أبرز الأخباررئيسي

ليبيا: الحرب الاهلية تدق على الابواب

لحظة بعد لحظة، تزداد التوترات بكل اشكالها على الساحة الليبية. وتصبح الحرب الاهلية اكثر قرباً من اي وقت مضى. فالانقسام يتعمق يوماً بعد يوم، والامور تصل الى طريق مسدود على الصعيد الداخلي، ويبدي الليبيون عتبهم على المبادرات الدولية، ويعتقدون انها لم ترتق الى مستوى حل الازمة. في حين تحاول الاطراف الخارجية ان تنأى بنفسها عن تفاصيل الازمة، وتنقسم الاراء بشان التدخل الخارجي.

فبينما يؤكد متابعون ان مسالة التدخل الخارجي اصبحت معروضة على طاولة البحث ضمن نطاقات المناقشات الامنية، والى حد ما «سياسية»، نأت دول الجوار بنفسها عن مثل ذلك المشروع. وابدت مصادر محلية عتبها على تلك الطروحات، وسط تباين في الراي حول الفكرة.
ميدانياً، تصاعدت حدة المواجهات العسكرية والسياسية وسط حالة انقسام واضحة. وفي ظل تسريبات عن تدخلات غير معلنة من قبل بعض الاطراف العربية لصالح اللواء حفتر. وفي الاثناء، ارتفعت وتيرة تبادل الاتهامات بالخيانة بين اطراف المعادلة. وحاولت كل جهة تثبيت «شرعيتها»، ونزع الشرعية عن الطرف الاخر.
فقد تجددت الاشتباكات، وارتفعت اصوات أزيز الرصاص في مدينة بنغازي الشرقية، ودارت معارك بين الجيش الليبي من جهة ومجموعات مسلحة تابعة لتنظيم أنصار الشريعة، وأسفرت تلك الاشتباكات، بحسب مصادر عسكرية، عن مقتل عدد من الجنود وإسقاط مروحية تابعة للجيش مقابل استمرار التعتيم من جانب أنصار الشريعة على القتلى في صفوفهم.

استنزاف هائل
وفي الاثناء، ارتفعت وتيرة الشكوى من الاستنزاف الهائل لبنى البلاد التحتية بسبب احتدام المعارك بين الأطراف المتناحرة، خصوصاً مع تزايد الانتهاكات المنسوبة الى قوات فجر ليبيا، وما قيل انها ممارساتهم تتراوح ما بين «نهب وسلب واستباحة للممتلكات العامة والخاصة، إضافة إلى تهجير قسري للسكان».
وعلى الوضع السياسي بدا واضحاً أن الضغوط على حكومة الثني أتت كلها لتدفع به إلى الرضوخ أمام مطالبات المجتمع الدولي له بالاستقالة لإفساح المجال أمام تشكيلة حكومية جديدة قد تكون أكثر نجاعة لانتشال البلاد من فوضى المليشيات المسلحة.
فقد قدمت الحكومة الليبية المؤقتة استقالتها وسط  الازمة السياسية المتصاعدة والقتال الدموي بين الميليشيات المتناحرة في البلاد.
واعلنت حكومة رئيس الوزراء عبدالله الثني في بيان نشر في موقعها ان مجلس النواب المنتخب سوف يمارس مهامه بتشكيل حكومة جديدة. وقال البيان ان”  «الحكومة وفقاً للاعلان الدستوري تضع نفسها تحت تصرف البرلمان الليبي، وأنها على يقين أن المجلس سيوفق لاختيار حكومة جديدة ممثلة لجميع فئات الشعب الليبي دون اقصاء، وتحقق آماله وتطلعاته في الأمن والاستقرار وبناء دولة القانون والمؤسسات».
بالتوازي، يرى خبراء إن قرار مجلس الأمن 2174 مدعوماً بالحراك الإقليمي والعربي بقيادة مصرية قد يكون طوق نجاة لإبعاد شبح التقسيم الذي يهدد البلاد، لكنه يحتاج بالتأكيد إلى حراك وطني ليبي كي يحقق النتائج المرجوة.
في الاثناء، قصفت طائرة حربية تابعة للواء المتقاعد المنشق خليفة حفتر، مقرّاً في شركة الجبل سابقاً عند مدخل مدينة درنة، دون وقوع أضرار بشرية أو مادية، وردّت مجموعات مسلّحة على الطائرة الحربية بمضادات أرضية.
وعلم من مصادر مطلعة رفضت الكشف عن هويتها، أنّ اللواء المتقاعد حفتر لم يعد يملك في سلاحه الجوّي إلا طائرتين فقط من نوع «ميغ 21»، وذلك بعد إسقاط مسلّحين من درنة طائرة من النوع نفسه الجمعة، وهي طائرات، بحسب خبراء، لا تصلح لقصف أهداف ومواقع على الأرض، وإنما مهمتها اعتراض طائرات حربية في الجو. وشهد محيط مطار بنينا الدولي والقاعدة الجوية بجواره، اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة بين قوات «مجلس شورى بنغازي»، وقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

اشتباكات عنيفة
من جهة ثانية، شهد محيط مطار بنينا الدولي والقاعدة الجوية بجواره، اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة بين قوات مجلس شورى بنغازي، وقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر. وبحسب مصدر عسكري فإن قوات مجلس الشورى تتقدّم بشكل بطيء لكنه حاسم.
سياسياً، أعلن رئيس حكومة الإنقاذ المكلفة من المؤتمر الوطني العام عمر الحاسي، في مؤتمر صحافي، أن حكومته ستكون توافقية أساسها الشريعة الإسلامية، واحترام تقاليد الشعب الليبي بمختلف مكوناته.
وأكّد رفضه لكل مظاهر التطرّف والإرهاب، ومواصلته العمل لتحقيق العدل والإنصاف وصولاً إلى تحقيق المصالحة وفرض حالة التعايش السلمي في البلاد. وأعلن تنازله عن المرتب المخصص لرئيس الوزراء والمزايا المفترض أن يتمتع بها، مقابل إنشاء صندوق مالي لتعويض المناطق المتضررة لحين انتهاء الصراعات الحاصلة.
في سياق متصل، أعلن المتحدث الرسمي باسم قوات درع ليبيا الوسطى، أحمد هدية، عن تشكيل هيئة لتصحيح مسار الثورة تضم جميع المقاتلين الذين شاركوا في عملية ما يعرف بـ «فجر ليبيا»، وأضاف أنّ أهداف الهيئة تتمثل في استكمال أهداف ثورة السابع عشر من فبراير والالتزام بالمنهج الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة وفق خريطة طريق واضحة تضمن مشاركة عادلة لكل الليبيين، بالإضافة إلى تمكين الثوار من المشاركة في قيادة المرحلة الانتقالية باعتباره حق لا تنازل عنه.

مسودة الدستور
إلى ذلك، قال المتحدث باسم «هيئة الستين لكتابة الدستور» الصديق الدرسي، إن مسودة الدستور الأولية على وشك الانتهاء، وعرضها على مختصين ومؤسسات مجتمع المدني وعموم الشعب لفتح حوار موسّع حولها وتلقي الملاحظات.
في هذه الأثناء، التقى المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا برناردينو ليون، في أول زيارة له إلى ليبيا على رأس وفد أممي عبد الرحمن السويحلي، عضو مجلس النواب الرافض لانعقاد المجلس في مدينة طبرق، بمدينة مصراتة، شرقي العاصمة طرابلس.
وتناول الجانبان أفق الحلول السياسية للخروج من الأزمات الحالية، وفي مقدّمتها أزمة شرعية مجلس النواب الليبي المنعقد بطبرق شرقي ليبيا، بسبب مخالفات دستورية شابت انعقاده، ونزاع السلطات والاختصاصات بخصوص المؤتمر الوطني العام، الذي يدّعي شرعيته إلى حين التسليم الصحيح لمجلس النواب الحالي.
بدورها، أعلنت السفيرة الأميركية لدى طرابلس، ديبورا جونز من مالطا، مقرّ إدارة السفارة بعد خروجها من العاصمة الليبية بسبب الاشتباكات المسلحة، أن بلادها تعتبر جماعة أنصار الشريعة في ليبيا منظمة إرهابية، وتعترف بمجلس النواب المنتخب كممثل شرعي للشعب الليبي، مع الاختلاف مع بعض القرارات المتسرعة التي أصدرها المجلس دون مراعاة للظروف الداخلية. وعبرت جونز عن رفض الولايات المتحدة للقصف الجوي الذي تعرضت له طرابلس، مشيرة إلى أن التدخل الخارجي في الشأن الليبي لن يزيد الأوضاع فيها إلا تعقيداً، في إشارة منها إلى اتهام مسؤولين أميركيين لدولتي مصر والإمارات بشنّ غارات جوّية على مواقع لقوات «فجر ليبيا» بطرابلس.

دعم استثنائي
من جهة اخرى دعا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند غداة اجتماع مجلس الامن الى تنظيم «دعم استثنائي للسلطات الليبية لمساعدتها على استعادة سلطة الدولة» محذرا من انتشار الارهاب «في المنطقة برمتها» اذا لم يتم ذلك.
وحذر هولاند من انه «اذا لم نفعل شيئاً جدياً، على المستوى السياسي أو الدولي، فان الارهاب سينتشر في المنطقة كلها» دون توضيح ذلك الدعم اذا كان مدنياً او عسكرياً. بينما وصف سياسيون ليبيون «صعوبة الوضع السياسي في ليبيا الآن لم يسبق لها مثيل». «وان البلاد ماضية حتماً الى الهاوية» وسط تحذيرات من «انهيار الدولة» خصوصاً وان الخدمات العامة اصيبت بالشلل، وتوقف دفع رواتب الموظفين ولم يعد للمواطنين سلطة يلجأون لها. ويعزز هذا الاحتمال قيام التيار الاسلامي باعادة احياء المؤتمر الوطني العام، الجمعية السابقة المنتهية ولايتها، واعلان نيتهم تشكيل حكومة بديلة في طرابلس.
وحذر سفير ليبيا في الامم المتحدة ابرهيم دباشي الاربعاء امام مجلس الامن الدولي من شبح «حرب اهلية حقيقية» وقال «كنت حتى الان استبعد فرضية الحرب الاهلية لكن الوضع تغير».
واعتبر متابعون ان «التدخلات الخارجية تقف ايضاً وراء الانقسامات السياسية في ليبيا» التي يحظى فيها التيار الاسلامي بدعم قطر بينما يحظى التيار الوطني الممثل بالحكومة المنعقدة في طبرق بدعم الامارات ومصر.
واثناء المعارك الاخيرة حول مطار طرابلس اعلن المهاجمون الاسلاميون ضمن كتائب مصراته انهم ضبطوا آلية عسكرية مدرعة من طراز تايغر تم تطويرها في الامارات مؤكدين ان ذلك دليل على دعم هذا البلد لاعدائهم في ميليشيات الزنتان المؤيدين للتيار الوطني ممثلاً بسلطات طبرق.
وباتت طبرق مقر الحكومة الموقتة والبرلمان المنتخب في 25 حزيران (يونيو)، على مسافة 1600 كلم شرق طرابلس. وتصف الحكومة والبرلمان المنتخب تحالف الميليشيات الاسلامية بانه «ارهابي» في حين يطعن هذا التحالف في شرعيتهما.

ا. ح
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق