ربحت المنظومة واسقطت البيطار فمتى يربح الشعب فيسقطها؟
مجلس الامن يدخل على الخط ويطالب بتحقيق سريع وشفاف في انفجار المرفأ
شهد يوم امس سلسلة احداث بدأت بكف يد المحقق العدلي القاضي طارق بيطار موقتاً عن ملف انفجار المرفأ، بانتظار قرار محكمة الاستئناف برئاسة القاضي نسيب ايليا. فاما ان يصدر الحكم لصالح القاضي بيطار، فيستأنف مهمته التي وصل بها بعيداً في كشف الحقيقة، واما ان يلحق بالقاضي فادي صوان الذي كفت يده بالطريقة عينها.
القرار كان له وقع سيء على الصعيد الشعبي، وخصوصاً اهالي ضحايا انفجار المرفأ، الذين يعولون كثيراً على القاضي بيطار وكشف الحقيقة. وعلق بعض المواطنين على قرار كف يد المحقق العدلي بقولهم: «لم يعد من حاجة الى تحقيق فالمذنبون دلوا على انفسهم بانفسهم». وتساءلوا هل يقبل المدعوون للمثول امام بيطار بهذا الكلام؟ فان كان غير صحيح وكانوا ابرياء، لماذا هذا الهروب؟ ولماذا لا يحضرون امام القضاء ويدلون بمعلوماتهم ويبرئون انفسهم؟
وامس دخل على الخط مجلس الامن الدولي فشدد على ضرورة اجراء تحقيق سريع مستقل وشامل في انفجار مرفأ بيروت. كما حث الحكومة الجديدة على تنفيذ الاصلاحات المعروفة والضرورية والملموسة بسرعة وشفافية، واجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة في العام 2022. ويظهر من ذلك مدى اهتمام العالم بما يجري في لبنان، وان العيون شاخصة الى الحكومة لمعرفة ان كانت قادرة على الاصلاح في ظل طبقة متشبثة بمكاسبها، واصبح من الصعب جداً زحزحتها عن اماكنها. وحده الشعب، اذا استفاق من تخديره، قادر على التغيير، غير ان الامال ضعيفة بعد الذي جرى بالنسبة الى ثورة 17 تشرين. لقد سميت ثورة وهي بما قامت به بعيدة جداً عن الثورة. ويجب ان يتعلموا كيف تكون الثورة من الذين سبقوهم من الدول العربية في هذا المجال.
اذاً يمكن التعويل على الشعب اذا استفاق في قبع هذه الطبقة السياسية، وذلك عبر الانتخابات التي تفصلنا عنها اشهر قليلة، فهل يخرج الناخبون هذه المرة من تحت العباءة السياسية وينفضونها عنهم ويحسنون الاختيار، ام ان ما كتب قد كتب، وان الامور باقية على حالها؟ الاستحقاق الانتخابي قريب وهو وحده سيجيب على هذه الاسئلة.
الحدث الثاني الذي طبع يوم امس كان الحديث التلفزيوني الذي اجري مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، والذي تحدث فيه عن زيارته الى باريس، وما جرى بينه وبين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، ثم تحدث عن الهموم التي تلاحق اللبنانيين بدءاً من الكهرباء فوعد بالعمل جدياً على حلول سريعة ومتوسطة وبعيدة، وقال انه يسعى لزيادة عدد ساعات التغذية بالتيار. وتحدث في بداية الحوار عن تبديد المليارات بالدعم الذي لم يستفد منه اللبنانيون كما تحدث عن التهريب والمعابر غير الشرعية التي مر بها المازوت الايراني منتهكاً السيادة الوطنية. الى غير ذلك من المواضيع ولم ينس المصارف واموال المودعين وقد شدد على ان الهيركات لن يطاولها.
لقد بدا الرئيس ميقاتي عاقداً العزم على العمل، وتحقيق الاصلاح. وهو بدأ يقرن القول بالفعل، ويتجلى ذلك في التحرك السريع للوزراء، والاجتماعات المتلاحقة. ولكن يبقى السؤال هل ان هذه الطبقة السياسية المتجذرة، والتي تمسك بكل مفاصل الدولة ستتركه يعمل اذا تعارض الاصلاح مع مصالحها الخاصة؟ هنا مصدر القلق ومصدر الشك في ان تفشل الحكومة. فمثلاً كيف يمكن اصلاح القضاء ليصبح مستقلاً بعيداً عن اي تدخل سياسي، بعد الذي جرى مع القاضيين صوان وبيطار؟ وما يقال عن القضاء ينطبق على قطاعات كثيرة، فاما النجاح واما ان تسقط الحكومة امام الامتحان فتزيد من يأس الناس وخوفهم على المصير. ولذلك فمن الضروري والواجب على كل لبناني ان يستعيد استقلاليته في القرار بعيداً عن السياسيين. وينتخب بما يوليه عليه ضميره اولاً، ومصلحة البلد، وعندها فقط يتحقق الاصلاح. فهل نشهد هذا الحلم ونرى هذه المنظومة وقد اصبحت خارج السلطة؟