سياسة لبنانيةلبنانيات

فوضى شاملة ومعالجات ترقيعية والحل برحيل المنظومة الفاسدة

اللجوء الى التسعير بالدولار تدبير ساقط سلفاً وسط غياب تام للرقابة

فوضى سياسية وفوضى اقتصادية مالية وفوضى عمالية – معيشية واضرابات في مختلف القطاعات، تترافق مع اضطراب امني وقطع طرقات واعتصامات احتجاجاً على الاوضاع المتردية، وسط غياب تام للحلول وعجز رسمي عن المعالجات. بهذه الصورة الشديدة السواد يمكن وصف الحالة القائمة في البلاد.
على الصعيد السياسي تجتمع هيئة مكتب المجلس النيابي للاسبوع الثاني في محاولة لتأمين انعقاد جلسة «تشريع الضرورة» وعلى جدول اعمالها عشرات البنود. وقد وصف بانه جدول فضفاض. الا ان نصاب الجلسة غير مؤمن، لان الاكثرية النيابية ترفض التشريع في وقت يعتبر المجلس هيئة انتخابية، لا يمكنه التشريع قبل انتخاب رئيس للجمهورية. والهدف من الجلسة في حال انعقادها هو التمديد لبعض موظفي الدرجة الاولى، وهذا امر مرحب به لبعض هؤلاء الموظفين الذين اثبتوا كفاءة في تأدية واجبهم، ولكن اليس المركز الرئاسي الاول هو الاجدر بان يحظى بهذا الاهتمام؟ فلماذا لا يدعى المجلس الى جلسة مفتوحة واجراء دورات انتخابية متتالية حتى يتم انتخاب رئيس؟
رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد قال لدى قوى 8 اذار مرشح رئاسي، سيتم الاعلان عنه والعمل على اقناع الاخرين به. وترد المعارضة بالقول لماذا يعتبرون ان مرشحنا مرشح تحد ولا يكون مرشحهم هم هو ايضاً مرشح تحد؟ هذا التباعد في المواقف يسهم في تمديد امد الشغور، الى ان يلوح حل او وساطة قد تأتي من مكان ما في الخارج بعدما اثبت المجلس النيابي عجزه عن القيام بواجباته. وكانت لافتة اللهجة العالية السقف التي تحدث بها النائب جبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر في مناسبة للتيار حضرها الرئيس السابق ميشال عون، فقال لا يهددونا بالفوضى انهم يريدون فرض رئيس فاسد علينا ورئيس حكومة فاسد وحاكم مصرف اكثر فساداً ويغضبون اذا قلنا لا، لاومئة لا فنحن لا نخاف التهديد بالفوضى.
هذه المواقف تعكس صورة الوضع السياسي المتأزم، يبدو فيه افق الحلول مسدوداً بالكامل. ويمهد الجو لتفلت الدولار الجنوني المتسارع، دون اي ضوابط او حلول. وفي شهر واحد قفز من اربعين الفاً الى ما فوق الثمانين الفاً، فانعكس ذلك على حياة المواطنين، وصعب عيشهم، فاصبحت الاكثرية الساحقة من اللبنانيين غير قادرين على تأمين معيشتهم بعدما وصلت اسعار السلع والمواد الغذائية الى مستويات خيالية غير مسبوقة في تاريخ لبنان. ويعقد اليوم اجتماع في البنك المركزي لايجاد الحلول التي تبقى بعيدة المنال، لان الازمة باتت اكبر من كل المعالجات الترقيعية التي يعمل عليها المعنيون وقد اثبتوا انهم ليسوا على قدر استنباط الحلول الناجعة والفعالة فهذه المنظومة لم تتعود يوماً الاهتمام الا بمصالحها ومكاسبها. فالترقيع لم يعد يجدي نفعاً والوضع الكارثي يتطلب خطة اقتصادية مالية قادرة على معالجة هذا الانهيار الحاصل، وهذا ما لا يستطيع المسؤولون الحاليون تحقيقه. وقد اثبتوا ذلك بالممارسة. وهذا ما اوصل البلد الى الانهيار الشامل والكامل. ولا امل بعد اليوم الا برحيل هذه المنظومة والاتيان باصحاب الكفاءة القادرين على انهاض لبنان من هذا الجحيم القاتل. هذا وقد وجهت الدعوة الى النقابات العمالية والمنضوين تحت لوائها والهيئات المدنية، للاعتصام امام المجلس النيابي اليوم عند الساعة الرابعة للضغط على النواب لحملهم على القيام بواجباتهم وانتخاب رئيس، لكي ينتظم عمل الادارات الرسمية المتوقفة عن العمل بسبب الاضرابات المتواصلة في مختلف القطاعات.
يحاولون تهدئة الافواه الجائعة بسبب موجة الغلاء الفاحش الذي تجاوز كل الخطوط الحمر، بالتسعير بالدولار. ويوهمون الناس بان ذلك سيساهم في تخفيف الاعباء عنهم. والحقيقة ان المضاربين والمتاجرين بلقمة العيش والمحتكرين والتجار والقيمين على المحلات التجارية، سيرفعون الاسعار وبالدولار هذه المرة فتتضاعف الاعباء على المستهلكين، في غياب تام للرقابة التي تقتصر على التصرحيات الجوفاء التي لا طائل منها. حتى رغيف الخبز اصبح يحسب لها حساب وسط ارتفاع متواصل لسعرها. لقد اثبت هؤلاء انهم اقوى من الدولة وانهم قادرون على تنفيذ مخططاتهم دون حسيب او رقيب. باختصار لقد وصلنا الى الانهيار التام، ولم يعد ينفع الا رحيل هذه المنظومة التي فاق فسادها وعجزها عن المعالجة كل الحدود.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق