دولة الرئيس تطلبون الكثير فماذا قدمتم بالمقابل؟
اقر مجلس الوزراء الموازنة العامة للعام 2022، التي قوبلت بالرفض ولم تنل سوى تأييد واضعيها او بعضهم فقط. موازنة حافلة بكل انواع الظلم والقهر، من خلال حزمة من الارقام تنوء تحتها اكبر القامات، فكيف بالشعب المحطم والمنهك، من كثرة ما واجه من جور منظومة سياسية دمرت البلد والناس، وهي لا تزال جارية وفق مصالحها غير عابئة بما يدور حولها.
انها موازنة متخمة بالارقام القاتلة، وخالية من اي اصلاح، فبأي منطق يتقبلها الناس والمؤسسات الدولية؟ عجيب غريب امر هذه المنظومة، لقد هدرت اموال الدولة وافرغت الخزينة واثرت على حساب المواطنين ولما حان وقت المحاسبة، واحصاء الخسائر تنصلت من المسؤولية وجاءت تطالب الناس المعدمين بتغطيتها. فكأن هؤلاء الناس هم الذين افلسوا الخزينة. لقد كان الاجدى للحكومة ان تبحث عن المال المنهوب، وتحدد ناهبيه وتطالبهم بارجاع ما سلبوه، وهو يغطي كل الخسائر ويزيد. ولكن الكلام عن المحاسبة، وخصوصاً محاسبة المنظومة، لا قيمة له، لانه لن يحصل ابداً. لقد تعودنا في لبنان على مشاريع وطروحات عشوائية وعلى الناس ان يتقبلوها كما هي ولو على حسابهم. انه ظلم ما بعده ظلم.
الرئيس نجيب ميقاتي يدرك مدى تأثير العبء الثقيل على المواطنين، فاستبق الكشف عن الارقام المخيفة، عن الرسوم والضرائب التي ستصيب الشعب المنكوب، فوصف الوضع بأنه صعب وخاطبهم بقوله لم يعد بامكاننا ان نعطي الكهرباء والماء والهاتف بلا مقابل، وهذه اشارة الى الرسوم المرتفعة التي تفرضها الموازنة، باضعاف عدة عما هي عليه اليوم. نعم دولة الرئيس هناك رسوم متدنية في بعض القطاعات يجب تصحيحها، ولكن قبل التفكير بذلك، امنوا الكهرباء، والمياه، والهاتف ثم اطلبو بعد ذلك الزيادات المعقولة. الا انكم اليوم ترفعون الارقام، مقابل العتمة الشاملة دون ان تتضمن الموازنة خطة علمية تؤمن التيار 24/24. امنوا المياه ولكن من اين لكم ذلك؟ هل من سدود انفقت عليها مئات ملايين الدولارات لتبقى جافة في عز فصل الشتاء. انها مشاريع لهدر المال دون الحصول على اي نتيجة. هل تدري دولة الرئيس انه في عز الامطار الغزيرة والسيول الجارفة، هناك مناطق تستعين بالصهاريج لتعبئة خزاناتها، لانكم عجزتم عن ايصال المياه الى المنازل. هل تعلم دولة الرئيس ان مكالمة هاتفية تنقطع مرات عدة قبل انهائها بسبب سوء الاتصالات والانترنت؟ فعن اي خدمات تقدمونها للمواطنين تتكلم؟ قبل ان تمدوا اياديكم الى جيوبهم الممزقة، راجعوا ما عليكم من واجبات تجاه الناس.
دولة الرئيس ان الدنيا اخذ وعطاء. فماذا اعطيتمونا مقابل ما تأخذونه منا عن غير وجه حق؟ في كل دول العام تفرض ضرائب ورسوم ولكن هذه الدول تقدم لشعوبها بالمقابل الكثير، من التعليم المجاني الى الطبابة والاستشفاء الى غيرهما الكثير من الخدمات، وانتم ماذا قدمتم مدارس رسمية وجامعة لبنانية لم تبدأ السنة الدراسية والجامعية فيهما بعد، رغم انقضاء اكثر من نصف السنة، فمن يعوض على هؤلاء الطلاب ضياع سنة من عمرهم؟ هل امنتم الدواء للمريض وهل راقبتم الاسعار في الصيدليات التي تسير على خطى السوبرماركت في فرض اثمان عشوائية خيالية. ففي غياب الرقابة يعم الفلتان.
عيون المواطنين اليوم شاخصة الى المجلس النيابي للتصدي لهذه الموازنة غير المتوازنة، ليس لايمانهم بان السادة النواب يهتمون بمصلحتهم ويعملون من اجلهم، وهم لم يفعلوا ذلك طوال سنوات الازمة، بل لان الوقت هو زمن الانتخابات وهم يخافون ان يخسروا الاصوات التي توصلهم الى نعيم السلطة. فمن مصلحتهم لا مصلحة الشعب، سيتصدون للموازنة.
اذا اردنا ان نسترسل في الحديث عن الوضع المأساوي لاحتجنا الى مجلدات. ولكننا نكتفي بهذا القدر، على امل ان نرى اصلاحاً في السلطة وطريقة عملها وفي الادارة لتصطلح شؤون الناس.
«الاسبوع العربي»