سياسة لبنانيةلبنانيات

جنبلاط يتحرك باتجاه بكركي وعين التينة طارحاً ثلاثة مرشحين للرئاسة

لماذا لا تعمل القمة الروحية في بكركي اليوم الى قمة سياسية مماثلة تتفق على رئيس للبلاد؟

يستمر مجلس النواب في التخلي عن دوره وتعطيل انتخاب رئيس للبلاد، متجاهلاً كل النداءات والضغوط التي تمارس عليه، الا انه انسحب من الدور الموكل اليه، ضارباً بمصالح الوطن وحقوق ناخبيه عرض الحائط. والتعطيل في المجلس درجات، غير انه يمكن القول ان الجميع مساهمون فيه. ففريق الممانعة دأب منذ الجلسة الاولى على الاقتراع في الدورة الاولى بورقة بيضاء ثم ينسحب لتعطيل النصاب ومنع الانتخاب. والتغييريون والمستقلون الذين يقترعون بشعارات لا دخل لها بالانتخاب، هم ايضاً معطلون. والمعارضة والمستقلون الذين لا يتفقون على مرشح واحد هم ايضاً تعطيليون واذا استمر الوضع على هذه الحالة، فان الشغور في رئاسة الجمهورية سيستمر اشهراً وربما سنوات. فهل يتحمل البلد كل هذا الترف النيابي المعيب؟
انطلاقاً من هذا الواقع تحركت بعض الكتل في مبادرات فردية، باتجاه الكتل الاخرى لتذليل العقبات وانتخاب رئيس. فمنذ اسابيع قليلة نشط رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط طارحاً ثلاثة اسماء مرشحين للرئاسة، وفي طليعتها اسم قائد الجيش العماد جوزف عون والوزير السابق جهاد ازعور والنائب السابق صلاح حنين. وبدأ اتصالاته مع حزب الله ثم مع بعض الكتل النيابية مثل التيار الوطني الحر والكتائب وغيرهما. كما زار يوم امس رئيس المجلس النيابي نبيه بري في عين التينة وطرح عليه الاسماء الثلاثة طالباً التخلي عن مرشح الثنائي سليمان فرنجية، الذي يعتبر في نظر الفريق الاخر انه مرشح طرف، وهو محسوب على الممانعة. كما زار نجله النائب تيمور جنبلاط بكركي على رأس وفد من الحزب الاشتراكي ضم النائب وائل ابو فاعور وراجي السعد، وطرح الاسماء الثلاثة عينها امام البطريرك بشارة الراعي الذي رفض حسب الوفد اختيار واحد منها، باعتبار ان البطريرك ليس طرفاً مع احد، وكل ما يهمه انهاء الفراغ وانتخاب رئيس لتستقيم الامور وتنطلق المؤسسات والادارات الرسمية. فهل تنجح هذه التحركات، وهل تلتقي الكتل النيابية حول مرشح كفوء يكون على مستوى المرحلة وينتهي التجاذب القائم؟
في هذا الوقت تعقد في بكركي اليوم قمة روحية تضم بطاركة الموارنة والكاثوليك والروم الارثوذكس والهدف منها ممارسة الضغط لحمل النواب على القيام بواجباتهم وانتخاب رئيس. انها خطوة جيدة وان كان تأثيرها ليس بالقدر الذي يعتقده البعض. وكان من الافضل لو ان البطاركة وهم المعنيون الاول بانتخاب رئيس للجمهورية جمعوا الى جانب قمتهم الروحية قمة سياسية تضم جميع رؤساء الاحزاب والكتل المسيحية واقنعوهم بالاتفاق على مرشح واحد، يصبح عندها النواب الاخرون مضطرين للسير بخيارهم. فكما ان النواب الشيعة هم الذين يتولون اختيار رئيس المجلس النيابي، والنواب السنة هم يرشحون رئيس الحكومة، كذلك فان النواب المسيحيين هم الذين يجب ان يرشحوا رئيس الجمهورية، حتى وان كان الرئيس شخصية وطنية للجميع قبل ان يكون مرشحاً مسيحياً. ومعلوم ان بكركي نظراً الى دورها الوطني، تحولت في الاونة الاخيرة الى مركز للحوار والالتقاء، بعدما تعطل الحوار في المجلس النيابي وفي المراكز السياسية الاخرى.
ماذا ينتظر النواب المعطلون حتى يعودوا عن موقفهم؟ وهل هناك كلمة سر ستصل من الخارج وتملأ الفراغ؟ ان العيون اليوم شاخصة نحو باريس حيث سيعقد يوم الاثنين المقبل الاجتماع الرباعي وربما الخماسي الذي سيضم ممثلين عن الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية وقطر وقد تنضم اليه مصر. فهل يكون هذا المؤتمر على قدر الامال المعلقة عليه ويخرج بافكار تساعد اللبنانيين على حل، ام يكون اجتماعاً شكلياً غير مثمر؟ وهل تتوسع الاتصالات لتشمل بلداناً اخرى معنية بشكل او باخر بالوضع اللبناني؟ التكهنات كثيرة، اما النتائج فلن تعرف سلفاً ويجب انتظار انتهاء اللقاء وبعدها يبنى على الشيء مقتضاه.
وفيما الازمة السياسية تراوح مكانها، تستمر الازمة القضائية الكبرى والتي لا يقل تأثيرها على الوضع العام في البلاد عن الازمة الاولى. فمن يتولى وضع حد لهذا الانقسام العمودي المدمر؟ الاتصالات قائمة ولكن السياسة كما عودت اللبنانيين دائماً تلعب دورها، وهي تمنع اي حل لا يكون مناسباً لها. فهل يسقط التحقيق في جريمة العصر، اكراماً لمصلحة هذا الطرف او ذاك، واين هي حقوق اكثر من 220 شهيداً وسبعة الاف جريح؟ العدل يجب ان يأخذ مجراه، والحقيقة ستظهر مهما طال الزمن ومهما وضعت العراقيل في طريقها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق