بدعة التوزير على اساس الاحجام
لماذا هذا السباق المحموم للفوز بغنيمة التوزير، ولماذا كل هذا الحماس الذي نشهده اليوم، وفي كل مرة يحل علينا استحقاق تشكيل الحكومة؟ هل من اجل خدمة المصلحة العامة، والمحافظة على كيان البلد ومصالحه، ام انه من اجل مصلحة شخصية تتأمن من خلال الوزارة؟ هذه العادة درج عليها السياسيون الحاليون منذ سنوات طويلة. ففي كل مرة تستقيل حكومة ويشرع المسؤولون في تأليف اخرى. ينطلق السباق وتتدفق المطالب، وكل طرف يحاول ان يكسب قدر ما يستطيع وبالمعدل الذي يخدم اهدافه.
بالطبع هناك قلة من السياسيين تهمهم مصلحة البلد، وهم يعملون من اجلها. وهؤلاء معروفون لدى الرأي العام. لا يلهثون وراء وزارة تؤمن لهم صفقاتهم، ويجنون منها الثروات الطائلة، بل ان الوزارة هي التي تبحث عنهم.
قالوا لنا ان الانتخابات ستحمل التغيير. هذا الشعار تصدر بيانات المرشحين وملأ الساحات والميادين العامة، فنشرت اللافتات في كل الشوارع تدعو للمشاركة في الانتخابات لاحداث التغيير المنشود. فهم باتوا يعرفون ان الناس ملوا منهم وانتابهم القرف، فجاءوا يغدقون عليهم الوعود بالتغيير، مع انهم كانوا يعلمون ان شيئاً لن يتبدل، وان الامور باقية على ما هي عليه، طالما ان العائدين الى الندوة البرلمانية هم اياهم بفضل قانون انتخابي اعوج فصلوه على قياسهم. ولكن ما الهم اذا كانت وعودهم كاذبة، طالما ان المواطنين باتوا يعرفونهم على حقيقتهم. قالوا لنا ان لبنان بعد الانتخابات غيره ما قبل الانتخابات، فاذا بالطقم السياسي يعود في معظمه، ومعه حتماً لن يكون هناك تغيير، بل ان مهمتهم هي سد طريق الاصلاح. فالافضل لهم ان تبقى الامور على ما هي عليه ليستطيعوا تنفيذ مخططاتهم. بدل الاتفاق على خدمة المصلحة العامة وانتشال البلد الذي اصبح اقتصادياً على شفير الهاوية، وهذا امر لا يمكن نفيه لانه ورد على لسان اكبر مرجع هو رئيس الجمهورية – فدل ذلك عادت المناكفات وانهالت المطالب على رئيس الحكومة المكلف فطوقته وشلته، وبات بحاجة الى خطوة جريئة، فيعمد الى ازاحة اللاهثين وتشكيل حكومة تخدم الوطن، فالسياسيون لا يبالون بما يواجه البلاد والمواطنين على حد سواء. وهو اي الحريري لا يمكنه تحمل كل هذه العقد التعجيزية. خصوصاً وانها تترافق مع قضايا كبيرة، مثل قضية النازحين وما تجر من ويلات على الناس، ومرسوم التجنيس الذي اعطى الجنسية اللبنانية لكثيرين لا يستحقونها. الى المطالب الحياتية التي تطوق المواطنين وتحرمهم الحياة الهادئة التي ينعم بها المواطنون في دول العالم.
لقد طالبوا بعدد من الوزراء يراعي احجام الكتل، ولكن من يحدد هذه الاحجام؟ لقد راح كل فريق يجمع ما استطاع بالترهيب او بالترغيب او بالوعود، ليكبّر كتلته وينال اكبر عدد من الوزراء يدعمونه في مشاريعه داخل مجلس الوزراء. المطلوب ان يعود كل نائب منتخب الى قاعدته بعيداً عن الصفقات السياسية والوعود التي لن تتحقق، فتظهر احجام الكتل على حقيقتها، وعندها يتم التوزيع العادل. فهل يستطيع رئيس الحكومة فعل ذلك؟ وهل تشكل حكومة بعيداً عن الاحجام تراعي مصلحة البلد ولا شيء غيرها؟
«الاسبوع العربي»