اعتذار… فتكليف والنتيجة واحدة
اعتذر الرئيس المكلف سعد الحريري عن تشكيل الحكومة بعد تسعة اشهر من التكليف، استعمل خلالها شتى الطرق للوصول الى اتفاق حول تشكيل حكومة تتولى الانقاذ، وفي نهاية المطاف فشل واعتذر. فدخل لبنان في المجهول واصبح كالسفينة التائهة في عرض البحر تتلاطمها الامواج من كل حدب وصوب.
عشرون لقاء تمت بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف انتهت الى الاعتذار، وقد تبين للطرفين ان الاتفاق بينهما مستحيل. فضاعت الفرصة على اللبنانيين الذين كانوا يأملون بالتوصل في النهاية، بعد هذا التجاذب الطويل الى حل. ولم يصدقوا ان المسؤولين سيرضون بالفراغ اكثر من ذلك. لذلك كانت صدمتهم قوية عبروا عنها في الشارع، مع العلم ان هذا النتيجة لم تكن بعيدة عن توقعات المراقبين.
تأملنا بالضغوط والوساطات الناشطة من الخارج على المسؤولين، من الفاتيكان الى فرنسا الى الولايات المتحدة فالاتحاد الاوروبي، ولكن عناد المسؤولين وتشبثهم بارائهم كانا اقوى من اي كلام. فسقطت الحلول وساد الخوف والقلق على المصير.
اللبنانيون الذين كفروا بكل شيء، وبهذه الطبقة السياسية الفاشلة يقفون اليوم تائهين لا يدرون ماذا يفعلون. الفقر والجوع والبؤس تلاحقهم ويشعرون بانهم متروكون وليس من يسأل عنهم، خصوصاً بعد فشل الضغوط الخارجية في تليين مواقف المسؤولين. لذلك فلم يعد امام اللبنانيين من امل سوى تغيير هذه الطبقة السياسية الفاشلة والظالمة، والتي لا تفكر سوى بمصالحها الخاصة، لتحل محلها طبقة تؤمن بالوطن وتعتبر مصلحته ومصلحة المواطنين فوق كل مصلحة خاصة. على امل ان يكون الشعب قد تعلم ان السير وراء هذه الطبقة يودي بهم الى الخراب.
والمتلاعبون بمصير الناس يعتقدون ان تصريحاً من هنا وبياناً من هناك، يطمسان الحقيقة، وهم لا يعلمون ان طفلاً صغيراً في لبنان بات يعرف تفاصيل الازمة واسبابها ومسببيها. وخلال ايام، وكما هو متوقع ستجرى استشارات نيابية ملزمة لاعادة تكليف شخصية جديدة لتشكيل الحكومة، وحتى الساعة لا يبدو ان هناك اتفاقاً بين القوى المتحكمة على اي اسم. الا ان المواطنين لا يعولون كثيراً عليها، لان النتيجة في ظل هذه الطبقة السياسية باتت معروفة سلفاً، ولن تكون افضل من سابقتها. فالمتحكمون بالبلاد والعباد اعجز من ان يضعوا الحلول، وقد اثبت الوضع المتردي الكارثي هذا. فهم ليسوا معنيين بمشاكل الناس حتى يبحثوا عن حلول لها، فمصالحهم الخاصة هي فوق كل اعتبار.
ما هو المستقبل؟ ما هو المصير؟ لا احد يملك الجواب سوى النظر الى هذا الوضع الاسود الذي تعيشه البلاد، فعسى ان يلطف الله بلبنان وشعبه. يحاول كل طرف القاء مسؤولية التعطيل على الاخر، الا ان العقوبات المفروضة من الخارج تدل بما لا يقبل الشك على المعطلين.. فلا تحاولوا تشويه الحقائق.
«الاسبوع العربي»