لماذا… صيف وشتاء تحت سقف واحد؟
شهر مر على الغزو الروسي ولا حسم في المدى القريب. وتتعرض اوكرانيا لحرب طاحنة تتخللها اشتباكات عنيفة وقصف بري وبحري وجوي ودمار هائل، لا لذنب اقترفته، بل تصميم من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تحقيق احلامه التوسعية والتمدد الى خارج روسيا، واستعادة مجد غابر ذهب ولن يعود، لان الدول التي ذاقت طعم الحرية والديمقراطية، لا يمكن ان تعود الى الحكم التوتاليتاري الظالم. فعقارب الساعة لا تعود الى الوراء.
وكان لافتاً هذا التضامن الاوروبي والدولي الشامل مع اوكرانيا. فسارع الاتحاد الاوروبي بكامل اعضائه ودول الغرب كلها للوقوف الى جانب الدولة المعتدى عليها ومدها بالسلاح والمال والحاجات الضرورية، لتمكينها من مواجهة هذه الهجمة الشرسة. واستطاع الجيش الاوكراني بما تيسر له من دعم ان يوقف التقدم الروسي، لا بل ان يرغمه على التراجع.
هذا المشهد العالمي المتكامل اثار عتب اللبنانيين على المجتمعين العربي والدولي. لقد تعرض بلدهم لشتى انواع الحروب العسكرية والسياسية، ابتداء من الحرب الاسرائيلية عليه والاعتداءات المتكررة المستمرة يومياً حتى الساعة، مروراً بالاحتلال السوري تحت اسم الوصاية، الذي اذاق اللبنانيين منها شتى انواع القهر والظلم، الى اختطاف لبنان حالياً وتعرضه لتدخلات خارجية قاتلة، كان اخرها قبل يومين، تصريحاً لوزير خارجية ايران، تحدث فيه عن ان الانتخابات النيابية، وهي شأن لبناني داخلي لا علاقة له به، كل ذلك ولم نر يومياً الجامعة العربية، او المجتمع الدولي يسارعان الى دعم فعلي للبنان لمساعدته على التخلص مما هو فيه، اللهم الا بالتصريحات التي لا ترجمة لها على الارض. فلماذا هذا الصيف والشتاء تحت سقف واحد، في التعامل الدولي.
الجواب بسيط ولا يحتاج الى كثير عناء. فالمنظومة السياسية المتحكمة بلبنان، هي التي اخرجته من محيطه العربي والغت دوره الذي كان موضع تقدير واحترام، وقادته في مسار مظلم لا يشبهه ابداً، وادارت ظهرها للشعب وللعالم، ساعية وراء مصالحها الضيقة على حساب مصلحة بلد وشعب، وكانت موضع انتقاد دولي واسع اتهمها بادارة ظهرها لشعبها. لذلك كان من الطبيعي الا تسارع الدول لمد العون للبنان الضائع والمخطوف، على يد المنظومة السياسية التي اوصلته الى الانهيار الشامل، واوصلت شعبه الى الفقر والجوع. وها هي اليوم تخلق الازمات، مستخدمة كل ما تملك من وسائل وسلطة ونفوذ لمنع اي تغيير، من خلال الانتخابات المقبلة التي باتت مهددة بالتأجيل والالغاء، بسبب الحروب الداخلية المفتعلة والمتنقلة من قطاع الى اخر.
رغم كل ما تقدم فان العتب الشعبي اللبناني، على الاصدقاء والاشقاء وخصوصاً الجامعة العربية والدول الشقيقة، التي اخذت اللبنانيين المغلوبين على امرهم بجريرة السياسيين المرتكبين وعاقبت الجميع، وكان الحري بها وبالمجتمع الدولي ان يقفا موقفاً حازماً، فيعاقبا الفاسدين ويدعمان الشعب وبمدانه بكل الامكانات، كما فعلوا في اوكرانيا، لتمكينه من قبع هذه الطبقة التي اساءت الى لبنان اكثر مما اساءت اليه الحروب التي تعرض لها.
ان الفرصة لا تزال سانحة، ولا تزال الامكانات متاحة امام المجتمعين العربي والدولي، ان يساعدا الشعب اللبناني بقوة وان يمداه بكل ما يلزم من دعم مادي ومعنوي، حتى يتخلص من هذه الطبقة السياسية، وتحقيق التغيير المنشود. فعلى امل الاستجابة لنداء اللبنانين، تبقى العيون مترقبة التطورات والانتخابات.
فهل نصل الى الحل؟
«الاسبوع العربي»