سياسة لبنانيةلبنانيات

انتصر العدل على السياسة فمتى تنتصر الحكومة على العاملين ضدها وضد الشعب؟

لماذا لم نر بعد محتكراً او مهرباً او متلاعباً باسعار الدولار داخل السجن؟

المعركة القائمة بين العدل والطبقة السياسية مستمرة، وقد حقق القضاء، ومعه الحق، انتصاراً على المنظومة التي تقاتل بكل الوسائل لمنع العدل من ان يأخذ مجراه. فقد اصدر رئيس محكمة الاستئناف نسيب ايليا قراراً قضى برد دعوى الرد المقامة امام المحكمة ضد المحقق العدلي في جريمة تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار، الامر الذي اثلج صدور اهالي الضحايا واللبنانيين كلهم، بعد الهجمة السياسية الشرسة ضدهم وضد البيطار. وبذلك اصبح المحقق البيطار حراً في متابعة استجواب المتهمين وغير مجبر على انتظار حكم محكمة التمييز في الدعوى المقامة ضده من الوزير السابق فنيانوس. ويطالب الاهالي القاضي بيطار في الاسراع بطلب مثول المتهمين امامه وذلك لسببن: الاول هو انه بعد ايام قليلة يبدأ عقد انعقاد مجلس النواب، ويعود المتهمون الى التمتع بالحصانة والتستر وراءها. والسبب الثاني الخوف من ان يعد المتهمون هجمة غير منتظرة، في اطار الحرب الدائرة لمنع التحقيق من الوصول الى غاياته.
لماذا كل هذه الحروب ولماذا يثيرون كل هذه الضجة، طالما يقولون انهم ابرياء. فالبريء لا يخشى شيئاً. الا ان موقفهم هذا من التحقيق يدل على انهم يريدون الهروب من امر ما. هذا ما يعتقده اهالي الضحايا واللبنانيون جميعاً، فلماذا لا يبددون هذه الشكوك ويمثلون امام القاضي؟
هذا على الصعيد القضائي، اما على الصعيد السياسي والحياة المعيشية فالازمات القاتلة تلاحق المواطنين حتى باتوا عاجزين عن مواجهتها. وشر البلية هي الكهرباء التي انطفأت محركاتها، واغرقت البلاد في ظلام دامس. فاستغل اصحاب المولدات الفرصة ليفرضوا على الناس اعباء لا قدرة لهم على تحملها. وترافق ذلك مع رفع الدعم عن المحروقات دون اقرار البطاقة التمويلية، فجنت الاسعار بشكل خيالي غير مسبوق. وعلا صراخ المواطنين من كل حدب وصوب، ولكن لا حياة لمن تنادي. وهذا عائد الى الافلاس الذي تغرق فيه الدولة بعد ان نهبت اموالها وافرغت خزينتها. لقد اصبح المواطنون يدخلون الى السوبرماركت ويخرجون منه واياديهم فارغة، لانهم لم تعد لهم القدرة الشرائية التي تغطي هذه الاسعار الخيالية.
انفرجت اسارير المواطنين يوم اعلن عن تشكيل حكومة تتولى شؤونهم، واستبشروا خيراً. الا انهم صعقوا وهم يرون ان الامور سارت الى الوراء. فغابت الكهرباء نهائياً ورفع الدعم واستفحلت ازمة المحروقات، وزاد الفقر والجوع فعاد اليأس القاتل الى النفوس المعذبة. وعاود الدولار ارتفاعه.
قد يقول المسؤولون انه لم تمض سوى ايام قليلة على تشكيل الحكومة، ويجب اعطاؤها فترة سماح. فهي تنشط في كل الاتجاهات، فضلاً عن انها بدأت الاتصالات مع صندوق النقد الدولي. هذا الكلام صحيح ونوافقهم الرأي. ولكن كان على الحكومة على الاقل ان تحول دون الرجوع الى الوراء. فتبقي الدعم لفترة قصيرة ريثما تضع خطة للجم الاسعار، وتأمين التيار بالحد الادنى، وتوزيع البطاقة التمويلية لتخفف بعض الاعباء عن الناس. فبين الصحيح والخطأ خيط رفيع، وهو الذي لم تهتد اليه الحكومة بعد.
انتصر القضاء فمتى تنتصر الحكومة على المحتكرين والمهربين والمتلاعبين بلقمة عيش الفقراء، فتحاسبهم وتزجهم في السجون. في كل مرة نسمع عن كشف فضيحة ما، نتأمل خيراً، الا ان الموضوع لا يلبث ان يلفلف. هل استطاعت الحكومة ان تعتقل محتكراً او مهرباً او متلاعباً باسعار الدولار او غيره؟
ان هؤلاء محميون والكل يعلم ذلك. ولكن الحكومة هي صاحبة السلطة وعليها ان تقدم وتتحدى كل التدخلات والعقبات اياً يكن نوعها، او القائمون بها، حتى ولو ادى الامر الى المواجهة. فاستمرار الامور على هذه الحالة يضعف الدولة اكثر واكثر ويقوي العاملين ضدها خدمة لمصالحهم الخاصة. فهل تقدم الحكومة ولو مرة واحدة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق