، حيث وثّقت الشبكة لقيام مجموعات بتعبئة الصهاريج من مياه نهر قويق وبيعها بأسعار وصفت بالباهظة جداً، علماً بأن هذه المياه غير صالحة للشرب.
كما أن استمرار انقطاع المياه عن حلب ينبىء بأزمة خبز بسبب عدم توفر الماء اللازم لعجن الخبز، حيث توقفت مخابز عدة لهذا السبب، ولوحظ أيضاً انخفاض أسعار اللحم والخضار بسبب تجنب الأهالي الطبخ نظراً لصعوبة غسل الأواني.
ميدانياً، سقط عدد من القتلى والجرحى في حلب شمالي سوريا جراء قصف الطيران الحربي النظامي أحياء بالمدينة، في حين أدى تفجير سيارة مفخخة في مدينة العشارة بريف دير الزور الشرقي إلى سقوط ثلاثة قتلى على الأقل، وسط تواصل المعارك والاشتباكات في عدد من المناطق الأخرى.
وقالت شبكات اخبارية إن القتلى سقطوا جراء استهداف حيي الفردوس والكلاسة بحلب، مشيرة إلى أن الطيران المروحي ألقى برميلين متفجرين على حي بعيدين بريف حلب.
وأن كتائب المعارضة قتلت عددا من قوات النظام جراء استهدافها تجمعاً للنظام في محيط قلعة حلب.

قتلى وجرحى
وكانت الهيئة العامة للثورة السورية قالت إن قوات النظام قصفت بالبراميل المتفجرة مدينة عندان في ريف حلب، مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى بينهم أطفال، كما خلف القصف دماراً في عدد من المنازل.
وفي دير الزور فجّر شخص نفسه بسيارة ملغمة في مدينة العشارة بريف المحافظة الشرقي، مما أدى إلى سقوط ثلاثة قتلى على الأقل وعشرة جرحى. ويأتي الحادث بعد يوم واحد فقط من انفجار سيارة أخرى في بلدة شحيل بريف دير الزور الشرقي، الأمر الذي أسفر عن مقتل 11 شخصاً وعشرات الجرحى.
وذكر اتحاد تنسيقيات الثورة السورية أن الطيران الحربي شن غارة جوية استهدفت الطريق الدولي في محيط حقل التيم النفطي بريف دير الزور الشرقي.
وفي دير الزور أيضاً، تقدم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام ليسيطر على المناطق الواقعة شمال وغرب المحافظة التي أصبحت تحت حصار خانق من التنظيم وكذلك من قوات النظام السوري على الجهتين الجنوبية والشرقية.
وفي دمشق، قال ناشطون إن قوات الأمن والشبيحة تشن حملة دهم واعتقالات في حي الشاغور، وسط قصف بالمدفعية على حي جوبر بالعاصمة أيضاً.
يأتي ذلك في الوقت الذي ألقى فيه الطيران المروحي برميلاً متفجراً على محيط مسجد الرحمن في مدينة داريا بـريف دمشق، وسط اشتباكات بين مقاتلي الجيش السوري الحر وقوات النظام على الجبهة الشمالية لمدينة داريا.
وبالتزامن مع هذه التطورات جرى قصف عنيف براجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة على مدن وبلدات المليحة وداريا وخان الشيح والزبداني تزامنا مع اشتباكات مستمرة في بلدة المليحة بريف دمشق.

اشتباكات
وفي درعا، دارت اشتباكات بين كتائب المعارضة وقوات بشار الأسد في حي المنشية، مما أسفر عن مقتل ثلاثة عناصر تابعين للنظام، وسط قصف شمل المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة بمختلف أنواع الأسلحة، مما أوقع عدداً من الجرحى في صفوف المدنيين.
وقصفت قوات النظام بالمدفعية حي المنشية. بينما تمكنت كتائب المعارضة من تفجير مبنى في حي المنشية كان يتحصن بداخله عناصر من قوات الأسد، مما أسفر عن مقتلهم جميعاً، حسب مسار برس.
وفي حماة، أفاد مركز حماة الإعلامي بحدوث قصف بالصواريخ العنقودية على مدينة مورك بريف حماة الشمالي وسط قصف بالبراميل المتفجرة على حصرايا والزكاة ومحيط قرية تل ملح شمالي المدينة. وكثفّت قوات النظام قصفها على بلدة عقرب بريف حماة الجنوبي مما أدى إلى احتراق كبير في الأراضي الزراعية داخل البلدة.
وفي حصيلة غير نهائية، وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان السبت مقتل 17 شخصاً في محافظات مختلفة، بينهم طفل، واثنان تحت التعذيب، وعشرة مقاتلين من الجيش الحر.
الى ذلك، أشاد منافس للرئيس السوري بشار الأسد في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى الشهر المقبل بالحرب التي يخوضها الأسد ضد المقاتلين الإسلاميين لكنه قال إن على سوريا بذل مزيد من الجهد للحفاظ على علاقاتها مع الغرب وإعادة بناء اقتصادها بعد ثلاثة أعوام من الحرب.
وقال حسن النوري وهو أحد مرشحين اثنين ينافسان الأسد إنه لا توجد خلافات بين المرشحين الثلاثة بشأن الاستراتيجية العسكرية المتبعة ضد مقاتلي المعارضة وداعميهم من السنة الأجانب في الصراع الجاري. وقال نوري لرويترز خلال مقابلة عدونا لم يتغير. نحن جميعاً ضد الإرهاب.
وتجرى الانتخابات الرئاسية خلال أقل من ثلاثة أسابيع وتصورها السلطات بأنها علامة فارقة بالنسبة الى الديمقراطية ويصفها الغرب بأنها مسرحية هزلية.
وتمثل الانتخابات التي ستجرى يوم الثالث من حزيران (يونيو) المقبل المرة الأولى منذ نصف قرن التي تشمل فيها أوراق الاقتراع اسماً آخر غير الأسد. وكانت الانتخابات السبعة الماضية هي استفتاءات لتأييد الأسد أو والده حافظ الأسد. ولم يحصل حافظ على نسبة تأييد أقل من 99 في المئة بينما حصل ابنه على 97،6 في المئة قبل سبعة أعوام.
على صعيد اخر، ذكر مصدر قضائي ان سبعة فرنسيين يشتبه بأنهم قاتلوا في سوريا يخضعون لتحقيق رسمي بعدما اعتقلوا في مدينة ستراسبورغ بعد أسابيع من اعلان باريس عن سياسات تمنع الفرنسيين المسلمين من اعتناق الفكر المتطرف.  وأكد المصدر ما جاء في تقرير لصحيفة لوموند الفرنسية قال إن السبعة الذين تتراوح أعمارهم بين 23 و25 عاماً اعتقلوا في ستراسبورغ بشرق فرنسا يوم الثلاثاء ويخضعون للتحقيق بتهمة التآمر الجنائي في ما يتعلق بارتكاب أعمال إرهابية.

مقتل قائد الدفاع الجوي
الى ذلك، قتل مسؤول الدفاع الجوي في الجيش السوري اللواء حسين اسحق، متأثراً بجروح اصيب بها خلال المعارك الجارية في بلدة المليحة في ريف دمشق. فشكل مقتله ضربة كبيرة للنظام.
وبحسب مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن، فقد اصيب اسحق هذا الاسبوع في المليحة، حيث مقر الدفاع الجوي. ووصف عبد الرحمن مقتل القائد في الدفاع الجوي بانه «ضربة معنوية» لقوات النظام. وكان اسحق مديراً لكلية الدفاع الجوي في حمص قبل ان يتسلم ادارة الدفاع الجوي. وبدأت القوات النظامية هجوماً على المليحة، احد معاقل المعارضة في ريف دمشق، منذ اسابيع، واحرزت تقدماً فيها، الا ان المعارك تستمر عنيفة بينها وبين مقاتلي المعارضة في المنطقة. والمليحة الواقعة على الطريق الرئيسي المؤدي الى مطار دمشق الدولي جزء من الغوطة الشرقية التي يفرض عليها النظام حصاراً خانقاً منذ اكثر من خمسة اشهر.

احمد الحسبان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق