سياسة لبنانيةلبنانيات

انتهاء الانتخابات الاحد المقبل يفتح ملف الاستحقاقات الداهمة والمهم شكل المجلس النيابي الجديد

انتخابات المغتربين جرت بنجاح وسجلت ارقاماً عالية توقاً الى المحاسبة

ايام قليلة وتنتهي العملية الانتخابية في لبنان بعدما شغلت الناس على مدى اشهر طويلة تخللتها محاولات للتمديد للمجلس النيابي الحالي، او لتأجيل الانتخابات، عبر العمل على تعديل قانون الانتخاب، ان لجهة اقتراع المغتربين وحصر اصواتهم في نواب ستة لا يمثلونهم، او عبر الميغاسنتر في مدة غير كافية. او عبر الحديث عن حادث امني كبير الى اخر ما هنالك، الا ان جميع هذه المحاولات باءت بالفشل حتى الساعة، وسط اصرار داخلي وتشديد دولي على انجاز هذا الاستحقاق. وقد انتهت مرحلة اقتراع المغتربين على مرحلتين الاولى في الدول العربية التي تعطل يوم الجمعة، وفي الدول الاوروبية التي تعطل يوم الاحد ومعها دولة الامارات التي تعتبر يوم الاحد يوم عطلة عندها.
كيف سارت الامور خلال هاتين المرحلتين؟ لقد تميزت عملية الاقتراع بالسلاسة والهدوء، وسارت بشكل طبيعي، باستثناء بعض المخالفات البسيطة التي كانت تعالج بسرعة وبهدوء، وسط حماس لافت عند المغتربين الذين يتوقون الى التغيير، وللتعبير عن رفضهم لهذه المنظومة التي هجرتهم من بلدهم، بحثاً عن حياة كريمة، فشلت المنظومة في تأمينها لهم، فاستبدت بهم وباللبنانيين عموماً، فافقرتهم وجوعتهم ودمرت حياتهم، وكانت نسبة الاقتراع عالية ومرضية ولم يكن متوقعاً ان تبلغ هذا الحد. الا ان قرف اللبنانيين والمغتربين وتصميمهم على محاسبة هذه المنظومة دفعاهم الى التهافت الى صناديق الاقتراع. فعسى ان يتشبه بهم المقيمون، ويقوموا بواجبهم الوطني، ويحاسبوا ولو لمرة واحدة من ظلموهم.
بانتظار يوم الاحد المقبل، على امل ان تنتهي العملية الانتخابية على خير، كما جرت في دول الاغتراب، يبدأ التفكير منذ اليوم بمرحلة ما بعد 16 ايار الجاري. فهناك استحقاقات داهمة ستترتب على اللبنانيين، وبالتحديد تقع مسؤوليتها على المجلس النيابي الجديد. فهناك انتخاب رئيس لهذا المجلس وتعيين رئيس للحكومة الجديدة. وهناك المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وما يطلبانه من اصلاحات مسؤوليتها مشتركة بين الحكومة والمجلس النيابي. وبعدها يأتي استحقاق انتخاب رئيس الجمهورية.
بالنسبة الى انتخاب رئيس للمجلس النيابي، يقول المراقبون انه يستحيل تغيير الرئيس نبيه بري. ذلك ان جميع النواب الشيعة الذين سيفوزون في الانتخاب سيكونون من حصة الثنائي الشيعي. فمن اين يأتي المعارضون لعودة بري بنائب شيعي خارج المجموعة، ليرشحوه للرئاسة؟ اذاً هذا الاستحقاق محسوم. كذلك الامر بالنسبة الى اختيار رئيس للحكومة فان الاستشارات الملزمة التي يجريها رئيس الجمهورية، تحدد رئيس الحكومة. غير ان المشكلة الكبرى تبقى في تشكيل هذه الحكومة، اذ تبدأ المشادات والمحاصصات. فكل فريق يسعى الى الحصول على حصة وازنة، وعلى وزارات يسمونها سيادية واخرى ليست كذلك، ثم يختلفون على الوزارات الخدماتية، وكل ذلك ليس من اجل خدمة اللبنانيين، بل من اجل مصالحهم الخاصة وصفقاتهم ومكاسبهم، وهذا ما اوصل لبنان الى الافلاس. وقد تستمر الخلافات والانقسامات اشهراً طويلة، فيسود الفراغ وتتعطل مسيرة الدولة ومصالح المواطنين… ويذكر ان الرئيس تمام سلام امضى احد عشر شهراً يعمل على فكفكة العقد التي وضعتها الكتل النيابية في طريقه، حتى تمكن من تشكيل حكومته. فهل يمكن للبنان، وهو على هذا النحو من الانهيار، ان يتحمل اي فراغ ولو ليوم واحد؟ فالبلد والشعب في هوة سحيقة، والمطلوب الاسراع في اخراجهما منها. فهل يكون المجلس النيابي الجديد، على قدر المسؤولية، فيراعي المصلحة العامة قبل مصالحه الخاصة، ويسهل العمل امام رئيس الحكومة ليتمكن بسرعة من تشكيل حكومة متجانسة غير سياسية، فلا تكون حصصاً للسياسيين، والا ستفشل حتماً في انقاذ لبنان؟ وهل يقر المجلس الجديد القوانين التي تلبي المصلحة العامة وشروط المؤسسات الدولية لاقراض لبنان، ومساعدته على الخروج من ازمته، ام ان هذه القوانين ستنام في الادراج كما حصل مع قانون الكابيتال كونترول النائم في الادراج منذ اكثر من سنتين، ولو اقر في حينه، لما استطاع السياسيون والنافذون واصحاب رؤوس الاموال الكبيرة من تهريب اموالهم الى الخارج، وترك البلد يرزح تحت الفقر والجوع. ان كل هذه القضايا الملحة جداً، مصيرها مرتبط بشكل المجلس الجديد الذي سيبصر النور ليل 15 – 16 ايار بعد فرز صناديق الاقتراع. وعليه تقع مسؤولية انتخاب رئيس جديد للجمهورية. فان جاء على المستوى المطلوب يكون الحل سريعاً والا فالعودة الى الفراغ مرة جديدة. فان كان الشعب حقاً يريد التغيير، فليقدم بكثافة الى الادلاء بصوته التغييري، واي تقاعس عن القيام بهذا الواجب، يخدم المنظومة ويسيء الى البلاد. فحكموا ضمائركم امام صندوق الاقتراع، وفكروا بما فعله بكم الذين سرتم وراءهم وصدقتم وعودهم، فاذا بها كلها سراب. التغيير في ايدي اللبنانيين، فليقبلوا بكثافة والا فليتحملوا النتائج التدميرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق