افتتاحية

لبنان الجريح حولوه ورقة اقليمية

اذا وجد انسان نفسه يغرق وسط امواج تلطمه من جميع الجهات فانه يتعلق بحبال الهواء. فكيف اذا كانت هذه الحبال متينة وثابتة. هذا القول ينطبق تماماً على الشعب اللبناني وقد سارع البطريرك الراعي الى دعوة مجلس الامن لعقد مؤتمر دولي من اجل انقاذ لبنان بعد ان تخلى عنه المسؤولون وانصرفوا الى الاهتمام بحساباتهم الخاصة.
منذ اكثر من عقدين من الزمن ولبنان ينتقل من فراغ الى اخر. فاذا ارادوا انتخاب رئيس للبلاد وضعوا الدستور جانباً وعشنا معهم فراغاً امتد الى اكثر من سنتين ونصف السنة. واذا ارادوا تشكيل حكومة اختلفوا على تقاسم المغانم، فيتعطل التشكيل ويدخل البلد في فراغ امتد في بعض الاحيان الى حوالي السنة كما حصل لدى تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام. واليوم ولبنان يعيش وضعاً لم يعرفه في تاريخه المعاصر، دخلت الخلافات على الخط فتعطل التشكيل، فيما الشعب اللبناني يعيش الفقر والجوع، واصبحت لقمة العيش بعيدة المنال عند اكثر من نصف اللبنانيين. فضلاً عن جائحة الكورونا التي تتهددنا في كل لحظة بعدما انتشر الفيروس في شكل واسع.
كل ذلك والمسؤولون اللبنانيون لا يبالون ولا يهتمون، وكأنهم يعيشون في كوكب اخر، العالم كله مهتم بما يعاني منه الشعب الا ان المسؤولين يتصرفون وكأن الامر لا يعنيهم، فيتلهون بصغائر الامور ويسعون وراء مركز وزاري وهم لا يعلمون ان كل المراكز تسقط امام حياة الشعوب. الا يعلمون ان اللبناني بات اعجز من تحصيل لقمة العيش؟ وحدهم السياسيون اصحاب الصفقات وروائح الفساد تحوم حولهم، يعيشون برغد، اما الشعب فمقهور وجائع وعلى وشك الضياع الكامل.. لذلك وجد البطريرك الراعي ان الحل هو في تدخل العالم وهذا من اساس مسؤوليات مجلس الامن الدولي لانقاذ الشعوب المقهورة، ودعا الى مؤتمر دولي لايجاد الحل.
منذ ايام عاد الرئيس الحريري من جولة عربية وخارجية زار خلالها فرنسا وعقد عشاء عمل مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وعاد الى بيروت وتوجه الى بعبدا فاستبشر اللبنانيون خيراً وظنوا ان العقد حلت، فاذا باملهم يخيب، عندما خرج الحريري من اجتماع القصر ليعلن ان الامور على حالها، وان تشكيل الحكومة بعيد المنال. فبدا واضحاً ان لبنان تحول الى ورقة على طاولة المفاوضات الاقليمية لايجاد الحلول لمشاكل المنطقة.
من هنا يمكن القول ان الامل بات معلقاً على امرين لا ثالث لهما: اما عقد مؤتمر دولي يضع يده على مشاكل لبنان ويخرجه من المستنقع الذي اسقطوه فيه، واما تدخل عربي وبالتحديد خليجي يعيد بلد الارز الى مكانه الطبيعي، وسط المجموعة العربية، وقد فتحت عودة السفير السعودي وليد البخاري من اجازة عائلية الى مركز عمله، وتحول منزله الى حركة دبلوماسية ناشطة – هذه العودة فتحت باب الامل بتحرك عربي – اوروبي وبالتحديد فرنسي بحثاً عن الحل. فهل تمتد اليد الخيرة في العالم الى انتشال لبنان، بعدما تخلى عنه مسؤولوه وساروا وراء مصالحهم الخاصة؟

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق