نظام معطل فمن يصلحه؟
دعا البابا فرنسيس الى اصلاح الامم المتحدة، وقال ان هذه المجموعة انشئت بعد الحربين العالميتين لتجنيب العالم الفظائع… الا ان دورها تراجع، وظهر ذلك خلال جائحة كورونا وحرب اوكرانيا… فهل يستجيب اصحاب الرأي والقوة؟
143 دولة رفضت الاستفتاءآت المهزلة التي اجراها بوتين في اربع مناطق اوكرانية، ايد سكانها تحت الضغط والاحتلال، الانضمام الى الدولة الغازية روسيا. خمس دول فقط ايدت الضم وبينها ايران وسوريا. اما الدول الاخرى الباقية فقد التزمت عدم التصويت. هذا يعني ان العالم كله يرفض هذا العدوان على دولة مسالمة، لم ترتكب جرماً بحق غزاتها، ولكن شهوة العظمة دفعتهم الى محاولة الاستيلاء على اراض خارج حدودهم. انها حقاً شريعة الغاب تتحكم بالعالم. والسيناريو عينه نفذته الدولة العبرية، فاغتصبت فلسطين وحولت انظارها الى الدول المجاورة، مستغلة التأييد الاميركي لها فاحتلت الجولان في سوريا وقسماً من الجنوب اللبناني، والضفة الغربية ووادي الاردن، وهي ماضية في اعتداءاتها. فما اشبه فلاديمير بوتين بنتانياهو.
هل من المعقول الا يكون في العالم آلية تردع الطامعين والمغتصبين، وتحمي المسالمين من عدوانهم؟ وهل من المعقول انه كلما خطر على بال حاكم ان يوسع مناطق نفوذه، يقدم على احتلال اراضي الغير؟ وهل من المعقول ايضاً ان يكون بامكان زعيم واحد ان يجر العالم باسره الى حرب مدمرة، دون ان يكون هناك رادع؟
من يحمي الدول المسالمة من مثل هؤلاء؟
بعد الحرب العالمية الثانية، اجتمع قادة العالم الكبار، ووضعوا آلية لضبط علاقات الدول ببعضها، الا انهم كافأوا انفسهم فابتدعوا نظام الفيتو المدمر، الذي طالما ساهم في تأجيج النزاعات ومنع احلال السلام في مناطق كثيرة. ففي كل مرة لا يلبي قرار من قرارات مجلس الامن رغبات احد الزعماء الخمسة الكبار، يعمد الى استخدام الفيتو، فيقف ضد العالم كله. ويعطل كل شيء.
في الدول دساتير تنظم الحياة، وهي قابلة للتعديل دائماً. فبالممارسة، تظهر الثغرات، فتجري معالجتها. أما حان الوقت بعد هذه العقود الطويلة، ان تتم مراجعة القوانين الدولية فتعدل وفقاً للسلام والاستقرار، ويكون الفيتو في طليعة القوانين التي يجب التخلص منها. لقد اصبح من الضروري جداً ايجاد آلية فعالة وملزمة تمنع الدول الكبرى من استغلال فائض القوة لديها، لتعيث فساداً. فتعتدي على دول مسالمة، دون اي ذنب. ان اول عمل يجب ان يكون امام النظام الجديد، وقف العدوان الاسرائيلي اليومي على الشعب الفلسطيني، والغاء المستوطنات وهي اصلاً مرفوضة من جميع الدول، والكل يدينونها، وتتم اقامة الدولتين لتعيش كل واحدة ضمن حدودها بامان وسلام. لقد اثبتت العقود الطويلة من عمر الاحتلال، ان القوة لا تأتي بالحلول، بل انها تشعل النار وتزيدها استعاراً. ويجب وقف الحرب المدمرة على اوكرانيا فوراً وانسحاب الجيش الروسي والعودة الى ثكناته، ليعود الشعب الاوكراني الى حياته الطبيعية في بلاده التي شردوه منها واخرجوه لاجئاً مقهوراً دون اي ذنب.
هل يقبل الكبار بالتخلي عن مكاسبهم وامتيازاتهم التي حصنوا انفسهم بها، فيسود الامن والاستقرار، ام انهم لا يبالون بالنزاعات، التي اذا زادت عن حدها فانها قد تجر الى حرب عالمية، ولا ننسى ان بوتين هدد منذ ايام باستخدام السلاح النووي، الذي اذا استعمل تكون نهاية العالم. فهل من عقلاء في هذا الكون، يدخلون على الخط ويضعون الامور في نصابها؟
143 دولة انتصار معنوي كبير، ولكن على الارض لا يعني شيئاً طالما ان النظام العالمي باق على حاله. والحرب على اوكرانيا مستمرة من هنا ضرورة العمل على تعديله بما يصحح الخطاء ويسد ثغرات النظام الحالي.
«الاسبوع العربي»