رئيسيسياسة عربية

اليمن في مرحلة الغليان: الحوثيون يصعدون، و«هادي» يدرس التراجع عن تعويم المحروقات

يعتقد محللون ان الازمة اليمنية دخلت مرحلة الغليان. ويرون ان «البخار» الناجم عن غليان الازمة، يوشك ان يدفع بها الى التفجير. وان بعض الخبراء يميلون الى ضرورة اعتماد اسلوب «التنفيس» للازمة خشية ان تتطور الى حرب اهلية، خصوصاً وان الطرف الحكومي لا يجد ان من مصلحة البلاد الاستمرار في النفخ بالازمة الى ما لا نهاية، ومواجهة عناد الحوثيين بعناد مقابل.

مشروع الحكمة، الذي يبدو انه سيكون الملاذ الاخير في حل الازمة، نصح به بعض المقربين من الرئيس هادي، بينما حاول آخرون الدفع باتجاه المواجهة.
ففي التفاصيل، ارسل الحوثيون كما من الرسائل التي تؤشر على رفض مطلق للتراجع عن اي من المواقف المعلنة. واطلقوا مشروعاً تصعيدياً اسفر عن صبغ الازمة باللون الاحمر، من خلال قتل ما يزيد عن عشرة اشخاص من الجنود وافراد القبائل الموالية للجيش والحكومة. الامر الذي تم تفسيره بانه قرار مسبق بتطوير المواجهة من سياسية الى عسكرية. ورفض الحوثيون جميع النداءات والتحذيرات التي وجهت من جهات محلية واقليمية وعربية. الامر الذي عزز القناعة بان الازمة يمكن ان تخرج عن السيطرة ما لم تتخذ الدولة منحى آخر في التهدئة.

اشتباكات وقتلى
في هذا السياق، قال مسؤولون حكوميون إن عشرة رجال على الأقل من ميليشيات محلية والجيش اليمني قتلوا السبت، في اشتباكات مع المقاتلين الحوثيين الذين يحاولون السيطرة على طريق يربط العاصمة صنعاء بالمحافظات الغنية بالنفط.
وحاول المقاتلون الحوثيون، السيطرة على طريق يربط صنعاء بالمحافظات الجنوبية التي بها أغلب الإمدادات البترولية اليمنية وهي مأرب وشبوة وحضرموت.
وقال مسؤول حكومي في صنعاء ان تلك الخطوة تهدف الى  وقف وصول إمداد الوقود وغاز الطهي إلى السكان في معظم محافظات البلاد، لكن الجيش أرسل تعزيزات لمنعهم. وأضاف المسؤول الحكومي أن الميليشيات ألقت القبض على 11 مقاتلاً حوثياً في تقاطعات على الطريق وكانوا مسلحين بالبنادق والقذائف الصاروخية. وقال المسؤولون إن الميليشيات سلمتهم للجيش.
في الاثناء، وفي ظل محاولات تبذلها اللجنة الرئاسية لمنع الانزلاق في حرب اهلية واسعة، تسربت معلومات عن دعم يتلقاه الحوثيون من قبل الرئيس السابق علي عبدالله صالح. فقد اكدت مصادر يمنية إن تلويح الحوثيين بالسيطرة على مدينة صنعاء بالقوة يعود في جانب منه إلى وجود دعم من الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح والقبائل المرتبطة به. ولفتت المصادر إلى وجود تنسيق دائم بين الطرفين خصوصاً أن الرئيس السابق يرفض أن يخرج من المشهد السياسي تماما مثلما تنص على ذلك المبادرة الخليجية التي صعد بموجبها نائبه عبد ربه منصور هادي إلى الرئاسة.

صالح مع الحوثيين
وقال مراقبون إن علي عبدالله صالح وضع يده في أيدي الحوثيين الذين خاض ضدهم الحرب لسنوات نكاية في حزب الإصلاح (الإخواني) الذي انقلب عليه منذ بدأت الاحتجاجات في 2011 رغم وجود تحالف سياسي وقبلي بينهما.
واستبعد المراقبون أن يستفيد الرئيس السابق من دعمه للحوثيين الذين يتحركون وفق أجندة إيرانية في المنطقة، وعزوا الأمر إلى تبنيه شعار «علي وعلى أعدائي»، كرد فعل على من ساعدوا في إسقاطه من الرئاسة.
وانضم الى الحوثيين عشرات الآلاف من الأنصار المطالبين بإسقاط الحكومة في شمال صنعاء متوعدين بتصعيد تحركاتهم الاحتجاجية، وقالت تقارير ميدانية، إن «المحتجين الجدد» ينتمون الى قبائل موالية لحزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبدالله صالح قد انضمت للمحتجين.
في المقابل، احتشد عشرات الآلاف من أنصار الحكومة في صلاة الجمعة وبعدها في شارع الستين غرب صنعاء للتأكيد على دعم الرئيس عبدربه منصور هادي.
يأتي هذا في وقت انتهت فيه المرحلة الثانية من تهديدات زعيم التمرد عبد الملك الحوثي باجتياح صنعاء. ويحوط الغموض بمستقبل الوضع في العاصمة اليمنية في ظل رصد مراقبين وجهات مقربة من السلطات لحركة مريبة للحوثيين يرجح أن تكون استعدادات لتصعيد جديد.
وكان الرئيس هادي قد توعد بإجراء «عملية قيصرية» لإخراج المسلحين الحوثيين من مداخل صنعاء وأنه لن يسمح بجر البلاد إلى حرب أهلية.
وأكد هادي أنه «قادر على الزحف بالجيش من صنعاء إلى حدود السعودية وعمان لكنه لا يريد إدخال البلاد في حرب أهلية»، مضيفاً «سنضرب بسيف السلم إلى حيث يصل»، قائلاً إنه مستعد للموت هو وأسرته من أجل اليمن.

بيان اميركي
في الاثناء، أصدرت وزارة الخارجية الأميركية بياناً شديد اللهجة شجبت فيه «تصرفات الحوثيين بقيادة عبد الملك الحوثي ومن يؤيّدونه»، واعتبر بيان الخارجية الأميركية أن تصرفات الحوثيين تمسّ باستقرار اليمن ووصفتتها بأنها «استفزازية وعدائية وتسبب اضطراباً»، وشجب البيان «إنشاء المخيمات المسلحة في صنعاء وحولها وكذلك السيطرة غير الشرعية على عمران».
يأتي هذا التعليق الأميركي متناسقاً مع بيان مجلس الأمن الدولي الذي سمّى الحوثيين أيضاً، وقد أعرب مجلس الأمن عن قلقه البالغ إزاء تدهور الأوضاع الأمنية في اليمن، «بسبب الأعمال التي أقدم عليها الحوثيون»، وبدت التعابير في البيانين وكأنها منسوخة عن بعضها. ما فشل الأميركيون في فعله خلال المرحلة الماضية هو فهم خطورة التصرفات الحوثية خلال السنوات الثلاث الماضية، فمن الواضح أن الحوثيين تقدّموا من صعدة إلى عمران ثم إلى العاصمة اليمنية، فيما كان الأميركيون يعتبرون أن الحوثيين هم مكوّن من مكونات المجتمع اليمني، ويجب الاستماع إليهم والتوصل إلى توافقات سياسية معهم.
الى ذلك، اكدت مصادر متابعة ان الرئيس اليمني بات يدرس اجراءات «للانحناء» امام العاصفة. فقد حدد الرئيس منصور هادي، مدة أربعة أيام للجنة السابقة المكلفة بالتفاوض مع جماعة الحوثي للتوصل إلى صيغة اتفاق معها، كما شكل لجنة اقتصادية للنظر في إمكانية إلغاء قرار خفض دعم أسعار مشتقات النفط والبحث عن البدائل الممكنة في صورة اتخاذ هذا القرار.

لقاء تشاوري
وجاءت قرارات الرئيس خلال اجتماع تشاوري عقده السبت مع قيادات أحزاب ما يعرف بالاصطفاف الوطني وممثلي الكتل البرلمانية وشخصيات من المجتمع المدني لبحث رؤية موحدة إزاء تصعيد جماعة الحوثي خلال الفترة الأخيرة.
وقالت مصادر حضرت اللقاء التشاوري إن هادي شكل لجنة اقتصادية بعضوية محافظ البنك المركزي ووزيري التخطيط والمالية، إلى جانب خبراء اقتصاديين آخرين لدراسة البدائل الممكنة لتصحيح أسعار مشتقات النفط، وطلب من اللجنة إبلاغ جماعة الحوثي ومعرفة ردها على رسالته وعلى بيان مجلس الأمن الدولي.
وقالت مصادر متابعة إن هناك مؤشرات على قرب حصول اتفاق مع الحوثيين عبر اتصالات تدور خلف الكواليس، في ظل الضغوط المتزايدة على الجماعة خصوصاً بعد صدور بيان من مجلس الامن الدولي يحمل الجماعة مسؤولية تعطيل الانتقال السياسي باليمن.
وكان مجلس الأمن الدولي قد طالب في بيان رئاسي أصدره الجمعة الحوثيين بوقف عملياتهم القتالية ضد الحكومة اليمنية وتقويض عملية الانتقال السياسي بالبلاد.
وعبّر المجلس عن قلقه البالغ من تدهور الوضع الأمني باليمن، في ضوء التحرك الذي قام به عبد الملك الحوثي ومناصروه لتقويض الانتقال السياسي في البلاد.
وتابع مجلس الأمن أن هذه الأعمال تشمل تصعيد الحملة لإسقاط الحكومة وإقامة مخيمات داخل صنعاء وحولها، والسعي لتقويض سلطة الدولة بإقامة نقاط تفتيش على الطرق الإستراتيجية بصنعاء، إضافة إلى القتال المستمر في الجوف.
ودعا المجلس الحوثيين إلى سحب قواتهم من محافظة عمران وإعادتها لسيطرة الحكومة اليمنية، ووقف كل الأعمال المسلحة ضد الحكومة في الجوف، وإزالة المخيمات ونقاط التفتيش التي أقاموها في صنعاء وحولها. وقال مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر إن هناك توافقاً بين جميع أعضاء مجلس الأمن على دعم وإنجاح العملية السياسية باليمن، ووصف ذلك بالفأل الحسن لأنه يصب في مصلحة التسوية السياسية اليمنية، وفق قوله.

صنعاء – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق